ميلاد “صحافة” بمواصفات خاصة

أعضاء اللجنة المكلفة بإعداد الكتاب الأبيض

أعضاء اللجنة المكلفة بإعداد الكتاب الأبيض . Brahim Taougar - Le360

في 23/04/2013 على الساعة 15:09, تحديث بتاريخ 27/04/2013 على الساعة 10:04

بعد النجاح الذي حققته بعض المواقع، أينعت العديد من الجرائد الالكترونية وشقت طريقها مستغلة توجه العديد من المغاربة نحو "الويب"، ودمقرطة الولوج إلى الانترنيت، ولم يقتصر دخول المغامرة على بعض المدونين والمقلدين بل التحقت بالصحافة الالكترونية مجموعة من الصحافيين ضاق صدرها بهم.

وعن خصوصية هذه الجرائد الالكترونية، من خلال استحضار تجارب متنوعة يرى عياد بلال، الباحث في علم الاجتماع، أن هذه المواقع الخبرية والإعلامية الالكترونية قد نشطت بشكل كبير في ظل المناخ العربي العام نتيجة ميلاد ما سمي بالربيع العربي ابتداء من الثورة التونسية، والمصرية، واليمنية، والليبية.... مروراً بالمغرب، إذ برزت حركة 20 فبراير، كحركة دافعة للنقاشات السياسية والحراك الاجتماعي، وهو ما ولد تسارعاً للأحداث والوقائع التي شهدتها عدد من المدن المغربية، صاحبتها بكل تأكيد دينامية سياسية حزبية من جهة، وملكية من جهة أخرى، إذ ارتفع صبيب التداول والتعبير الذي خلق سجالا سياسياً لم يشهده المغرب طيلة تاريخه السياسي، وهو سجال طبع الأحداث بسرعة، وتطور التحليل والتعبير نتيجة تسارع الأحداث بالدرجة الأولى، خاصة مع التعتيم الإعلامي الرسمي الذي مورس في حق الحركة في بداياتها. ولذلك فإن هذه المواقع شكلت الأداة الرئيسية للتواصل الجماهيري بعيدا عن مقص الرقابة، وهو التواصل المبني أساساً على مصداقية الخبر من جهة، وقوته من جهة أخرى لتوظيفه الصوت والصور، وأخيراً سرعة البث والنشر، و المواكبة الزمنية الدقيقة للأحداث، وهو ما تفتقده الصحافة المكتوبة، المستقلة منها والحزبية. كما انتقلت هذه المواقع وأخرى بطبيعة الحال من قنوات لنقل المعلومة والخبر إلى قنوات تفاعلية تؤسس خصوصيتها على إشراك القارئ الافتراضي نفسه في بناء الخبر وتحليله.

عن أي صحافة نتحدث

واقع الصحافة الإلكترونية يدفع حسن حبيبي، الصحافي والأستاذ الجامعي المختص في الإعلام، إلى القول، " إنه من السابق لأوانه الحديث اليوم عن الصحافة الإلكترونية بالمغرب بالصيغة التي ينبغي أن نتحدث بها عن أي كيان مكتمل له خصوصياته ومعالمه المميزة. لا يمكن ذلك مادامت هذه الأخيرة تفتقر، في تقديري الشخصي، إلى أبسط المقومات التي يمكن أن تجعل منها قطاعا له نظامه الخاص وإطاره القانوني الذي يضبطه. بصيغة أخرى، يجب إضفاء الطابع المهني على الصحافة الإلكترونية ببلادنا، كما هو الشأن في بلدان أخرى، ووضع الإطار القانوني الذي ينظمها ويحميها من الفوضى وانعدام المهنية التي تميزها أكثر من أي شيء آخر... بعد ذلك يمكن لنا فرز المادة الأساسية التي تخول لنا المرجع الرئيسي لكل محاولة تقييم أو إصدار حكم معين".

ثم يضيف حبيبي، "أكيد أن بعض المحاولاتبدأت تعبد طريقها نحو المهنية في مجال الصحافة الإلكترونية، لكنها في اعتقادي الشخصي ما تزال جنينية لم تتضح معالمها بعد، وللأسف فأغلبها يعتمد على أسلوب النسخ واللصق للمواد الصحافية من أخبار وربورتاجات وتحقيقات مأخوذة من منابر أخرى. وبالتالي فالسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل لدينا فعلا صحافة إلكترونية مغربية؟”.

البحث عن الذات

ويتساءل حسن حبيبي، "الحديث عندنا ما زال جاريا حول هل سيتم الاعتراف بالصحافي الإلكتروني أم لا؟ وما هي الضوابط التي تحكم المهنة؟ وما هو الإطار القانوني؟ إلى آخره من الأسئلة المشروعة التي لا يجب أن تظل وراء الباب في انتظار أجوبة قد تأتي أو لا تأتي. وكأننا نتحدث عن كائن غرائبي! يجب فقط إقرار سياسة واضحة المعالم في هذا الشأن يتم من خلالها التعامل مع الصحافة الإلكترونية بشكل مهني لا يقل شأنا عن باقي المؤسسات الإعلامية الأخرى. شريطة أن تتوفر في العاملين في هذا المجال الكفاءة المهنية والتخصص بكل ما تقتضيه الكلمة من مسؤولية وأخلاقيات”.

وأضاف حبيبي، "في فرنسا مثلا، وإذا عدنا إلى القانون المعروف ب"آدوبي" الذي صدر في مرسوم يخول الاستفادة من الإعفاء الضريبي، يشترط على الناشر الإلكتروني حتى يكون معترفا به من قبل اللجنة المشتركة للمنشورات ووكالات الأنباء أن يتقيد بشروط واضحة: أولا أن تكون المادة أصلية، أن تكتب وتنشر وفقا للمقدرات المهنية، وأن تتكون من معلومات راهنة وتتجدد بانتظام، وأن تخضع إلى المعالجة المهنية وتكون مادة بحث وتحقيق ومقارنة..إلخ. ثم ألا تشكل المادة أداة ترويج تابعة لقطاع تجاري أو غيره. أما الأهم في نظري، هو أن ينتجها صحافي مهني، إذا تعلق الأمر بمعلومة سياسية أو ذات صفة عمومية، إذ لا يعقل أن يظل المجال مفتوحا على الدجالين والكتبة الذين ينتجون الأمراض أكثر من المعلومات. يجب التعامل مع هذا بحذر شديد، لكن من غير إقصاء. لكن مع ذلك، ووفقا لما نقرأه على بعض المنابر، إلكترونية كانت أم ورقية، لدي تخوف من نوع خاص، فطبيعة الصحافة الإلكترونية تؤهل "الدجالين والكتبة" لاحتلال مواقع ليست لهم، أما الصحافي فلا يجدر به أن ينساق في سباق غير ذي جدوى، في زمن أصبحنا نصدر فيه للأسف الصحيفة نفسها، بالمواصفات نفسها والمحتوى نفسه والمقاربات نفسها بدافع الحاجة إلى النتائج السريعة، إذ لا يوجد وقت للتقصي أو التحقق من الخبر. وكأننا ندخل حلبة سباق يرتفع فيها الرقم القياسي بشدة. إن كل ما تقدمه الصحافة الإلكترونية من وصفات تؤهل الصحافي، غير الحذر، أن يتحول إلى كائن يملك أقصر ذاكرة، وهنا تكمن الخطورة".

في 23/04/2013 على الساعة 15:09, تحديث بتاريخ 27/04/2013 على الساعة 10:04