بعد بيغاسوس.. برنامج تجسس جديد لا أحد يتحدث عنه

بريداتور وبيغاسوس

بريداتور وبيغاسوس . DR

في 16/02/2022 على الساعة 07:30

اكتشاف بريداتور، وهو برنامج تجسس آخر خطير مثله مثل بيغاسوس، من قبل مختبر "سيتيزن لاب" (Citizen Lab) في دجنبر 2021، لم يثر نفس الضجة الإعلامية في أوروبا. هل يتعلق الأمر بالرغبة في تجاهل الأمر أم بأمر آخر؟ على أية حال، فإن هذا الكيل بمكيالين في التعامل مع هذا الموضوع يثير العديد من الأسئلة.

بعد أشهر فقط من اندلاع قضية بيغاسوس، وهو برامج للتجسس طورته شركة إن إس أو الإسرائيلية، نشر مختبر "سيتيزن لاب"، وهي مجموعة بحثية في جامعة تورنتو متخصصة في التحقيقات بشأن برامج التجسس، دراسة جديدة في دجنبر 2021 حول وجود برنامج تجسس آخر خطير، يسمى بريداتور.

وبينما ثارت حملة إعلامية غير مسبوقة بشأن واحدة من أكبر فضائح التجسس الرقمي في هذا العقد -بيغاسوس-، والتي اقتصرت على مجموعة مختارة، من الواضح أنها ليست شاملة، من 11 دولة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك المغرب، البلد الرئيسي المذكور من قبل وسائل الإعلام الفرنسية في هذه القضية، لم نسمع أي شيء تقريبا بخصوص بريداتور.

ومع ذلك، فإن هذه القضية الجديدة تتوافر فيها جميع العناصر لتتصدر عناوين الصحف. يتعلق الأمر بمعارضين للأنظمة التي يتم تقديمها على أنها قمعية، وتجسس على المنشقين، وسرقة بطرقة معقدة لبيانات الهاتف المحمول...الكثير من العناصر التي استخدمتها بعض وسائل الإعلام للترويج لقضية بيغاسوس.

وقد بنى الباحثون الكنديون هذه الدراسة الجديدة بالفعل على تحليل الهواتف المحمولة لمواطنين من دولة شرق أوسطية. وأكد "سيتيزن لاب" أن الهاتف المحمول الخاص بأحدهما اخترق بواسطة بريداتور وبيغاسوس. اختراق مزدوج غير مسبوق بواسطة برنامج التجسس بريداتور الذي طورته شركة سيتروكس (Cytrox) وبيغاسوس الذي طورته شركة إن إس أو، "اللذين استغلا من قبل زبونين حكوميين مختلفين"، كما تؤكد المجموعة البحثية.

"هل برنامج التجسس الجديد أقل قوة أو ضررا من بيغاسوس؟"، هذا السؤال يطرح بحدة بخصوص الصمت المريب الذي التزمته وسائل الإعلام الغربية بعد نشر تقرير "سيتيزن لاب" الجدي. الجواب لا بطبيعة الحال. فبريداتور هو في نفس قوة وخطورة بيغاسوس ويعد المنافس الرئيسي له في السوق العالمية. والفرق بينهما والذي من شأنه أن يبرر الصمت المريب الذي تسود الصحافة، هو العلاقات الموجودة بين بريداتور وأوروبا.

من يحرك خيوط بريداتور؟

إذا كان تحليل أنترنت خوادم برامج التجسس بريداتور قد مكن من إيجاد "زبناء محتملين لبريداتور في أرمينيا ومصر واليونان وإندونيسيا ومدغشقر وعمان والمملكة العربية السعودية وصربيا"، فإن "سيتيزن لاب" حققت بالموازاة مع ذلك بشأن شركة "سيتروس" التي طورت هذا البرنامج، والموصوفة بأنها "حتى الآن مطورة برامج التجسس مرتزقة غير معروفة".

وما خلص إليه التحقيق يمكن أن يفسر الصمت الذي التزمته الدول الغربية وأوروبا بشكل أساسي، لأننا علمنا أن سيتروس هي جزء من إنتيليكسا (Intellexa)، وهي شركة مراقبة إلكترونية ظهرت في 2019، "من أجل منافسة مجموعة إن إس أو"، والتي تم تقديمها، يواصل "سيتيزن لاب"، بأن "مقرها في الاتحاد الأوروبي وخاضع لقواعده، مع ستة مواقع ومختبرات البحث والتنمية في جميع أنحاء أوروبا".

إذا كانت سيتروس قد أنشأت في عام 2017 في قبرص، قبل أن تستحوذ عليها إنتيلكسا في عام 2018 و"يبدو أن لها وجودا تجاريا في إسرائيل والمجر"، تتابع مجموعة الباحثين الكنديين، فإن تقرير نشره Intelligence on Line ، يشير إلى أن أنتيلكسا، أسسها القائد السابق لوحدة الاستخبارات التقنية التكتيكية الإسرائيلية 8100 تال ديليان، "تعمل الآن من اليونان"، وبأن "المعالجة الأولية لوثائق تسجيل الشركة تشير إلى أن التحالف موجود ليس فقط في اليونان (Intellexa SA)، ولكن أيضا في أيرلندا (Intellexa Limited)".

هذا التواجد في أوروبا لشركة التي تدعي أنها تخضع للأنظمة وللقوانين الأوروبية يطرح عدة تساؤلات بالنسبة "سيتيزن لاب". وقالت مجموعة البحث الكندية: "هذا الادعاء مثير للاهتمام بالنظر إلى سوابق بعض كيانات الشركات المشاركة في أنتيلكسا، والتي كانت مثقلة بالمشاكل القانونية والخلافات الأخرى".

أن هذا الكونسورتيوم من الشركات الذي يضم نيكسا تيكنولوجيز (Nexa Technologies) و وايسبير-باسيتورا (WiSpear/Passitora Ltd) وسيتروس وسينباي (Senpai) معروف جيدا لدى العدالة الفرنسية. ولنأخذ على سبيل المثال، في يونيو 2021، حالة "مسيري أميسيس (Amesys) ونيكسا تيكنولوجيز الذين توبعوا من قبل قضاة التحقيق في الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب في محكمة باريس القضائية بتهمة التواطؤ في التعذيب في علاقة ببيع المنتجات" لدولتين أفريقيتين. لكن من الواضح أنه لا يوجد ما يكفي لجعل هذه القضية مسلسلا ناجحا.

لذلك، يمكننا أن نطرح أسئلة حول عدم اهتمام العديد من وسائل الإعلام الأوروبية بهذا البرنامج الجديد. هل لأنه يحظى بمباركة الاتحاد الأوروبي؟ هل لأن بريداتور، يريد، بمساعدة وسائل الإعلام، فرض هيمنته؟

على أية حال، بفضل هذه الدراسة الجديدة، الحدود التي حاولت وسائل الإعلام الغربية رسمها بين محور الخير، الذي نمثله البلدان الناضجة والمتطورة بما يكفي لتجهيز نفسها بالمراقبة الإلكترونية، ومحور الشر، الذي تجسده الأنظمة الاستبدادية والقمعية، لفتت الانتباه إلى أوروبا أكثر مما تحميها. وفي مواجهة التجارة المربحة التي أصبحت صناعة برامج التجسس داخل المنطقة الأوروبية، تلقت مصداقية وسائل الإعلام الغربية الرئيسية ضربة قاصمة.

تحرير من طرف زينب ابن زاهير
في 16/02/2022 على الساعة 07:30