أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية، في بيان صحفي نشر يوم الأحد 25 أبريل 2021، أنها قامت بتفكيك "خلية إجرامية متكونة من منتسبين للحركة الانفصالية ماك متورطين في التخطيط لتنفيذ تفجيرات وأعمال إجرامية وسط مسيرات وتجمعات شعبية بعدة مناطق من الوطن، بالإضافة إلى حجز أسلحة حربية ومتفجرات كانت موجهة لتنفيذ مخططاتها الإجرامية، تم الكشف عن الإعداد لمؤامرة خطيرة تستهدف البلاد من طرف هذه الحركة".
ووفقاً لهذا البيان الصحفي، فإن هذه الخطط المزعومة كشفت عن "تورط عدة عناصر منتمية للحركة الانفصالية تلقت تدريبات قتالية في الخارج وبتمويل ودعم من دول أجنبية".
ولمعرفة المزيد عن المقصود بكلمة "أجنبي"، التي تظهر مرتين في هذا البيان العسكري، يكفي الاطلاع على الصحف المقربة من أجهزة المخابرات الجزائرية. وبهذه الطريقة نعرف أن حركة "ماك" عقدت تحالفا مع حركة "رشاد" الإسلامية الجزائرية، بمباركة السلطات التركية. حتى لو كان المغني والفنان فرحات مهني الذي يقود حركة "ماك" والذي اتهم في الماضي بأنه علماني، بل وحتى ملحد، فإنه هذه المرة يتهم بالرغبة في "أسلمة القبايل". ومن أجل ذلك، يتم الترويج لرواية مفادها أنه بتمويل من فرنسا وبريطانيا، يشتري عضو سابق في الجبهة الإسلامية للإنقاذ أسلحة في ألمانيا لصالح حركتي "رشاد" و"ماك"، ثم يتم إرسالها في ما بعد إلى المغرب حيث تتدرب عناصر حركة "ماك".
من خلال ما يسميه البيان الصحفي "مؤامرة خطيرة تستهدف الجزائر"، تتهم الحركة بالسعي إلى تفجير "حرب أهلية" جديدة، على أساس "اعترافات "مناضلها" ح. نور الدين لأجهزة المخابرات العسكرية التي تحقق في الأمر منذ نهاية مارس.
وتجدر الإشارة إلى أنه بعد أيام قليلة فقط من تعيين اللواء محمد الصالح بن بيشة، أمينا عاما جديدا لوزارة الدفاع، في 15 مارس، خلفا للواء عبد الحميد غريس، تم القبض على خمسة أشخاص في الجزائر العاصمة واتهموا بمحاولة ارتكاب أعمال إرهابية ضد…متظاهري الحراك. تم الإفراج عن أربعة منهم ووضعهم تحت المراقبة القضائية، في حين ظل الخامس، الذي يدعى ح. نور الدين، وهو الذي أدلى بـ"اعترافات" بشأن حركة "ماك" بعد أكثر من شهر من اعتقاله، بين أيدي المديرية العامة للأمن الداخلي برئاسة اللواء عبد الغني الراشدي.
هذه الاعترافات تذكر باعترافات "أبو دحداح" على التلفزيون الجزائري العمومي، أو القرارات الخرقاء للنظام خاصة مشروع قانون سحب الجنسية من المعارضين الجزائريين في الخارج، ومذكرات التوقيف الدولية بحق هؤلاء المعارضين أنفسهم ولم تأخذها أي دولة في العالم بعين الاعتبار... إنها محاولات للإلهاء، حيث تحاول السلطة، التي تتظاهر بالرغبة في حماية الحراك "المبارك"، أن تجد طريقة لسحقه.
لكن ليس من المستبعد أن يكون هدف محاولة الإلهاء الجديدة للنظام العسكري هو تحويل انتباه الجزائريين عن التدبير الكارثي لفضيحة زعيم البوليساريو، إبراهيم غالي، الذي تبين أنه نقل إلى مستشفى في إسبانيا بشكل سري، تحت هوية مزورة تحت اسم محمد بن بطوش وجواز سفر جزائري (دبلوماسي). ومع ذلك، في الوقت الذي يتهم فيه الانفصاليون الجزائريون بالإرهاب، يتمتع القادة الانفصاليون الصحراويون بنفس الاعتبار الذي يتمتع به الرئيس الجزائري (طائرة طبية والعلاج في الخارج وجوازات سفر ديبلوماسية و... الإفلات من العقاب).
كل هذه المناورات التي تقوم بها السلطة الجزائرية هي في الواقع أعراض للأزمة الخطيرة متعددة الأوجه التي تمر بها البلاد، التي تعاني من نقص وارتفاع أسعار المنتجات الأساسية، وإضرابات عمال البريد، وأعوان الحماية المدنية والأساتذة... البلاد توجد على شفا الانفجار والسلطات غير القادرة على التعامل مع الأزمة، أطلقت حملة في جميع وسائل الإعلام الموالية للنظام لمطالبة الجزائريين بتناول كميات أقل، بدعوى أن آلاف الأطنان من المواد الغذائية ترمى في صناديق القمامة. بالنسبة للسلطات الجزائرية، إذا ارتفعت أسعار الضروريات الأساسية، فهذا خطأ الجزائريين الذين لديهم عيون أكبر من بطونهم. ومع ذلك، فإن هذا النظام يعرف أنه إذا كان هناك شيء واحد يريد الناس إلقاءه في صناديق القمامة، فهم الجنرالات أنفسهم، كما يتضح ذلك من الشعارات التي يرفعها المتظاهرون الجزائريون كل أسبوع.
إن محاولة شيطنة حركة "ماك" هي جزء من نفس الاستراتيجية التي تدعو الجزائريين إلى التقليل من ملء صناديق القمامة. وزارة الدفاع الجزائرية، التي من المفترض أن تكون واقعية ودقيقة وعقلانية هي بصدد تحويل نفسها إلى جهاز تآمري. تتهم كل شيء دون تقديم أي دليل مادي. وهذا يدل على درجة الاضطراب التي توجد في صفوف الجنرالات.
علاوة على ذلك، رد مؤسس الحركة، فرحات مهني، على بيان وزارة الدفاع الجزائرية ورفض بشكل قاطع الاتهامات الغريبة بالإرهاب وتحدى النظام الجزائري أن يقدم دليلا على اتهاماته. وذكر أن الحركة هي حركة سلمية وحذر من أي عمل عنيف في المستقبل ينسب إلى القبايل، في حين أنه من عمل الطغمة العسكرية.
يوجد النظام الجزائري في طريق مسدود. الانتخابات التشريعية التي أرادها الرئيس غير الشرعي عبد المجيد تبون، كحل للأزمة التي تمر بها البلاد، لا تثير اهتمام الجزائريين. يصرخ الحراكيون بصوت عالٍ: "لا انتخابات مع العصابات". وإدراكا منه لقلة الحماس ليس فقط لدى الشعب بل أيضا لدى المرشحين ذوي المصداقية لانتخابات 12 يونيو المقبل، أصدر الرئيس تبون، الأربعاء الماضي، أمرا يقضي بتمديد أجل تقديم الملفات حتى يوم الثلاثاء 27 أبريل، بدلا من الخميس 22 أبريل. هل فزاعة أعمال العنف، التي تلوح بها وزارة الدفاع، مقدمة لتأجيل هذه الانتخابات التي ستعرف نسبة امتناع قياسية؟
على أي حال، فإن النظام الجزائري في طريق مسدود لدرجة أنه لم يعد يدرك أنه أصبح أضحوكة للتمثيليات الديبلوماسية الأجنبية. لم يمر أسبوع دون أن يسمي دولة المغرب أو تركيا أو فرنسا، وهي "القوة الأجنبية" باعتبارها مسؤولة عن الحراك، ونقص زيت المائدة، وارتفاع أسعار البطاطس وسمك السردين. اليوم، يريد هذا النظام تحويل المعارضين المسالمين إلى إرهابيين. لا أحد يصدق هذه الرواية حتى الجنرالات أنفسهم.