هل كل ما كان يخشى في البداية من وقوعه (لا قدر الله) سيقع بالفعل؟ الأخبار الآتية من الجزائر لا تبعث على الاطمئنان. الصور التي أذيعت بسرعة من قبل التلفزة الجزائرية العامة للويزة حانون (الأمينة العامة للحزب العمالي) منذ حوالي أربعة أيام وهي تصعد أدراج المحكمة العسكرية ببليدة من أجل الاستماع لها من قبل قاضي عسكري، قبل أن تنشر مثل النار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي.
هذه الطريقة التي عوملت بها زعيمة حزب العمال كان مخططا لها بإحكام في دهاليز القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي من أجل خلق أجواء من الترهيب لدى الطبقة السياسية. فالجنرال-الرئيس، قايد صالح، يريد أن يعاقب هذه الطبقة لفرضها لمقترح "الحوار" مع بنصالح في أفق إجراء الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها يوم رابع يوليوز المقبل.
حاول قايد صالح بدون جدوى أن يوهم بأن "القضاء سيد نفسه ومستقل" وبأن هذا القضاء لا يشتغل بمنطق التعليمات، وكل المؤشرات تؤكد بأن عملية "مطاردة الساحرات" هي من تخطيطه. إنه لا يتوانى على استغلال كل الوسائل من أجل الحفاظ على السلطة، بما في ذلك القضاء العسكري من أجل تخويف السياسيين الذين "أخطأوا" لكونهم "لم ينخرطوا" في لعبة المافيا...
يوم أمس، قام الجنرال-الرئيس باعتقال "صديق السلاح" الجنرال بنحديد الذي قدم أمام المحكمة المدنية بسيدي امحمد بالجزائر العاصمة. تهمته الوحيدة هو الرسالة التي بعث بها مؤخرا إلى قايد صالح من أجل تذكيره بأن دور الجيش يجب أن ينحصر في الثكنات وبأن يبقى بعيدا عن اللعبة السياسية. لهذا السبب فقط، اتهم بمحاولة "زعزعة استقرار الجيش"!
هذه التهمة الخطيرة تذكر، مع مراعاة الفارق، بالأفعال المنسوبة مؤخرا من قبل سعيد بوتفليقة إلى الرئيس السابق لدائرة الاستعلام والأمن، الجنرال توفيق، وذراعه الأيمن السابق الجنرال عثمان طرطاق.
بلجوئه إلى هذه الاعتقالات، يحاول رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، قايد صالح، أن يعطي الانطباع (الخاطئ) بأنه يتفاعل مع مطالب الشعب، في حين أن هدفه الحقيقي هو التخلص من ثلاث عقبات تعترض طريقه من أجل تعزيز سلطته، بمباركة من 20 جنرالا على الأقل من بينهم قائد أركان الدرك، بلقصير.
هناك مؤشر أخر أكثر خطورة. الجنرال قايد صالح يضرب بعرض الحائط الشعار الذي رفع خلال التظاهرات ضد النظام منذ بدايتها في 22 فبراير الماضي وهو شعار "جيش، شعب، خاوة خاوة". فقد سجلت مؤخرا عدة اعتقالات في صفوف المتظاهرين. سبب الاعتقال: رفع لافتات تدعو إلى رحيل الجنرال قايد صالح!
وفضلا عن ذلك، فإن صحفيين بالتلفزة تم إيقافهم عن العمل، "جريمتهم" الوحيدة أنهم عبروا عن "تضامنهم" مع هذا المطلب الذي أصبح يرفع الشعب الجزائري برمته أو على الأقل أغلبيته: رحال الجنرال قايد صالح!