لم يعتد الجزائريون على رؤية عبد المجيد تبون وهو يصلي، منذ توليه رئاسة الجمهورية في 12 دجنبر 2019، خاصة خلال الأنشطة الرسمية في الأعياد الدينية، إذ كان يمثله طيلة هاته المدة الوزير الأول في الحكومة الجزائرية، وهو أمر ظل يقلق الجزائريين إلى درجة أن بعضهم سلّم، في محاولة لإقناع نفسه بالسبب الذي يمنع تبون من الظهور في الأنشطة الدينية، بأن الرئيس « لا يصلي ».
وشكل ظهور تبون وحاشيته صباح أمس الأربعاء في القنوات الرسمية والمواقع والصحف الحكومية وهم يؤدون صلاة عيد الفطر، الصدمة للجزائريين أكثر مما فاجأهم، بسبب الطريقة الغريبة التي أدوا بها طقسا دينيا عاديا ومعروفا كصلاة العيد.
محاكاة طقوس الملوك
بدا لكل من شاهد المقاطع المصورة لأداء الرئيس الجزائري لصلاة عيد الفطر، المحاولة الفجة من النظام الحاكم في الجزائر لتقليد مراسيم إحياء العاهل المغربي الملك محمد السادس للطقوس الدينية. فعلى غير عادة التلفزيون الرسمي الجزائري، فقد لجأ هاته المرة إلى استعمال تقنيتي البث المباشر والتصوير بـ« الدرون » لتتبع مسار موكب الرئيس عبد المجيد تبون خلال توجهه صوب « جامع الجزائر » بالمحمدية (الجزائر العاصمة)، في وقت اعتاد الجزائريون فقط على متابعة أنشطة رسمية مسجلة وموضبة.
وصفق الكثير من الجزائريين من خلال تعليقاتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لـ« الإنجاز » الذي حققه الرئيس بظهوره لأول مرة أمام الشعب وهو يؤدي صلاة العيد، مثل ما ذهبت إليه مواطنة تدعى سعدية جدي، حيث اعتبرت ظهور تبون وهو يصلي بمثابة تكذيب لمزاعم من يدعي أن رئيس الجمهورية لا يصلي، حيث كتبت تقول: " لي قالو على تبون ميصليش شوفو مليح.. ».
وعلق مواطنون جزائريون بشكل ساخر على الظهور الأول لرئيسهم بعد انقضاء « عهدته الأولى »، حيث كتب مواطن يدعى نبيل نيبو: « الحمد ولله بسيف شفناه يصلي »، للدلالة على طول انتظار المواطن الجزائري لرؤية تبون وهو يصلي. أما سامي منيخ فكتب يقول: « صلاة العهدة الثانية.. لم نره يصلي من قبل.. نفاق السياسة ».
الصلاة وراء إمامين
أكثر ما أثار استغراب كل من شاهد صلاة الرئيس الجزائري أمس، هو وجود إمامين أمام المصلين، وهو مشهد غريب عن الدول التي تتبع المذهب السني، وخاصة المذهب المالكي المعتمد رسميا في الجزائر.
وكتب أحمد أبو أيوب معلقا على صلاة الرئيس وحاشيته وراء إمامين قائلا: « الصلاة بالإمامين؟ من أين أتيتهم بهذه الصلاة التي ما أنزل الله بها من سلطان. لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. الجزائر بلد الكوارث في كل شيء ».
إقرأ أيضا : الجزائر: تبون يطلق حملته الانتخابية بارتكاب أخطاء فادحة
وتساءل مواطن آخر يدعى حمدي: « لماذا هناك إمامين يتقدمان المصلين، لم أر هذا إلا في الجزائر، هل هناك من تفسير لهذا الأمر؟؟ »، ليرد عليه رضوان أبوبكر جازما: « جامي شفت صلاة بزوج أئمة ».
وعلى غرار الجزائريين، انبرى مواطنون مغاربة أيضا في إثارة النقاش حول هاته الواقعة من خلال التقصي حول مدى صحة الصلاة وراء إمامين من عدمها. وهكذا خصص اليوتيوبر المغربي صاحب قناة َAnas Tube على منصة اليوتيوب، سلسلة حلقات يوضح من خلالها عبر شرح أحاديث نبوية تبين « عدم جواز » صلاة تبون وراء إمامين...
الجزائر تتشيّع؟
أما اليوتيوبر المغربي محمد السباعي فقد ذهب من خلال مقطع فيديو خصصه لما وصفه بـ «فضيحة صلاة تبون» إلى القول بأن الجزائر بدأت « تتشيع » لتصبح ولاية تابعة للنظام الشيعي الإيراني. وانطلق هذا اليوتيوبر من الزيارة الأخيرة للرئيس الإيراني للجزائر وكيف صلى مع مسؤولين جزائريين بلا إمام، وسرد مجموعة من القرائن التي تؤكد أن الجزائر « سائرة في التشيع »، وفق تعبيره.
مشاهد كوميدية في نشاط ديني
شكل ظهور رئيس أركان الجنش الجزائري، السعيد شنقريحة، خلال صلاة عيد الفطر، فرصة للتندر والتفكه في أوساط الجزائريين والمغاربة.
وسخر الكثير من المعلقين من الزي الرسمي الذي اختاره شنقريحة للظهور في نشاط ديني. ورصد المعلقون حجم الضيق والضجر الذي بدا على وجه شنقريحة بسبب « طول » خطبة عيد الفطر، حيث رصدته عدسات الكاميرات وهو يطل بين الحين والآخر على ساعته اليدوية، وهو ما فسره المعلقون بكون رئيس أركان الجيش لم يعتد على حضور مثل هذه المناسبات الدينية.
أما أكثر المشاهد التي أثارت سخرية المعلقين فهو استسلام شنقريحة للنوم خلال إلقاء الإمام لخطبة عيد الفطر.
نظام العجزة
ظهر كل من الرئيس عبد المجيد تبون (78 سنة) ورئيس أركان الجيش السعيد شنقريحة (78 سنة) ورئيس مجلس الأمة صالح قوجيل (93 سنة) وهم يقتعدون كراسي أثناء صلاة عيد الفطر، وهو ما أثار انتباه بعض الجزائريين إلى أن مصير البلاد نحو المجهول في ظل حكم هؤلاء العجزة.
وتساءل بعض المعلقين باستنكار عن السبب الذي جعل الإعلام الرسمي يصر على تفادي إظهار لقطة « سجود » هذا الثلاثي، حيث ترصدهم الكاميرات خلال القيام فقط وتذهب بعيدا خلال السجود، وكأنها تحاول أن تزيف الواقع من خلال إيهام المشاهد بأن حكام الجزائر مازالوا ينعمون بالصحة ويمارسون حياتهم الطبيعية مثل جميع الناس.
إن كانت هناك من فائدة لهذه الخطوة التي قام بها نظام الحكم في الجزائر لأول مرة، من خلال إظهار الرئيس عبد المجيد تبون وحاشيته وهم يؤدي نشاطا دينيا، فلن تكون سوى أن الشعب الجزائري تيقن الآن من أن من يحكمونه هم مجموعة من العجزة لا يقوون على أداء صلاة واحدة.. فبالأحرى تسيير شؤون البلاد الغارقة في الأزمات...