استقبل عبد المجيد تبون، يوم الخميس 10 فبراير بالجزائر العاصمة، محمدو إيسوفو، الرئيس الأسبق للنيجر (2011-2021)، و"رائد منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية" الحالي، وهو مشروع طموح في القارة الإفريقية. وبالتحديد فبخصوص هذا الموضوع، قدم محمدو إيسوفو تقريرا خلال أعمال القمة الخامسة والثلاثين لرؤساء دول الاتحاد الإفريقي التي عقدت في نهاية الأسبوع الماضي في أديس أبابا (إثيوبيا).
لكن الغريب أن البيان الصحفي الصادر عن الرئاسة الجزائرية الذي أعلن عن هذه المقابلة لم يشر إلى الصفة الحالية لإيسوفو، المكلف من قبل الاتحاد الإفريقي بتشغيل هذه المنطقة.
كما أن وكالة الدعاية للطغمة العسكرية الجزائرية، وكالة الأنباء الجزائرية، قدمت إيسوفو على أنه "حامل رسالة" أرسلها إلى تبون الرئيس الحالي للنيجر، محمد بازوم، اقتصرت على استغلال هذه الزيارة، بهدف وحيد هو السعي لتلميع صورة الدبلوماسية الجزائرية المشوهة أكثر من أي وقت مضى. وهكذا تحدثت وكالة الأنباء الجزائرية عن مباحثات تركزت على الإرهاب في منطقة الساحل، من أجل الإيحاء بـ"الدور الذي تلعبه الجزائر في إيجاد الحلول" في هذه المنطقة. وهو الأمر الذي لم تطلبه أي دولة من دول الساحل الخمسة (مالي وموريتانيا وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد).
وأشارت وكالة الأنباء الجزائرية بالكاد إلى أجندة 2063 للاتحاد الإفريقي، والتي تعتبر منطقة التجارة الحرة القارية أحد عناصرها المهمة، لتكتب أن "الجزائر تناضل بقوة من أجل تنفيذ أجندة 2063"، بينما تعيقها من خلال سياستها العدائية ضد الجوار، مما يعني أن حدودها مغلقة مع أربع دول (المغرب وموريتانيا ومالي وليبيا) من بين الدول الست التي تشترك معها في الحدود. وتجدر الإشارة إلى أن الحدود البرية الجزائرية مع المغرب مغلقة منذ 1994، مما يجعلها أقدم حدود مغلقة في القارة الإفريقية.
في الواقع، ربما حل إيسوفو بنفسه إلى الجزائر العاصمة لمحاولة إزالة عقبة رئيسية تقف أمام تشغيل منطقة التبادل الحر القاريةـ وهي إغلاق الجزائر لحدودها البرية والبحرية والجوية مع المغرب، مما يعيق بذلك الاندماج المغاربي، أو ما يطلق عليه الاتحاد الإفريقي المجموعة الاقتصادية لدول شمال إفريقيا.
إن مهمة المساعي الحميدة لمبعوث الاتحاد الأفريقي تضع الجزائر وجها لوجه مع تناقضاتها وتسقط قناعها المتمثل في إثارة المشاكل الجهوية والقارية. لهذا السبب تم التعامل مع محمدو أيسوفو وكأنه مجرد مكلف بنفل رسالة من رئيس النيجر إلى تبون.
تعامل مهين اتجاه محمد إيسوفو، الذي ليس سوى واحد من أكثر رؤساء الدول الإفريقية السابقة احتراما في القارة وفي العالم. اشتهر هذا المناهض لبلقنة إفريقيا والمدافع عن وحدة إفريقيا، إلى جانب أنه ديمقراطي، برفضه الشديد لتعديل دستور النيجر من أجل الترشح لولاية ثالثة. فقد أعلن أنه "لا أريد أن أقوم بما اعتدنا رؤيته في إفريقيا"، وهو موقف أكسبه، في مارس 2021، جائزة مو إبراهيم، وفي نونبر الماضي، كتابا صدر عن دار النشر "أرماتان" وعنوانه "الرئيس محمدو إيسوفو، الرجل الإنساني"، والذي ألفه أدريان بوسو.
بالإضافة إلى لقب "رائد التصنيع الإفريقي"، الذي تم منحه بالاشتراك في نونبر 2020 من قبل منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية واللجنة الاقتصادية لإفريقيا وأفريكسيم بنك، تم نصب تمثال على شرفه في أكرا أمام مقر الأمانة العامة لمنطقة التجارة الحرة القارية. في نهاية الأسبوع الماضي، عندما قدم تقريره عن التقدم الذي أحرزته هذه المنطقة أمام رؤساء الدول الإفريقية، استقبل بحفاوة بالغة.
مع هذه السمعة القارية والدولية، جاء محمدو إيسوفو إلى الجزائر يوم الخميس 10 فبراير للمطالبة بإزالة العقبات التي ما زالت تعيق تشغيل منطقة التبادل الحرة القارية. والنظام الجزائري يعرف جيدا أنه يسير عكس تيار المشاريع البناءة للاتحاد الإفريقي. هذه المنظمة تصلح فقط بالنسبة للطغمة العسكرية لغرض وحيد هو فرض أجندتها العدائية اتجاه المملكة المغربية. سيكشف هذا الواقع في نهاية المطاف عن الوجه الحقيقي للنظام الجزائري، وجه عدو لدود لأي مشروع أفريقي بناء.