البنك الدولي: الدول الإفريقية التي يتوقع أن تسجل معدلات نمو سنوية تتجاوز 6% بين عامي 2025 و2027

دول إفريقية. DR

في 13/10/2025 على الساعة 09:00

على الرغم من المناخ الاقتصادي العالمي الذي يسوده اللايقين، أعاد البنك الدولي تقييم توقعات النمو في إفريقيا، وخاصة منطقة جنوب الصحراء، في تقريره «نبض إفريقيا». بل إن تسع دول في القارة ستتمكن من تحقيق معدلات نمو سنوية مرتفعة، تتجاوز 6% خلال الفترة 2025-2027. ومن المتوقع أن تحافظ غينيا، بفضل مشروع سيماندو، على ريادتها خلال نفس هذه الفترة.

«لا تزال دينامية النمو الاقتصادي في إفريقيا جنوب الصحراء قوية، على الرغم من تزايد حالة اللايقين في السياسات العالمية. وبعد أن بلغ النشاط الإقليمي أدنى مستوى له في عام 2023، من المتوقع أن ينمو بنسبة 3.8% في عام 2025، مقارنة بـ3.5% في عام 2024، قبل أن يتسارع ليص إلى متوسط سنوي قدره 4.4% خلال الفترة 2026-2027، وفقا لما أكده البنك الدولي في تقريره «نبض إفريقيا».

ووفقا لهذه المعطيات، رفع البنك توقعاته بخصوص النمو في المنطقة. ويعزى هذا النمو القوي المتوقع إلى مجموعة من العوامل: تحسن معدلات التبادل التجاري في العديد من البلدان، مما يسهم في استقرار العديد من العملات المحلية بل وحتى ارتفاع قيمتها، والانخفاض الحاد في التضخم في العديد من البلدان، مما يسهم في التخفيف التدريجي للسياسات النقدية، ودعم الاستهلاك والاستثمار، وغيرها.

ومع ذلك، لا تزال نقاط الضعف واللاليقين تلقي بثقلها على نمو الدول الإفريقية. يثير تطهير المالية العمومية وتأثير الرسوم الجمركية الأمريكية على بعض الاقتصادات الإفريقية قلق بعض الدول.

ومع ذلك، تظهر القارة الإفريقية عموما صلابة، وهي حاليا واحدة من أكثر المناطق دينامية في العالم. والدليل على ذلك، أنه خلال السنوات الثلاث 2025 و2026 و2027، من المتوقع أن تحقق تسع دول في القارة معدلات نمو سنوية تتجاوز 6%، وفقا لتوقعات البنك الدولي. وستسجل العديد من الدول الأخرى معدلات نمو تتجاوز 5%. حتى نيجيريا تعود إلى نمو قوي، حيث من المتوقع أن تحقق معدلات نمو تبلغ 4.2% في عام 2025، و4.4% في عام 2026، و4.4% في عام 2027.

وخلال هذه السنوات الثلاث -2025 و2026 و2027- من المتوقع أن تحقق غينيا أفضل أداء، وفقا لتوقعات البنك الدولي. من المحتمل أن يرتفع نمو الناتج الداخلي الخام للبلاد من 7.5% عام 2025، وهو الأفضل في القارة، إلى 9.3% عام 2026 و11.6% عام 2027، وفقا لتقديرات المؤسسة الدولية. وتشير بعض التوقعات إلى نمو مزدوج الرقم في عامي 2026 و2027، وهو أعلى من توقعات البنك الدولي.

ويمكن تفسير هذا النمو الدينامي في الاقتصاد الغيني فقط ببدء الإنتاج في منجم خام الحديد سيماندو. سيكون المشروع المحرك الرئيسي لتسريع النمو الاقتصادي الغيني من خلال تعزيز قطاع المعادن الغيني، والذي من المتوقع أن ينمو بنسبة تزيد عن 19.4%.

يعتبر هذا المشروع الضخم، المتوقع منذ أكثر من ثلاثة عقود، والذي من المقرر أن تبدأ صادراته في نونبر 2025، أكبر مشروع للمعادن والبنية التحتية في أفريقيا.

يمتد الموقع على مساحة 110 كيلومترات في جبال سيماندو، ويحتوي على احتياطيات تقدر بأكثر من 8 مليارات طن من خام الحديد عالي الجودة، مع تركيز استثنائي للحديد بنسبة 65%.

لتشغيل هذا المشروع، عبأ كونسورتيوم بقيادة شركة ريو تينتو الأنجلو-أسترالية العملاقة، إلى جانب شركات شينالكو وباوو وهونكياو ستيل، استثمارات لا تقل عن 21.5 مليار دولار. تطلب استغلال هذا الخام إنشاء بنية تحتية، بما في ذلك خط سكة حديد بطول يزيد عن 600 كيلومتر يربط جبال سيماندو شرق البلاد بميناء المياه العميقة المطور خصيصا في موريبايا، غرب البلاد على ساحل المحيط الأطلسي، وطرق، ومحطة كهرباء، وغيرها. سيوفر المشروع آلاف مناصب الشغل ويساهم في إنعاش الشركات الصغيرة والمتوسطة المحلية.

في بداية المشروع، من المرتقب استخراج ما يصل إلى 34.45 مليون طن سنويا، ثم ما يصل إلى 69 مليون طن سنويا خلال المرحلة الثانية. ابتداء من المرحلة الأولى، ستحتل غينيا المرتبة الثانية بين منتجي خام الحديد الأفارقة بعد جنوب أفريقيا، قبل أن ترتقي إلى المرتبة الأولى أفريقيا خلال المرحلة الثانية من المشروع، وتحتل المرتبة السابعة عالميا.

وبحسب صندوق النقد الدولي، من المتوقع أن يزيد منجم خام الحديد سيماندو الناتج الداخلي الخام لغينيا بنسبة 26% في أفق عام 2030.

إلى جانب غينيا، تحافظ دول أخرى، اعتادت على تصنيفها ضمن أسرع 10 اقتصادات نموا في أفريقيا، على مكانتها. وينطبق هذا الأمر على إثيوبيا، التي من المتوقع أن ينمو اقتصادها بنسبة 7.2% في عام 2025، و7.1% في عام 2026، و7.7% في عام 2027، بعد زيادة قدرها 8.1% في عام 2024، وفقا لتوقعات البنك الدولي. ستعتمد ثاني أكبر دولة من حيث عدد السكان في أفريقيا، والتي يبلغ عدد سكانها حوالي 130 مليون نسمة، على قطاعها الفلاحي والصناعات التحويلية والخدمات. ستستفيد البلاد من تشغيل أكبر سد لتوليد الطاقة الكهرومائية في القارة. سيؤدي ذلك إلى تحسين الوصول إلى الكهرباء بشكل كبير وتحقيق موارد مالية كبيرة من خلال تصدير جزء من هذه الكهرباء إلى الدول المجاورة.

وينطبق الأمر نفسه على رواندا، التي اعتادت على النمو القوي لأكثر من عقد من الزمان. بعد زيادة ناتجها الداخلي الخام بنسبة 8.9% خلال سنة 2024، من المتوقع أن تسجل رواندا نموا بقرابة 7.1% عام 2025، و7.5% عام 2026، و7.4% عام 2027. ويعزى هذا النمو في المقام الأول إلى الاستثمارات القوية في القطاعات الصناعية والنمو المستدام في قطاع الخدمات. تجدر الإشارة إلى أن الخدمات، بفضل التكنولوجيا الرقمية والسياحة، مثلت 51% من الناتج الداخلي الخام للبلاد عام 2024.

ويشكل وضع رواندا كدولة غير ساحلية، وبالتالي اعتمادها على الممرات اللوجستية لجيرانها (تنزانيا، وأوغندا، وكينيا، وغيرها)، وزيادة التكاليف، إحدى نقاط ضعف هذا الاقتصاد المعرض أيضا لصدمات المناخ، في حين لا تزال الفلاحة تمثل 27% من الناتج الداخلي الخام و56% من فرص الشغل.

سجلت بنين أيضا نموا قويا بنسبة 7.5% في عام 2024، ومن المتوقع أن يستمر هذا الزخم على مدى السنوات الثلاث المقبلة، مع نمو يبلغ حوالي 7.3% في عام 2025، و7.0% في عام 2026، و7.0% في عام 2027. وتعزى هذه الدينامية إلى نمو القطاع الفلاحي، وزيادة النشاط الصناعي، وزيادة حركة المرور في ميناء كوتونو. كما تستفيد البلاد من انخفاض معدل التضخم (حوالي 2.0%)، وهو أقل من المعيار المحدد من قبل الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا.

ومن المتوقع أيضا أن تحقق أوغندا وجيبوتي والنيجر وتنزانيا وساحل العاج نموا قويا يتجاوز 6 % خلال الفترة 2025-2027، ويعود الفضل في ذلك بشكل خاص إلى المحروقات (أوغندا والنيجر)، والفلاحة والمعادن (تنزانيا وساحل العاج)، والخدمات وغيرها من القطاعات.

وأخيرا، تجدر الإشارة إلى أن هذه الأرقام تظل مجرد توقعات، وتعتمد على العديد من العوامل الداخلية والخارجية التي قد تكون لها تأثير على معدلات النمو.

تحرير من طرف موسى ديوب
في 13/10/2025 على الساعة 09:00