وقد حُكم على الصحافي الفرنسي كريستوف غليز بالسجن سبع سنوات، على عكس كل التوقعات، في وقت كان معظم المراقبين ينتظرون تبرئته أو الحكم عليه بعقوبة مخففة تجنبا لتصعيد الخلاف مع فرنسا.
جاء الحكم رغم أن سلوكه، كما يقال، كان مثاليا من حيث الاعتدال والانضباط. وخلال الجلسة، قدم اعتذارا عن أخطائه، بل إنه طلب الصفح من الجزائر عنها. وهي في الواقع أخطاء بسيطة، إذ أقر بأنه دخل الجزائر بتأشيرة سياحية مثل غالبية الصحافيين، وليس بتأشيرة صحافية… والتي لم يكن ليحصل عليها بطبيعة الحال، نظرا لما يبديه النظام الجزائري من توجس وعداء تجاه الصحافيين.
لكن محاكمته تحمل قبل كل شيء دلالات سياسية.
فقضية غليز هي بالأساس محاكمة للقبائل، ولمناصري الحكم الذاتي، ولكل من يعارض سلطة الجزائر. إنها رسالة تحذيرية مضاعفة، خصوصا أن حركة MAK، التي لم تكن سوى تنظيم سياسي محدود الطابع، وذات طابع فولكلوري في بعض جوانبها، قبل أن تُصنف كـ« منظمة إرهابية » سنة 2021، تستعد لإعلان استقلال منطقة القبائل في منتصف ديسمبر، في خطوة تعتبر تحديا مباشرا للنظام.
«هذا الحكم ليس بريئا. إنه حكم سياسي، صدر عن سلطة مأزومة ترى في الهروب إلى مزيد من التشدد السلطوي مخرجا من أزمات صنعتها بنفسها.»
— كزافيي دريانكور
ويمثل الحكم أيضا رسالة موجهة إلى فرنسا ورئيسها. فالجزائر تريد أن تبقى، في خلافها مع باريس، صاحبة القرار، المتحكمة في وتيرة الزمن السياسي، والتي تختار بنفسها توقيت استئناف التعاون أو الحوار. ولا ينبغي لباريس أن تعتقد أن العفو عن بوعلام صنصال وإطلاق سراحه سيعيد الأمور إلى سابق عهدها أو سيمحو الأزمة الفرنسية الجزائرية بضربة واحدة. والأمر في بعده المباشر هو أيضا إنذار لفرنسا حتى تمنع أو تحظر تظاهرة إعلان استقلال القبائل، وأن تتجاوب مع مطالب الجزائر بخصوص تسليم من تعتبرهم محرضين مقيمين في فرنسا.
وأخيرا، يبدو أن خلف كل ذلك أهدافا تتعلق بالسياسة الداخلية الجزائرية: لماذا يجري العفو فقط عن مواطنين فرنسيين مثل بوعلام صنصال وكريستوف غليز، في حين يرفض الرئيس الجزائري العفو عن المعارضين الجزائريين الذين لا يملكون سندا دوليا أو ضغطا إعلاميا؟ لذلك كان على القضاء الجزائري، الذي يظل قبل كل شيء قضاء سياسيا، أن يظهر الحزم في قضية غليز.
هذا الحكم ليس بريئا. إنه حكم سياسي، صدر عن سلطة مأزومة ترى في الهروب إلى مزيد من التشدد السلطوي مخرجا من أزمات صنعتها بنفسها.



