النقل الجوي: 5 روابط واعدة بين بلدان أفريقية لكنها غير مُستَغلّة!

طائرة

في 23/07/2024 على الساعة 15:46

كشفت دراسة حديثة، أجرتها الشركة الأوروبية إيرباص، عن وجود 5 طرق جوية غير مستغلة بشكل كاف ويتعين تطويرها كأولوية لربط بعض العواصم الإفريقية الكبرى. وفي ما يلي خلاصات ما كشفته هذه الدراسة.

لا يزال السفر بالطائرة من عاصمة إفريقية إلى أخرى يمثل في كثير من الأحيان عقبة كبيرة. وكشفت دراسة حديثة أجرتها شركة إيرباص عن وجود خمسة أزواج من العواصم الأفريقية الكبرى التي لا تزال غير متصلة بشكل كاف عن طريق الجو وتستحق أن تكون متصلة في ما بينها بشكل أكبر عن طريق الرحلات الجوية المباشرة، نظرا للحجم الكبير الحالي والمتوقع لحركة نقل الركاب.

ويتعلق الأمر بالطرق البينية الإفريقية: داكار-ليبرفيل (3310 كم)، أبيدجان-دوالا (1520 كم)، أبوجا-نيروبي (3480 كم)، كيب تاون-لاغوس (4790 كم)، وداكار-دوالا (3170 كم). بالإضافة إلى تقليص الوقت للركاب، فإن تطوير هذه الطرق المباشرة من شأنه أن يساعد في تخفيف الازدحام في مطارات الربط الحالية. وهذا ما كشفه هذا التحليل عن هذه الطرق التي تستحق اهتماما خاصا.

داكار-ليبرفيل: محطتان توقف لـ60% من الركاب

بمتوسط حركة نقل يبلغ 320 راكبا أسبوعيا في كل اتجاه، فإن هذا الطريق الذي يربط السنغال والغابون يقع في مقدمة الطرق البينية الإفريقية المقرر افتتاحها. وتكشف الدراسة أن «الخدمة بدون توقف قدمت على هذا الخط من قبل الخطوط الجوية الغابونية لفترة قصيرة في عام 2006، ومؤخرا من قبل الخطوط الجوية الموريتانية. قامت الشركة الأخيرة بتشغيل رحلات جوية بدون توقف بين داكار وليبرفيل في الفترة من فبراير إلى نهاية يوليوز 2022، باستخدام الطائرة 737-800 بشكل أساسي. وتشير المعطيات إلى أن وتيرة الخدمة كانت رحلة واحدة فقط في الأسبوع. ومنذ ذلك الحين لم يتم تسجيل أي رحلة منتظمة».

أكثر من 60% من مجموع الركاب بين المدينتين يسلكون طرقا بها محطتي عبور. في حين لا يزال 30% من المسافرين يتوقفون أثناء الرحلة، سواء في لومي أو باماكو. إن من شأن الرحلة المباشرة أن توفر وقتا كبيرا وتعزز حركة النقل، والتي تقدر بـ4 رحلات أسبوعية على المدى الطويل.

أبيدجان-دوالا: إمكانية 5 رحلات أسبوعيا

ستستفيد هاتان العاصمتان الاقتصاديتان لساحل العاج والكاميرون من ارتباطهما المباشر عبر الجو. فهما تشتركان في العديد من أوجه التشابه مع داكار-ليبرفيل. وتشير الدراسة إلى أنه «لوحظ متوسط نمو قوي للفترة من 2015 إلى 2019 على طريق أبيدجان-دوالا. ومع ذلك، لم تعد حركة النقل بعد إلى مستوى ما قبل الأزمة. استحوذت شركتا الطيران لساحل العاج و«Asky» على جميع حركة النقل خلال الفترة التي تمت دراستها وربطتا حركة النقل الخاصة بهما إلى ياوندي (الكاميرون)، أو أبوجا (نيجيريا) أو لومي (توغو). يبدو هذا التواصل مقيدا للغاية، نظرا لقصر المسافة نسبيا».

وتشير الحركة النقل الحالية التي تبلغ 275 راكبا أسبوعيا في كل اتجاه، على الرغم من أنها أقل من مستويات ما قبل الوباء، إلى إمكانية تسيير 5 رحلات مباشرة أسبوعيا في المستقبل، مما يسهل التبادل الاقتصادي. وهكذا، تشير التوقعات إلى أن الطريق يمكن أن يدعم ما يصل إلى 5 رحلات أسبوعية في كل اتجاه اعتبارا من عام 2026 بطائرات تتسع لـ100 إلى 160 راكبا.

أبوجا-نيروبي: حلقة الوصل بين غرب وشرق أفريقيا

من شأن هذا الطريق الذي يبلغ طوله 3480 كيلومترا أن يحفز التعاون بين نيجيريا، أكبر اقتصاد في غرب إفريقيا، وكينيا، المركز الجهوي لشرق إفريقيا. ويتوافق هذا الطريق بشكل تام مع أهداف تعزيز العلاقات الدبلوماسية والتجارية بين هذين البلدين الإفريقيين الرئيسيين. ووفقا للدراسة ذاتها، فإن «الخطوط الجوية الكينية هي الفاعل الوحيد الذي قدم خدمة بدون توقف لهذين المدينتين حتى الآن. وقامت شركة الطيران بتشغيل المسار باستخدام طائرات E190 و737-800 في الفترة من يونيو 2014 إلى نونبر 2016. خلال هذه الفترة، قامت الخطوط الجوية الكينية بما يقرب من 12 رحلة أسبوعية بين كينيا ونيجيريا، لربط نيروبي بكل من لاغوس وأبوجا. وبعد الوباء، أعادت الخطوط الجوية الكينية خدمتها بين البلدين بواقع رحلة يومية واحدة. ومع ذلك، تقوم شركة الطيران الآن بالاستغلال الحصري لهذا الخط بين نيروبي ولاغوس».

ومع حركة النقل الأسبوعية الحالية التي تبلغ 900 مسافر في المتوسط لكل اتجاه، فإن 3 رحلات مباشرة أسبوعيا، وفقا للدراسة، ستلبي الطلب وتشجع التبادل التجاري بين البلدين.

كيب تاون-لاغوس: من جنوب إفريقيا إلى غرب إفريقيا

إن ربط هذين المحورين الرئيسيين على جانبي القارة من شأنه أن يسد النقص الصارخ في التواصل عبر الجو بين جنوب إفريقيا وغرب إفريقيا. ومن شأن الخدمة المباشرة بين كيب تاون (جنوب إفريقيا) ولاغوس (نيجيريا) أن تعزز دور كيب تاون كبوابة إلى الجنوب الإفريقي.

وكشفت دراسة شركة إيرباص أنه «على الرغم من أهمية المدينتين، إلا أنه لا توجد حاليا رحلات جوية مباشرة بينهما. وتشير المعطيات التاريخية إلى أن مثل هذه الخدمة لم تكن موجودة على الإطلاق. بالإضافة إلى ذلك، لا توجد خدمة جوية مباشرة تربط كيب تاون بمنطقة غرب أفريقيا بأكملها. وخلال الفترة بأكملها من يناير 2023 إلى نهاية صيف 2024، فإن الطريقة الوحيدة للسفر بين كيب تاون وغرب إفريقيا هي المرور عبر جوهانسبرغ أو لواندا، أو اتخاذ مسارات طويلة للمرور عبر أديس أبابا أو حتى الشرق الأوسط. وأخيرا، للسفر بدون توقف بين جنوب أفريقيا وغرب أفريقيا، هناك نقطتا دخول فقط: أكرا ولاغوس. وترتبط هاتين المدينتين بجوهانسبرج، بينما ترتبط أكرا إلا بالخطوط الجوية لجنوب أفريقيا فقط. وفي هذا السياق، ومن أجل توسيع الخيارات المقدمة للمسافرين، من المناسب تطوير خدمة جديدة بدون توقف بين كيب تاون ولاغوس».

وعلى الرغم من حركة النقل المتواضعة (700 مسافر/أسبوع/كل اتجاه)، فإن الإمكانات التي يوفرها افتتاح هذا الطريق البالغ طوله 4790 كيلومترا تبدو واعدة، مع رحلات طويلة المدى ذات تأثير اقتصادي قوي، وفق ما تؤكده الدراسة.

وتقدر الدراسة أن «إطلاق خدمة مباشرة بين كيب تاون ولاغوس من شأنه أن يوفر خيارات جديدة، بل ويمكن أن يحفز حركة النقل بقوة»، مع التركيز على صعوبة الوصول بسرعة إلى عدد رحلات مناسب للمسافرين.

داكار-دوالا: أضعف حركة نقل

يربط هذا الخط بين عاصمتي السنغال والكاميرون، ويشهد تدفقا منتظما لـ160 راكبا أسبوعيا في كل اتجاه، على مدار الـ12 شهرا الماضية المنتهية في نونبر 2023، أي أضعف مستويات حركة النقل. ووفقا لدراسة شركة إيرباص، كشفت معطيات «OAG»، وهي منصة البيانات الرائدة عالميا في مجال السفر في العالم، أنه « لم تكن هناك سوى فترة وجيزة من الرحلات الجوية بدون توقف على هذا المسار، والتي يعود تاريخها إلى عام 2014. وحتى الآن، غامبيا بيرد (Gambia Bird)، شركة الطيران التي تأسست في عام 2012 في إطار شراكة بين الحكومة الغامبية وشركة الطيران الألمانية جرمانيا التي لم يعد لها وجود الآن، هي شركة الطيران الوحيدة التي قدمت الخدمة دون توقف في هذين المدينتين. واستعملت الشركة طائرة من طراز A319 تتسع لـ150 راكبا على الطريق ونفذت رحلتين أسبوعيا».

وقد أظهرت التجارب السابقة مع الخدمة المباشرة تأثيرا قويا في تحفيز حركة النقل، مما يشير إلى وجود 3 رحلات قابلة للتنفيذ أسبوعيا في المستقبل. وتؤكد الدراسة أن «التوقعات تشير إلى أن الخدمة المكونة من 3 رحلات أسبوعية لكل اتجاه ستكون ممكنة اعتبارا من عام 2026».

التحديات الاقتصادية والبيئية

يطرح فتح هذه الروابط الجوية المباشرة تحديات اقتصادية كبيرة. إن تسهيل التواصل بين العواصم الإفريقية من شأنه أن يعزز نمو التجارة البينية الإفريقية والاستثمار المتبادل وسياحة الأعمال، في ظل إقامة منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية.

وسيكون لذلك تأثير بيئي أيضا. إذ أن الرحلات الجوية الحالية متعددة التوقفات تولد انبعاثات ثاني أكسيد الكربون أعلى بكثير من الرحلات الجوية المباشرة باستخدام الطائرات الحديثة.

ومع ذلك، فإن تطوير هذه الطرق الجوية سيكون محفوفا بالمخاطر لشركات النقل. وتؤكد الدراسة أن التحدي الأول سيكون الوصول بسرعة إلى الرحلات المناسبة لتحفيز حركة النقل بشكل مستدام، مع التحكم في تكاليف اختيار طائرات ذات قدرات مناسبة.

وسيتعين على الشركات أيضا التعامل مع مسافات طويلة لطرق معينة، مثل كيب تاون-لاغوس (4790 كم)، الأمر الذي سيتطلب اختيار طائرات حديثة لأدائها وتصميمها الأمثل لهذا النوع من الرحلات.

وأخيرا، لا ينبغي إهمال العامل الجيوسياسي، مع ضرورة الحصول على تراخيص وحقوق المرور التي من المفترض أن تسهل المنافسة العادلة على هذه الطرق ذات المخاطر الاقتصادية العالية.

تحرير من طرف موديست كوامي
في 23/07/2024 على الساعة 15:46