وقال المحامي عبد الستار المسعودي، عضو هيئة الدفاع عن العياشي زمال، إن موكله يواجه أكثر من 30 دعوى قضائية، تقدم بها مواطنون يتهمون المرشح للانتخابات الرئاسية بتزوير تزكياتهم ونسبها لصالحه، مؤكدا مقاطعة زمال لجلسة المحاكمة أمس الأربعاء، في المحكمة الابتدائية بجندوبة، وذلك احتجاجا على ظروف محاكمته .
واعتقل زمال منذ الثاني من شتنبر، وصدرت في حقه أوامر بالسجن على ذمة التحقيق من قبل عدد من المحاكم. وينفي بشكل قاطع الاتهامات وقال إنه يتعرض « لقيود وترهيب » لأنه منافس جدي لسعيد.
وتأتي هذه الأحكام في سياق مريب، حيث يؤكد محامو زمال أن هذه الدعاوى لها أبعاد سياسية، وتهدف إلى إضعاف فرصه في المنافسة على الرئاسة. فزمال يواجه أكثر من 30 دعوى قضائية موزعة على أربع محافظات تونسية، ويخضع لجلسات محاكمة متزامنة، وهو ما يراه كثيرون محاولة ممنهجة لتشتيت جهوده الانتخابية وضرب مصداقيته أمام الناخبين.
تصعيد قضائي غير مبرر
تحت شعار « نقلبو الصفحة »، أطلق زمال حملته الانتخابية من السجن، حيث تمت محاكمته بتهم تتعلق بـ »إقامة شهادة نصت على أمور غير حقيقية، واستعمال تلك الشهادة والإدلاء بشهائد مدلسة، وتقديم عطايا نقدية وعينية قصد التأثير على الناخب، ومعالجة وإحالة المعطيات الشخصية للغير دون علم المعني بالأمر ».
واعتبرت إدارة الحملة الانتخابية لزمال أن الحكم يعتبر « جزءا من حملة ممنهجة تهدف إلى تعطيل مسيرته الانتخابية ومنعه من التواصل مع التونسيين. بعد الفشل في إدانته في محكمتي تونس 2 ومنوبة، حيث تم إصدار هذا الحكم بناء على شكايات كيدية وملفات مفتعلة، وهو ما يعكس الخوف من نجاحه في الانتخابات القادمة ».
وأعربت إدارة الحملة عن « استنكارها الشديد لهذا التصعيد القضائي غير المبرر، الذي نراه محاولة لإقحام القضاء في النزاعات الانتخابية وإعاقة حق المرشح العياشي زمال في الترشح. كما نعتبره تعديا على حق التونسيين في اختيار ممثليهم بحرية ».
ودعت « كافة القوى الديمقراطية، المدافعين عن حقوق الإنسان، ومنظمات المجتمع المدني، وكذلك الهيئة العليا المستقلة للانتخابات »، إلى « التدخل العاجل لضمان تمكين المرشح العياشي زمال من حقه في مواصلة حملته الانتخابية بحرية وبقائه في حالة سراح ».
قيس على خطى تبون
الرئيس قيس سعيد (66 سنة)، الذي يواجه هو الآخر انتقادات شديدة من المعارضة، يبدو وكأنه يتبنى نفس الأسلوب الذي اتبعه مرشح النظام الجزائري في تهميش منافسيه.
ففي الجزائر، قامت السلطات القضائية بإقصاء ثلاثة مرشحين رئيسيين بتهم « الفساد الانتخابي »، بمن في ذلك رئيس حزب التحالف الجمهوري بلقاسم ساحلي وسيدة الأعمال سعيدة نغزة وعبد الحكيم عبادي. وبرغم مزاعم الفساد، يرى المراقبون أن تلك القضايا كانت مجرد وسيلة لمعاقبة هؤلاء المرشحين على « تجرؤهم » على انتقاد سياسة النظام العسكري ومرشحه.
ما يحدث الآن في تونس يُنظر إليه كإشارة إلى أن قيس سعيد قد يسعى لاستخدام أجهزة الدولة لتعزيز قبضته على السلطة في مواجهة منافسين أقوياء مثل العياشي زمال، الذي يعد واحدا من بين ثلاثة مرشحين فقط قررت هيئة الانتخابات السماح لهم بخوض الانتخابات المقررة في 6 أكتوبر 2024 إلى جانب الرئيس قيس سعيد والسياسي زهير المغزاوي.
وتشكل الاتهامات الموجهة إلى زمال، الذي ينفيها جملة وتفصيلا، جزءا من عملية أوسع قد تهدف إلى تحييد المنافسين وتشويه سمعتهم في أذهان الناخبين.
إقرأ أيضا : الجزائر: القضاء يضع ثلاثة مرشحين تحت الرقابة القضائية بدعوى «الفساد الانتخابي»
ويثير التشابه الواضح بين ما يحدث في الجزائر وتونس، تساؤلات حول مصير الديمقراطية في البلدين الجارين، في ظل استمرار النظامين في استخدام القضاء كأداة لتصفية الخصوم السياسيين تحت غطاء قانوني.
وأمام هذه التحولات، يبدو أن مسار الديمقراطية في البلدين الجارين مهدد بالانحراف عن مساره الطبيعي. وبينما تتصاعد الأصوات المطالبة بانتخابات نزيهة وشفافة، يبقى التحدي الأكبر متمثلا في قدرة النظامين الحاكمين في هذين البلدين الجارين على الاستجابة لتطلعات شعبيهما دون اللجوء إلى أساليب الإقصاء والقمع السياسي.