رغم تحقيق هذه البرامج نسب مشاهدة عالية، إلا أنها تواجه انتقادات حادة من الجمهور والمتخصصين على حد سواء، خاصة فيما يتعلق بتأثيرها على الشباب واحتمال تعارضها مع العادات والتقاليد المغربية.
تقوم برامج مثل « قسمة ونصيب » و »Love Is Blind Habibi » على تصوير المشاركين في مواقف حميمية، حيث يظهر الشبان والشابات بمستويات كبيرة من التحرر والانفتاح على الشاشة، مما يعرض حياتهم الشخصية والعلاقات العاطفية بشكل غير معتاد بالنسبة للجمهور العربي عامة، والمغربي خاصة.
وقد أثار هذا التحرر الجريء الكثير من الجدل، حيث يرى بعض المتابعين أن هذه البرامج تعزز من قيم تتعارض مع الثقافة المحافظة للمجتمع، بينما يرى آخرون أن الأمر يمثل حرية شخصية ويعكس جوانب من التطور الاجتماعي.
في هذا السياق، تحدث الدكتور محسن بنزاكور، الباحث في علم النفس الاجتماعي، في تصريح لـLE360 عن كيفية استغلال الإعلام لحميمية الناس ورغبتهم في التعارف لتحقيق الأرباح. حيث تساءل: « إلى أي حد يمكن للإعلام استغلال حميمية الناس وحاجتهم للتعارف لتحقيق الربح المادي؟ وما مدى استعداد الأفراد للتضحية بخصوصيتهم من أجل الظهور على الشاشة؟ »
وأكد بنزاكور أن هذا الإشكال قائم منذ فترة طويلة، حيث يهدد تأثير وسائل التواصل الاجتماعي وبرامج تلفزيون الواقع صميم الحميمية الإنسانية. واستعرض غايات العلاقات التي تظهر في هذه البرامج، متسائلاًعما إذا كانت هذه العلاقات تستطيع تأسيس روابط قائمة على المسؤولية، مشيرا إلى الدور الحيوي للأسرة في بناء مجتمع ملتزم ومستشرف للمستقبل.
وأوضح بنزاكور أن هذه العلاقات غالبا ما تفتقر إلى الأسس العميقة التي تشكل العائلة، مثل الحب والمسؤولية، وقد تكون مجرد نزوات عابرة قد تؤدي إلى الانفصال في نهاية المطاف.
وأشار النحدث نفسه إلى أن هناك انقساما واضحا في المجتمع المغربي، حيث يعبر العديد عن اعتراضهم على المفاهيم التي تتعارض مع القيم المغربية، ومع ذلك يتابعون هذه البرامج بشغف، مما يعكس صراعا داخليا حول الهوية الثقافية.
وأكد الدكتور محسن أن المجتمع المغربي يعيش في مرحلة انتقالية، تتطلب تقييما مستمرا للقيم والعادات. وأضاف: « ويظل السؤال المطروح: ما مدى قدرة المجتمع على الصمود أمام التأثيرات الليبرالية المتزايدة؟ » محذرا من أن المبادئ قد تنهار أمام إغراءات الشهرة والمال.