يقول الشيء ولكن يفعل نقيضه. بينما تعرض عبد المجيد تبون للإهانة خلال الانتخابات التشريعية التي جرت يوم أمس 12 يونيو 2021، بعدما قاطعها الجزائريون، انتهى به الأمر إلى تضخيم عدد المشاركين هذه الانتخابات. ومع ذلك، وبعد أن لاحظ نسبة العزوف شبه التام عن التوجه لصناديق الاقتراع، قال إن نسبة المشاركة لا تهمه. والأسوأ من ذلك أنه أضاف أنه حتى لو كانت أقلية صغيرة هي التي ستصوت، فسوف ينتج عن ذلك برلمان "يتعين احترامه باسم الديمقراطية".
بعد هذه الهفوات الفادحة والانزلاقات ونسبة المشاركة الذي تتراوح، في أحسن الأحوال وفقا لبعض وسائل الإعلام الجزائرية، بين 15 و18 في المائة ليلة السبت 12 يونيو، وهو أدنى معدل تم تسجيله على الإطلاق في الجزائر، وجد الرئيس الجزائري نفسه مضطرا لتعديل الأرقام، على أمل جعل هذا العزوف شبه التام للناخبين أقل إيلاما.
وهكذا، وقبل ساعتين من إقفال مكاتب الاقتراع، أمر رئيس الهيئة الوطنية المستقلة للانتخابات، محمد الشرفي، بتمديد عملية التصويت لمدة ساعة إضافية.
في هذه اللحظة بالتحديد، أعلنت الهيئة الوطنية المستقلة للانتخابات أن الأرقام المتاحة في الساعة الرابعة عصرا تعطي نسبة مشاركة في حدود 14.47 في المائة، مقابل 10.02 في المائة في الساعة الواحدة ظهرا و3.7 في المائة في الساعة العاشرة صباحا، مع الإعلان عن أن ثلاث ولايات فقط تجاوزت فيها نسبة المشاركة 30 في المائة دون أن تصل إلى 40 في المائة. هذه الأرقام رسمية، مما يوحي بأنها أقل من الواقع.
لكن كل شيء انقلب رأسا على عقب بشكل مفاجئ قبل منتصف ليل السبت بقليل. من خلال سرد أحدث الأرقام، التي وصفها مع ذلك بأنها "مؤقتة"، أعلن رئيس الهيئة الوطنية المستقلة للانتخابات بشكل غامض عن نسبة مشاركة تبلغ 30.03 في المائة. وهكذا، بحسب قوله، "تجاوزت ولايتان 74 في المائة، وأربع ولايات لديها أكثر من 50 في المائة، في حين أن 3 ولايات شهدت نسبة تتراوح بين 40 و50 في المائة و14 ولاية أخرى بين 30 و40 في المائة. كما تم تسجيل نسبة مشاركة تزيد عن 25 في المائة على مستوى 5 ولايات ونسبة تتراوح بين 20 و25 في المائة في 7 ولايات".
وتبين من خلال سرد هذه المعطيات أنه خلال الساعتين الأخيرتين من التصويت، تجاوزت 35 ولاية 20 في المائة، بينما في الساعة الرابعة عصرا، سجلت تسع ولايات فقط نسبة مشاركة تتراوح بين 20.22 و36.12 في المائة.
© Copyright : DR
ولكن على هذا المستوى، هناك سؤال يظل معلق. هل يمثل الرقم 30.02 في المائة نسبة المشاركة الوطنية (أي النسبة بين عدد الناخبين وعدد المسجلين في اللوائح الانتخابية)، أم بكل بساطة متوسط معدلات المشاركة في كل ولاية (أي نسبة النسب الإضافية للولايات مقسومة على مجموع هذه الولايات)؟
غير أن السؤال الرئيسي الذي يطرح نفسه هو معرفة لماذا، وبناء على أوامر من، مددت الوكالة الوطنية المستقلة للانتخابات مدة التصويت بساعة واحدة، عندما كانت نسبة المشاركة الرسمية في حدود 14.47 في المائة قبل ساعتين فقط من إغلاق مراكز الاقتراع ولماذا لم تعط أدنى سبب لهذا التمديد؟
في الواقع، فإن ما كان متوقعا، سواء من قبل الدوائر المقربة من السلطة أو من قبل غالبية الجزائريين المعارضين للنظام، قد تحقق بالفعل. وبالنظر إلى أن لا أحد كان يرغب في إجراء الانتخابات التشريعية ليوم 12 يونيو، باستثناء الرئيس تبون نفسه الذي تمسك بإجرائها في موعدها، فمن الحتمي أن تكون نسبة المشاركة متدنية.
وكيف يمكن أن يكون الأمر بخلاف ذلك في بلد يمر بأزمة سياسية واقتصادية واجتماعية عميقة منذ عدة سنوات، إلى جانب نظام بدون أدنى شرعية لا يستطيع البقاء على قيد الحياة إلا من خلال القمع الذي يسلطه على مواطنيه؟
منطقة القبايل هي خير مثال على هذا الوضع. مع نسبة مشاركة أقل من 1 في المائة في الانتخابات التشريعية، فإن هذه المنطقة التي تتركز فيها كل ثروات الجزائر وحيث يظل الحراك قويا بشكل خاص، فإن القطيعة بين السلطة والشعب واضحة. علاوة على ذلك، يتساءل المرء ما إذا الانتخابات ستلغى في بجاية على سبيل المثال أم لا بعد تسجيل نسبة مشاركة تصل إلى 0.5 في المائة، بينما أعلن عن أسماء 9 نواب فائزين في هذه المدينة، 8 منهم ينتمون لحزب جبهة التحرير الوطني! نفس لأمر ينطبق على تيزي وزو التي وصلت فيها نسبة المشاركة إلى 0.68 في المائة ومن الواضح أن النواب المحليين الأحد عشر معروفون مسبقا بسبب العدد الضئيل من بطاقات الاقتراع التي يجب فرزها.
الجزائر هي مثال آخر على هذه القطيعة بين السلطة والمواطنين. سجلت العاصمة الجزائرية، التي يبلغ عدد سكانها 4 ملايين نسمة، والتي تعرف حصارا أمنيا كل ثلاثاء وجمعة، نسبة مشاركة تبلغ حوالي 6 في المائة فقط. كان من الصعب تزوير نسبة المشاركة في الجزائر العاصمة، حيث كانت غالبية الصحافة الدولية حاضرة ورأت أن الجزائريين الذين ذهبوا إلى مراكز الاقتراع كانوا يعدون على رؤوس الأصابع.
خرج عبد المجيد تبون، الذي هو رئيس مزور، ويعتمد على دستور فاقد للشرعية، ومع انتخاب برلمان مكون من 407 نواب من قبل أقل من 3 ملايين ناخب، أضعف أكثر من أي وقت مضى. فهي وضعية صعبة تهدد بتقسيم المؤسسة العسكرية التي تدعمه، ويزيد من إضعاف المؤسسات التي من المفترض أنها تمثل الشعب.