لقد تذكرت جبهة البوليساريو الذكريات السيئة للجزائريين من خلال اختيار اللحظة الخطأ، لحظة محنتهم، لتقديم مساعدتها لهم، في حين أنها في نظرهم هي المسؤولة المباشرة عن جزء كبير من مصائبهم ومحنهم. وهكذا، كان من الممكن استخدام مئات المليارات من الدولارات التي أنفقها النظام الجزائري على البوليساريو لتزويد البلاد بأكملها بالبنى التحتية المهمة ومنح آلاف الوظائف سنويا لشبابها، الذين يعانون اليوم من البطالة ويخاطرون بأرواحهم من أجل الهجرة إلى أوربا.
وهكذا، أمام تصاعد الأصوات المنتقدة للأموال التي تنفقها وتبددها الطغمة العسكرية الجزائرية على جبهة البوليساريو، مما أثار استياء الجزائريين، قررت قيادة البوليساريو إعادة فتات ما تحصل عليه من أحل تهدئة غضب الرأي العام الجزائري.
فقد أعلنت جبهة البوليساريو قبل يومين، أي يوم الثلاثاء 17 غشت، أنها قامت في مخيمات لحمادة بجمع التبرعات للجزائر المتضررة من حرائق الغابات الأخيرة. من خلال مجموعة صغيرة من السجاد والبطانيات والملابس المستعملة وغيرها من الأطعمة المعلبة، تؤكد جبهة البوليساريو أن الصحراويين في المخيمات قد اقتطعوا من المساعدات الدولية، التي يتم تحويل أغلبها من قبل القادة الانفصاليين وشركائهم الجزائريين، لتقديمها "إلى الشعب الذي لم يتخل عنا في أصعب اللحظات ويستضيفنا على أرضه...".
في الحقيقة هذه الفتات، التي لن يقبل بها أي ضحية جزائرية من ضحايا الكارثة عند معرفة أصلها، طبلت لها الطغمة العسكرية.
وهكذا، أعلن عضو في هذه الطغمة في تصريح لوسيلة إعلامية تابعة للجنرال نزار أمس الأربعاء 18 غشت 2021، أن "الجزائر تأثرت كثيرا بهذا العمل النبيل (من البوليساريو، ملاحظة المحرر). وبكل فرح تستقبل هذه المساعدة الرمزية التي تعتبر في نظرنا مهمة مثل كل تلك الممنوحة لنا من قبل الدول الصديقة، مثل الكويت، التي قدمت لنا سيارات مكافحة الحرائق وروسيا التي تستعد وزارة الدفاع الوطني اقتناء أربع قاذفات مائية كبيرة من طراز بيريف بي أي 200 منها في أقرب وقت ممكن".
ومع ذلك، في مواجهة الأوقات الصعبة التي مروا منها، تمكن الجزائريون من التمييز بين أصدقائهم وأعدائهم. لن يفهموا أبدا سبب تجاهل نظامهم للمساعدات الملموسة من المغرب، الذي اقترح الإرسال الفوري لطائرتي كنادير لإخماد الحرائق واسعة النطاق التي اندلعت في الجزائر. وهكذا كان من الممكن إنقاذ عشرات الأرواح البشرية وآلاف الهكتارات من الغابات، إذا تم قبول هذه اليد الممدودة من قبل المغرب. كما أنهم لن يفهموا سبب تجاهل نظامهم أيضا اقتراح الحكومة الموريتانية، التي كانت مستعدة، وفقا للصحافة المحلية، لإرسال طائرة شحن لتقديم المساعدة إلى الجزائر العاصمة.
بعدما وجدت نفسها محرجة من ردود أفعال في مواقع التواصل الاجتماعي للعديد من الجزائريين وعدم فهم سبب رفض مساعدات المغرب، قامت الطغمة العسكرية، أمس الأربعاء، عقب اجتماع للمجلس الأعلى للأمن برئاسة تبون، بإصدار بيان ذو مضمون سخيف، تتهم فيه المغرب وإسرائيل بأنهما حرضا على إشعال حرائق الغابات في البلاد وعلى ارتكاب جريمة القتل المروعة للشاب جمال بن إسماعيل، الذي قامت الشرطة الجزائرية بتسليمه عمدا لحشد من الشباب الغاضبين الذين قاموا بإعدامه وإحراقه دون أن تتدخل الشرطة.
البيان الصحفي للطغمة العسكرية الذي يتهم المغرب، دون تقديم أدنى دليل، بالوقوف وراء كل الشرور التي تكشف عجز النظام الجزائري، يمكن تفسيره على أنه محاولة لشيطنة المملكة، لتبرير عدم قبول طائرتي كنادير. إنها محاولة فاشلة ويائسة، لأن الشعب الجزائري لن ينخدع بأحابيلكم ومناوراتكم.