رئاسيات الجزائر: المحكمة الدستورية تبعثر النتائج وتعصف بمصداقية لجنة الانتخابات

الرئيس الحالي عبد المجيد تبون، عن يساره رئيس حركة مجتمع السلم عبد العالي حساني، وعن يمينه يوسف أوشيش، السكرتير الأول لجبهة القوى الاشتراكية

في 14/09/2024 على الساعة 14:12

كما كان متوقعا، لم تأت النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية بالجزائر، التي أعلنتها المحكمة الدستورية بعد ظهر يومه السبت 14 شتنبر، بما قد يشكل مفاجأة كبيرة... بيد أن النتائج المعلنة، رغم أنها لن تغيّر من الواقع السياسي في الجزائر شيئا، إلا أنها شكلت ضربة قاصمة لمصداقية ما يسمى باللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات ورئيسها محمد شرفي.

أعلنت المحكمة الدستورية بالجزائر، اليوم السبت، عن النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية، ليوم 7 سبتمبر 2024، بعد الفصل في الطعون، مؤكدة فوز المترشح عبد المجيد تبون بـ »الأغلبية المطلقة » من الأصوات المعبر عنها، رغم تراجعه بنحو 10 نقاط عن النتائج الأولية التي اعلنتها السلطة الوطنية للانتخابات.

وقال رئيس المحكمة الدستورية، عمر بلحاج، إن تبون « تحصل على عدد أصوات بلغ 7 ملايين و976 ألف و291 صوت، وهو ما يمثل نسبة 84.30 بالمائة من الأصوات »، بينما كانت النتيجة المؤقتة قد منحته 5 ملايين و320 ألف صوت، أي 94.65 بالمئة من الأصوات.

أما المترشحان حساني شريف عبد العالي ويوسف أوشيش، فقد رفعت المحكمة الدستورية رصيدهما من نسبة الأصوات المعبر عنها، حيث تحصل الأول على نسبة 9.56 بالمائة. فيما حصل الثاني على نسبة 6.14 بالمائة.

أما نسبة المشاركة العامة فتراجعت إلى 46,1 بالمئة بدل 48 بالمئة، وبلغ عدد الأصوات الملغاة 1 مليون و764 ألف و637 صوت، حسب ذات المسؤول.

ولفت عمر بلحاج إلى أن هذه النتائج « جاءت بعد الاطلاع على الطعنين المودعين لدى المحكمة الدستورية، واللذين تم قبولهما من حيث الشكل ومن حيث الموضوع، وتم تقديمهما من طرف المترشحين عبد العالي حساني، ويوسف أوشيش، بخصوص النتائج المؤقتة للانتخابات الرئاسية، وكذا بعد الاستماع للأعضاء المقررين ومعاينة مختلف الوثائق الانتخابية، وبعد تصحيح وضبط النتائج النهائية للاقتراع ».

هذه النتائج تؤكد الفوضى التي وقعت فيها اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات. فالنظام العسكري الذي يتحكم بمفاصل السلطة ولا يتقن علم الحساب ولا يملك القدرة على ضبط الأرقام، أراد « تصحيح » النتائج المفضوحة التي أعلنتها اللجنة يوم 8 شتنبر، إلا أن محاولته فشلت، وسقط في هاوية جديدة أثارت سخرية الجزائريين.

مهزلة جديدة تثير السخرية

سرعان ما تفاعل الجزائريون مع هذه التطورات عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث عبر الكثيرون عن سخريتهم وامتعاضهم مما وصفوه بـ »المهزلة الانتخابية »، مشيرين إلى أن التزوير الواضح في الأرقام لم يحدث حتى في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.

عبر تعليق ساخر، قال الطاهر بيبراس: « إلعبوا بالأرقام كما تريدون، الأهم أن أغلبية الشعب يعرف أنها مزورة ». فيما قال آخر: « إنها أضحوكة العالم بلا منازع».

وكتب محمد عمر الجعادي تعليقا يقول فيه: " الجميع يعلم ان الأمر كله مسرحية هزلية سيئة الإخراج... الله يستر العيب... »، ليرد عليه نور الدين سيدان قائلا: " نتائج تدل على أن السوسة المدسوسة (يقصد النظام العسكري) هي سبب كل هذه المهازل، لذا وجب على شرفي الانسحاب من السلطة الوطنية لمراقبة الانتخابات ».

أما حكيم عكيلي فقد فسر العملية حسب فهمه قائلا في تعليق ساخر: " قالوا لهم (يقصد المحكمة الدستورية) وزعوا على الأرنبين قليلا من الأصوات، كعربون حسن النية وشكر للمشاركة في المسرحية ».

مصداقية لجنة الانتخابات على المحك

هذه النتائج، وإن كانت لن تغير شيئا في الواقع السياسي، فإنها تسلط الضوء على الأزمة العميقة التي تعاني منها اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات. اللجنة، التي يقودها محمد شرفي (77 سنة)، باتت في مرمى الانتقادات من مختلف الأطياف السياسية، وحتى من المرشح الفائز عبد المجيد تبون، الذي شنّ هجوما حادا على اللجنة عقب إعلان النتائج الأولية، إلى جانب غريميه حساني وأوشيش.

بذلك، يمكن القول إن المحكمة الدستورية قد أطلقت « رصاصة الرحمة » على مصداقية لجنة الانتخابات، التي باتت اليوم تواجه أصعب اختبار لها في ظل شكوك واسعة حول نزاهة العملية الانتخابية والنتائج المعلنة.

تحرير من طرف ميلود الشلح
في 14/09/2024 على الساعة 14:12