في هذه الأثناء، برز عبد القادر بن قرينة، رئيس حركة البناء الوطني (تيار إسلامي)، كلاعب رئيسي على مسرح الدعاية الانتخابية بأسلوبه التهريجي واستعراضه الشعبوي، حيث أطلق وعودا مستحيلة وتصنع مواقف مذلة في بهدف كسب ود الناخبين.
هذا القيادي الذي كان خصما لتبون خلال انتخابات 2019، تحول اليوم إلى أشد مناصري مرشح النظام، حتى أن ظهوره الإعلامي تجاوز ظهور المترشح نفسه ومدير حملته إبراهيم مراد. حيث طفق بن قرينة يصول ويجول أرجاء البلاد حاثاً أنصاره على دعم مرشح العسكر بكل إلحاح.
وبينما يعتقد بن قرينة، الذي بات معروفا أكثر بلقب « الشيّات » (المتزلف)، أن دعمه المفرط في المبالغة سيخدم العسكر الطامح للاستمرار في السلطة من خلال منح عهدة ثانية لتبون، إلا أن الواقع يشير إلى أنه يعمّق الهوة بين الناخبين والعملية الانتخابية، إذ أن العديد من الجزائريين لا يخفون عبر مواقع التواصل الاجتماعي مشاعر الاستياء واللامبالاة تجاه هذه الانتخابات، بعد أن فقدوا الثقة في النظام السياسي برمته.
إقرأ أيضا : بن قرينة «الشيّات» يثير موجة من السخرية في الجزائر بسبب دفاعه المبالغ فيه عن النظام ومرشحه تبون
دعم انتخابي محرج
أوقعت التصريحات المتتالية على لسان مساندي تبون، خصوصا رئيس حركة البناء الوطني عبد القادر بن قرينة والأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي مصطفى ياحي، إدارة حملة الرئيس المترشح في حرج بعدما عبرت عن قلقها من سلوكيات قد تضر بالعملية الانتخابية ككل.
وتفاقمت الأمور عندما أدلى بن قرينة بتصريحات نارية خلال تجمع نسوي بالعاصمة الجزائرية، أمس الاثنين، منتقدا خصومه السياسيين وواصفا إياهم بـ »البطالين والفاشلين سياسيًا ».
وردّ بن قرينة على المترشح حساني شريف الذي انتقد ما سماها بـ »سلوكاته الغريبة » في إطار تنشيط الحملة الانتخابية، موضحا أن « بعض المنافسين قد اختاروا القاعات المغلقة؛ لأن بعضهم يخشى المواجهة المباشرة مع الجماهير في الشوارع » وفق تعبيره.
وفي الواقع، فإن المترشح تبون لم ينزل إلى الشارع ويخالط الناس كما دأب على ذلك منافساه منذ اليوم الأول من انطلاق الحملة الانتخابية، بل انه اكتفى فقط بعقد ثلاثة تجمعات خطابية داخل قاعات مغلقة ومحاطة بعناصر الجيش.
وفي اتهام ضمني للمترشح حساني، يرى رئيس حركة البناء الوطني أن غضب المواطنين في بعض البلديات كان « مبرمجا وبإيعاز » من منافسه الذي كان أنصاره يرفعون شعار « حساني رئيسا ».
وفي المقابل، رد حساني على بن قرينة واصفا أسلوبه في الحملة بـ« التهريجي »، ودعا إلى ضمان منافسة انتخابية نظيفة.
وفي هذا الإطار، انتقد عبد المجيد مناصرة، القيادي في حركة مجتمع السلم، الخطاب الذي يربط استقرار البلاد بنجاح تبون في الانتخابات، مشيرا إلى أن هذا النوع من التصريحات يضر بسمعة الرئيس أكثر مما يفيده.
وفي خضم ذلك، التحق مصطفى ياحي، الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي الموالي لتبون، بقائمة « المستفزين » للمرشحين المنافسين بعدما هيمن على خطابه « الاتزان » على مدار الحملة الانتخابية.
وأوضح في تصريح له، أنه بعد الزيارات التي قام بها حزبه على مستوى الولايات، يتوقع أن تُحسم نتائج الانتخابات الرئاسية لصالح تبون ومن الجولة الأولى. وهو تصريح أثار حفيظة إبراهيم مراد مدير حملة تبون، الذي حذر من أن هذه التصريحات قد تؤدي إلى تراجع الحماس الشعبي والمشاركة في الانتخابات.
ومع دخول الحملة الانتخابية في ساعاتها الأخيرة، يبدو أن الخلافات والتوترات بين المرشحين والداعمين قد وضعت المشهد السياسي الجزائري على صفيح ساخن. فهل ستنجح هذه الانتخابات في استعادة ثقة الشارع الجزائري، أم أن الأجواء المشحونة ستعزز من مشاعر العزوف والإحباط؟ الأيام القادمة ستحمل الإجابة الحاسمة، وقد تحدد مصير مستقبل الجزائر السياسي لسنوات قادمة.