هكذا أحبطت إسبانيا محاولة «خشقجة» الصحفي والمعارض هشام عبود من طرف مخابرات الجزائر

هشام عبود المعارض الشرس للنظام الجزائري، وفي الخلفية رئيس الجزائر عبد المجيد تبون ورئيس أركان الجيش السعيد شنقريحة (وليد بلفقيه / Le360 )

في 21/10/2024 على الساعة 11:18

فيديوفي مشهد يعيد إلى الأذهان قضية الصحفي السعودي جمال خاشقجي، تعرض المعارض الجزائري هشام عبود لمحاولة اختطاف في إسبانيا، من طرف مخابرات النظام الجزائري. مثل خاشقجي، الذي قُتل في قنصلية بلاده في إسطنبول عام 2018 بعد انتقاداته الحادة للنظام السعودي، يواجه عبود تهديدات خطيرة على حياته نتيجة مواقفه المعارضة للنظام الجزائري. وكما أثارت قضية خاشقجي صدمة عالمية حول مدى تجرؤ الأنظمة الاستبدادية على ملاحقة معارضيها حتى خارج حدودها، تكشف محاولة اختطاف عبود عن تصعيد خطير في استهداف الأصوات المعارضة، حتى على الأراضي الأوروبية، في تجاهل صارخ للمعايير الدولية وحماية حقوق الإنسان.


بعد أربعة أيام من الخوف والقلق على مصير المعارض الجزائري هشام عبود، الذي اختفى عن الأنظار في ظروف غامضة منذ سفره يوم الخميس الماضي عبر طائرة من فرنسا إلى إسبانيا، تمكنت السلطات الإسبانية مساء الأحد من العثور على هشام عبود، الذي اشتهر بمواقفه المناهضة للنظام العسكري الجزائري، داخل فيلا ببرشلونة، حيث كان محتجزا في وضع صحي وصف بـ« الحرج » بسبب تعرضه للعنف الجسدي. وقد نقل إلى المستشفى من أجل تلقي العناية الطبية اللازمة.

وأكد الصحفي الجزائري عبدو السمار في مقطع فيديو على منصة يوتيوب، أن عبود، البالغ من العمر 69 عاما، تعرض للعنف الجسدي أثناء احتجازه، مضيفا أنه جرى تحريره بعد تدخل سريع من قوات الأمن الإسبانية، التي أوقفت أربعة أشخاص من أصل سبعة يشتبه في تورطهم في هذه العملية، بينما لم يتم الكشف عن هوياتهم أو دوافعهم حتى الآن.

ونقلت وسائل إعلام إسبانية عن مصادر مقربة من التحقيقات أن السلطات الإسبانية استعانت بجهاز مخابرات أجنبي لتتبع مكالمات هاتفية أدت إلى تحديد مكان احتجاز عبود داخل فيلا ببرشلونة.

وفي الوقت الذي يترقب فيه الرأي العام المزيد من التفاصيل حول ملابسات اختطاف عبود، يُنتظر أن يدلي المعارض الجزائري بشهادته أمام المحققين الإسبان، الذين يواصلون تحقيقاتهم لكشف كافة التفاصيل.

عبود يحكي قصة اختطافه

بث الحقوقي الجزائري أنور مالك، وهو أحد الأصدقاء المقربين من هشام عبود، مقطع فيديو يظهر فيه هشام عبود وهو يطمئن متتبعيه حول حالته الصحية بعد تعرضه لمحاولة الاختطاف، كاشفا تورط النظام الجزائري في المحنة التي عاشها خلال الأيام الأربعة الماضية.

ووعد المعارض الجزائري هشام عبود بالكشف عن تفاصيل محاولة اختطافه من طرف عناصر تابعة للمخابرات الجزائرية، وذلك خلال مقابلة مصورة ستبث على قناة أنور مالك على منصة يوتيوب خلال الساعات المقبلة.

ونشر الصحفي المغربي محمد واموسي صورة لهشام عبود وهو يستلقي على سرير طبي داخل مستشفى، مشيرا في تدوينة عبر صفحته الفيسبوكية أن « المعارض الجزائري هشام عبود، يعتزم برفقة محاميه عقد مؤتمر صحفي يميط فيه اللثام عن تفاصيل اختطافه المثير للجدل في إسبانيا »، مؤكدا أنه الآن « يخضع لعناية طبية مكثفة للتعافي من الأضرار الجسدية والنفسية التي لحقت به أثناء احتجازه داخل فيلا ببرشلونة ».

عبود، الذي يعتبر أحد أبرز الأصوات المعارضة للنظام العسكري الجزائري، هو ضابط سابق في الجيش، وعمل في أجهزة المخابرات، ما منحه إلماما واسعا بطبيعة النظام الجزائري. ومنذ سنوات، تعرض لملاحقات قضائية وتهديدات بالاعتقال، إذ أصدرت السلطات الجزائرية مذكرات توقيف دولية بحقه، واتهمته بالإرهاب.

وهزت محاولة الاختطاف هذه الرأي العام الإسباني والأوروبي، وأثارت قلقا كبيرا بين النشطاء الحقوقيين والصحفيين. فقد عكست الحادثة الخطر الذي يواجهه المعارضون حتى في الدول الأوروبية، والتي تعتبر ملاذا آمنا لهم.

وسلط الإعلام الإسباني الضوء على التكهنات التي تشير إلى تورط جهات نافذة من النظام الجزائري في عملية ختطاف المعارض الشرس هشام عبود، حيث أشارت إلى أنه كان يُخطط لنقله إلى الجزائر بطريقة غير قانونية.

وبينما تلتزم الجزائر الصمت الرسمي حول الحادثة حتى الآن، تتوقع مصادر إعلامية أن يكون لهذه القضية تداعيات دولية قد تؤثر على العلاقات بين الجزائر وإسبانيا، التي تشهد بالفعل توترات دبلوماسية في الفترة الأخيرة.

وتأتي محاولة اختطاف المعارض الجزائري هشام عبود كدليل صارخ على تجاهل النظام الجزائري الدكتاتوري للقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان. ففي وقت يعاني فيه المواطنون الجزائريون من قمع الحريات وغياب العدالة، يتمادى النظام في ملاحقة معارضيه حتى خارج حدود الوطن. هذه التصرفات تعكس حقيقة نظام لا يتسامح مع أي صوت معارض، ولا يتردد في استخدام أساليب قمعية تتنافى مع أبسط المبادئ الإنسانية.

إن استهداف عبود، الذي أفنى حياته في فضح الفساد والممارسات الاستبدادية، يوضح مدى هشاشة النظام أمام الانتقادات، ويفتح الباب أمام تساؤلات عميقة حول مستقبل الديمقراطية وحقوق الإنسان في الجزائر، في ظل تصاعد القمع واللجوء إلى أساليب وحشية لإسكات الأصوات الحرة.

تحرير من طرف ميلود الشلح
في 21/10/2024 على الساعة 11:18