الإذلال الرهيب الذي تعرض له أحمد أويحيى يؤشر على غياب ثقافة الدولة لدى الجزائر

أويحيى مصفد اليدين ومحاطا بعشرات من عناصر الدرك

أويحيى مصفد اليدين ومحاطا بعشرات من عناصر الدرك . DR

في 26/06/2020 على الساعة 17:06

هذه المرة، يقدم أحمد أويحيى رغما عنه صورة سيئة للغاية للنظام الجزائري. فبعد أربعين سنة من الخدمات التي قدمها لبلاده، تم إظهار هذا المسؤول الكبير في الدولة للرأي العام المحلي والخارجي في وضعية مهينة للغاية لا يمكن إلا لنظام وحشي أن يسمح بها.

فيوم الاثنين الماضي، أشعل الوزير الأول الجزائري السابق أحمد أويحيى مواقع التواصل الاجتماعي وتناقلت تلفزيونات العالم صوره وهو يحضر جنازة شقيقه المحامي. فقد ظهر مصفد اليدين، محاطا بعشرات من عناصر الدرك. بعض هذه العناصر، التي كانت مدججة بالأسلحة، كانت تحكم القبضة على هذا الشخص السبعيني، القصير القامة، الذي كانت تبدو عليها علامات الخوف.

منظر لم ير مثله قط في أي مكان. باستثناء في الجزائر، بحيث لا يمكن أن نتفاجأ بمثل هذه الصور التي هي في نفس الآن مذلة وغير عقلانية. صور رجل سياسي خدم الجزائر لأكثر من أربعين سنة، إذ تحمل مسؤولية الوزارة الأولى خلال ولاية رئيسين للبلاد (عبد العزيز بوتفليقة وليامين زروال)، وهو أيضا زعيم حزب سياسي مهم (التجمع الوطني الديمقراطي)، وكان أيضا ديبلوماسيا سابقا... ولكنه تم إظهاره للعالم أجمع وكأنه مجرم خطير.

في الحقيقة، لم نر إلا صورة أخرى، صورة. صورة أكثر بشاعة لنظام جزائري متداع ولبلاد تعاني بشكل مثير للشفقة من غياب عمق الدولة. صورة أويحيى تظهر أنه في الجزائر تفتقد هذه القاعدة التي تبنى عليها الأمم، كبيرة أو صغيرة: ثقافة الدولة. وكيف يمكنها أن تمتلك تلك الثقافة والحال أن البلاد هي رهينة بيد عصابات تتقاتل منذ استقلال البلاد من أجل تصفية الحسابات التي لا نهاية لها.

إذا كان النظام الحالي، الذي يطلق على نفسه "نظام جديد"، يريد الإيهام بأنه بصدد إحداث قطيعة مع ممارسات العصابات والمافيات التي كانت سائدة في الماضي، من خلال إهانة أويحيى، فإنه في حقيقة الأمر برهن على العكس. إن الحالة الذهنية التي تهيمن اليوم هي أن الأمر يتعلق بعصابة تصفي حساباته. عصابة تتحكم في تصرفاتها ردود الأفعال وليس العقل والتفكير. إنها جماعة أظهرت أن العشائرية أصبحت طريقة للحكم. 

الجماعة الحاكمة الحالية لم تقدر ربما التبعات الوخيمة للتعامل المهين الذي تعرض له أحمد أويحيى. فالصور صدمت حتى ممثلي سفارات الدول حتى تلك التي تعتبر الأقرب إلى النظام الجزائري. وحتى داخل الحكومة، ارتفعت أصوات التي تخف استيائها من هذه الطريقة التي تم التعامل بها مع أويحيى.

ففقدان الثقة أصبحت هو الشعار داخل الأوساط العليا للإدارة الجزائرية، ومن المستبعد أن تشمل حتى الجيش، حيث نفس الممارسات تقريبا تستهدف بعض الجنرالات الذين يكونون ضحية حرب الجماعات المتناحرة داخل صفوفه.

لقد أبان النظام الجزائري، من خلال إظهاره لمسؤول سابق في الدولة وكأنه وحش، أن لا شيء يميزه عن نظام دولة مارقة وحشية. هذا السلوك الخسيس وغير العقلاني اتجاه وزير أول سابق يظهر أنه يجب على المرء أن يكون حذرا من ردود الفعل المرضية للنظام الجزائري. ينبغي على المغرب أن يستعد ويتوقع كل شيء من بلد لا تتحكم في قراراته وتصرفاته ثقافة الدولة.

تحرير من طرف محمد ولد البواه
في 26/06/2020 على الساعة 17:06