وخلقت هذه الإصابات الجديدة حالة من الارتباك لدى السلطات الصينية التي كانت قد نجحت، بفضل قيود العزل والحجر الصحي الاستباقية التي اعتمدتها، في وقف انتشار المرض. وتصاعدت المخاوف من أن يتسبب المصابون الوافدون على البلد من الخارج وحاملو أعراض المرض في موجة ثانية للعدوى بالفيروس، وسط دعوات ونداءات متكررة، لاسيما في مواقع التواصل الاجتماعي، بضرورة الإبقاء على القيود الصارمة على تنقل الأفراد وتأخير استئناف العمل والإنتاج بالمصانع.
وتنامت حدة هذه المخاوف بعد الإبلاغ يوم السبت الماضي عن خمس حالات محلية جديدة من حالات "كوفيد-19" في مقاطعة غوانغدونغ جنوب الصين، التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 115 مليون نسمة، من بينها حالتا طفلين في الثالثة والثامنة من العمر.
وأول أمس الأحد، سجلت غوانغدونغ، التي تعرف باسم البوابة الجنوبية للصين، سبع حالات إصابة وافدة على المقاطعة، حالتان من المملكة المتحدة واثنتان من كندا وحالة واحدة من كل من الولايات المتحدة وكمبوديا والنيجر. وسجلت المقاطعة حتى يوم الأحد 172 حالة إصابة وافدة من الخارج.
وأمام هذه البيانات التي تنذر باحتمال اندلاع موجة ثانية من العدوى بالفيروس، وعدت السلطات المحلية بمواصلة تفعيل الاجراءات الاحترازية التي تشمل حاليا اختبارات الحمض النووي وفرض حجر صحي لأسبوعين على جميع الوافدين من الخارج. كما قررت، أمس الاثنين، رفع مستوى الإنذار في ثلاث مناطق من منخفض الى متوسط، عقب ورود تقارير عن عدد من الحالات الوافدة في الأسابيع القليلة الماضية.
ويتعلق الأمر بمنطقتي يوكسيو وباييون في قوانغتشو، عاصمة غوانغدونغ، ومنطقة باوان في شنتشن الاقتصادية الخاصة.
وحرصت لجنة الصحة بمقاطعة غوانغدونغ اليوم إلى طمأنة الصينيين بأن جهود مكافحة "كوفيد-19" لم تنته بعد، وأن الادارات المعنية مدعوة الى عدم التراخي وتشديد اليقظة . ودعا تشونغ نان شان الخبير بالأكاديمية الصينية للهندسة، سلطات غوانغدونغ إلى اتخاذ اجراءات أكثر فاعلية من قبيل التنسيق مع نظرائهم الأجانب للبحث في سبل الوقاية من العدوى ومكافحة الوباء من مصدره.
وقال، في تصريحات صحفية، إن بعض المقاطعات تعتقد أنه تم السماح للأفراد القادمين الى الصين من دول لم تشهد انتشارا واسعا للفيروس، بالقيام بترتيبات السفر والحجر الصحي الخاصة بهم، بيد أنهم ربما كانوا ناقلين صامتين للمرض.
وكانت السلطات الصينية قد أعلنت، الشهر الماضي، عن تخفيف قيود السفر في البلاد وخاصة إلى مقاطعة خوبي، بؤرة تفشي فيروس كورونا، بعد تراجع حاد في عدد الإصابات بالفيروس. كما أغلقت جميع المستشفيات المؤقتة في مدينة ووهان، التي انطلق منها الوباء وانتشر في أزيد من 90 بلدا حول العالم تقريبا، وأدى إلى وفاة أزيد من 75 ألف شخص وإصابة حوالي مليون و356 ألفا.
وسارعت السلطات الصينية أيضا إلى الاعلان عن استئناف العمل والإنتاج في أكثر من 90 في المئة من المؤسسات الصناعية الأساسية في معظم أنحاء البلاد، باستثناء المناطق الأكثر إصابة بفيروس كورونا الجديد، بهدف تجنيب البلاد واقتصادها التداعيات السلبية للوباء.
لكن وانغ شينخوا، رئيس جامعة غوانغتشو الطبية، قلل من أهمية خطورة الحالات الجديدة التي تم الابلاغ عنها مؤخرا في المقاطعة، وقال إن "الوضع الحالي لا يدعو إلى القلق".
وأوضح وانغ أن "مقاطعة غوانغدونغ هي البوابة الجنوبية لبلادنا، وأن العاصمة غوانغتشو تعد مركزا ملاحيا دوليا"، مشيرا إلى أن معظم هذه الحالات لها صلة بالعدوى الوافدة من الخارج، والتي بلغ مجموعها في المقاطعة 172 حالة.
وأضاف "ليس من المستغرب أن تظهر تلك الحالات هنا بالنظر الى الطابع الدولي للمنطقة، ولكن إذا تم فرض تدابير وقائية صارمة، فلا ينبغي أن يكون لها تأثير كبير على محاولات إعادة تحريك عجلة الاقتصاد".
وفي خضم ارتفاع حالات الإصابة الوافدة على البلاد، فرضت الصين قيودا صارمة على الوافدين الأجانب، وقلصت عدد الرحلات الجوية الدولية إلى رحلة واحدة في الاسبوع، كما أمرت بوضع كل وافد على البلاد تقريبا تحت الحجر الصحي لمدة أسبوعين.
وسمحت هذه الضوابط الصارمة للصين بتسجيل حصيلة يومية خالية من أي وفاة ناجمة عن فيروس كورونا، اليوم الثلاثاء، في سابقة في هذا البلد منذ بدء الإعلان عن عدد الضحايا اليومي لوباء "كوفيد-19" في يناير الماضي.
وكانت الصين، التي أبلغت عن ظهور فيروس كورونا للمرة الأولى في نهاية دجنبر الماضي في مدينة ووهان (وسط)، قد أعلنت عن تسجيل أول وفاة ناجمة عن الفيروس في 11 يناير الماضي، ليصل مجموع الوفيات منذ ذلك التاريخ إلى اليوم إلى 3331 حالة، فيما بلغ مجموع الاصابات 81 ألفا و740 مصابا.