في مقال تحت عنوان "أنقذوا دقلة نور الجزائرية من الكساد!"، كشفت جريدة "الشروق" الجزائرية أن فرنسا سحبت مؤخرا التمور الجزائرية من الأسواق بعدما أثبتت التحليل "احتواءها على بقايا كيميائية سامة بنسبة 400 بالمائة".
ويتعلق الأمر بتمور "دقلة نور" الجزائرية، التي كانت إلى وقت قريب تصدر إلى 25 دولة من بينها المغرب، حيث تحظى بسمعة جيدة تدفع إلى الإقبال عليها بكثرة، خاصة خلال شهر رمضان.
صفعة اقتصادية
وتسبب قرار حظر استهلاك تمور جزائرية في فرنسا ودول أخرى، بالإضافة إلى الخسائر المادية، في إثارة غضب مصدري التمور الجزائريين ضد المسؤولين على الفلاحة في البلاد، الذين حسبهم لا يحركون ساكنا لوضع حد لهذا المشكل المتواصل.
فحسب "الشروق"، فقد طالبت "جمعية مصدري التمور" الجزائرية، بضرورة الوقف الفوري لعلاج منتوجاتها بـ"المواد الكيماوية"، مشيرة إلى أن هذه الخطوة تسببت في حصار دولي على تمور "دقلة نور" الجزائرية، التي تم حظرها مؤخرا في العديد من الدول الأوروبية والأمريكية، لاحتوائها على بقايا "مواد مسمومة".
وأكدت الجريدة ذاتها أن الفلاحيين الجزائريين المتضررين من هذا الحصار، طالبوا بضرورة مراجعة المواد الكيميائية المستعملة في علاج التمور، والتي تصلح فقط لعلاج الحمضيات، كما طالبوا أيضا بتوفير مواد عضوية بيولوجية مستعملة في بلدان مجاورة، أثبتت فعاليتها في العلاج الطبيعي للتمور.
ونقلت "الشروق" عن بوسنينة مسعود، المنسق الوطني لمصدري التمور، قوله إن قرار حظر استهلاك تمور جزائرية معروضة للبيع في الواجهات الكبرى مؤخرا في فرنسا، بسبب عدم مطابقتها للمعايير الصحية، ضربة جديدة لسمعة "دقلة نور" الجزائرية، التي طالما صنعت حسبه فخر الإنتاج الوطني وحققت تحدي رفع الصادرات خارج المحروقات.
مواد مسرطنة
وأكد بوسنينة أن حظر بيع التمور الجزائرية مؤخرا في فرنسا، سبقه إرجاع كميات كبيرة من التمور من كندا وأمريكا، بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسمومة، مستغربا عدم تحرك المصالح الفلاحية لإصلاح الوضع وفتح تحقيق عاجل في القضية التي طالت أهم منتج جزائري يصدر خارج المحروقات.
وأضاف المتحدث ذاته أن سحب التمور الجزائرية من المساحات التجارية الفرنسية وتعويض الزبائن يكون على عاتق المصدرين الجزائريين الذين يتعرضون لخسائر فادحة، وهم "يدفعون ضريبة العلاج العشوائي للتمور الجزائرية بالمواد الكيميائية، رغم التحذيرات والتوصيات بتفادي هذا النوع من العلاج".
وتابعت "الشروق" موضحة أن التحاليل التي أجريت على "التمور الجزائرية"، أثبتت احتواءها على بقايا كيميائية سامة بنسبة 400 بالمائة، مشيرة إلى أن هذه التحاليل أجريت على نفقة المصدرين في أوروبا، بتكلفة بلغت نحو 80 ألف أورو، وأثبتت جميعها أن المواد المستعملة من طرف المصالح الفلاحية في علاج التمور تحتوي على بقايا سامة محظورة، وهو الواقع الذي رفض المسؤولون قبوله والتحرك لتغييره، خاصة وأن الجزائر تفتقد للمخابر الخاصة بمراقبة تأثير بقايا المواد الكيميائية على الفواكه والخضر.
وأضاف المتحدث أن جمعية المصدرين قامت بتقارير وتحاليل عميقة ودقيقة أثبتت أن المواد التي تستعملها وزارة الفلاحة لعلاج التمور صالحة للحمضيات والمواد القشرية ولا تصلح بتاتا للتمور، حيث تم استعمال هذه المواد بداية من شهر ماي 2021، ومنذ ذلك الوقت باتت دقلة نور الجزائرية مرفوضة في عديد الدول التي طالما استحسنت نوعية التمور الجزائرية ورحبت بها.
إصرار أم لا مبالاة
يبدو أن السلطات المسؤولة على القطاع الفلاحي في الجزائر لا تأبه لهذا المشكل المتواصل، الذي يسبب خسائر مادية للفلاحين والمصدرين، فحسب المنسق الوطني لمصدري التمور فإن المسؤولين في البلاد يصمون آذانهم عن سماع شكايات الفلاحين والمصدرين بضرورة إيجاد حل للمعضلة.
ولم يُعر هؤلاء المسؤولون أية أهمية لمختلف التحاليل والدراسات الدولية التي تحذر من التمور الجزائرية، وآخرها تقرير صادر عن الإدارة الفيدرالية لحماية المستهلك والأمن الغذائي الألماني، الذي كشف "احتواءها على مواد كيماوية وكذا انتشار الدود فيها"، وحذر من استهلاكها بسبب عدم مطابقتها للمعايير الصحية.
ونقل التقرير الصادر عن الإدارة الفيدرالية لحماية المستهلك والأمن الغذائي الألماني، أن التمور الجزائرية المستورة عبر بلجيكا "تحمل فيروسا خطيرا يهدد صحة المواطنين".
كما ذكر التقرير أن هذه التمور تسبب فيروس التهاب الكبد، والذي له علاقة وطيدة بالمياه العادمة التي يتم بها سقي حقوق التمر في الجزائر.
ضجة في المغرب
خلال شهر رمضان الأخير، أثيرت ضجة في المغرب بسبب الشكوك حول وجود تمور جزائرية "مسرطنة" في الأسواق المغربية، ما دفع الناطق الرسمي باسم الحكومة إلى التأكيد على أن التمور التي جرى استيرادها من الجارة الجزائر "مطابقة للمعايير الصحية المعمول بها، نافيا أن تكون سامة كما تم الترويج له أخيرا.
وكشف بايتاس ردا على سؤال حول الجدل الذي أثارته أخبار تتحدث عن ترويج تمور جزائرية فاسدة ومسرطنة، (كشف) أن عملية استيراد التمور، شأنها شأن المواد الاستهلاكية، تمر تحت مراقبة مكتب السلامة الصحية (أونسا)، وتتم عبر مراحل، تبدأ من مراقبة الوثائق والهوية ثم إجراء تحليلات على عينات من التمور للتأكد من مطابقتها للوثائق المسلمة وللمعايير الصحية.