مخصصات السياحة بشمال إفريقيا: المغرب في الريادة والجزائر تتذيل الترتيب

السفر عبر العالم (صورة تعبيرية)

في 03/06/2024 على الساعة 11:21

ما هو المبلغ الذي يمكن أن يحصل عليه مواطن إحدى دول شمال إفريقيا بما فيها مصر وموريتانيا كمخصصات للسفر إلى الخارج؟ تفاوت كبير في مبلغ مخصصات السياحة بين دول هذه المنطقة، حيث يوجد المغرب في الريادة بأعلى مبلغ بينما الجزائر، بلد النفط والغاز، يأتي في أسفل القائمة، إذ لا يمنح إلإ مبلغا هزيلا لمواطنيه الذين يرغبون في السفر إلى الخارج.

عُملات دول شمال إفريقيا ليست عملة صعبة، فمواطنو هذه الدول -الجزائر ومصر وليبيا وموريتانيا والمغرب وتونس- يحتاجون إلى مخصصات بالعملة الأجنبية للسفر إلى الخارج.

في دول شمال إفريقيا، كغيرها من دول القارة، يفرض على المواطنين الراغبين في السفر إلى الخارج حدا أقصى سنوي من العملات الأجنبية التي يمكنهم أخذها معهم لتغطية تكاليف السفر بما في ذلك تكاليف النقل والإقامة والطعام وغيرها من التكاليف المرتبطة بالإقامة السياحية.

وتمنح مخصصات السياحة للمواطنين والأجانب المقيمين في دول المنطقة.

ويتبين من المقارنة أن المغاربة والجزائريين والمصريين والتونسيين والموريتانيين والليبيين يتفاوتون من حيث مخصصات السياحة. وهذا التفاوت بين بلدان المنطقة ليس كبيرا فحسب، بل إنه يتسع سنة بعد أخرى.

وبشكل عام، تتراوح المبالغ المخصصة لمواطني دول المنطقة من حد أقصى سنوي محتمل قدره 30 ألف دولار يقدم للمواطنين المغاربة إلى مبلغ هزيل قدره 111 دولارا يمنح للجزائريين.

هذه المبالغ المحدد بالعملات المحلية من قبل السلطات (مكتب الصرف، البنك المركزي، إلخ) ترتفع أو تنخفض وفق تطور سعر الصرف مقابل العملات الأجنبية (الدولار والأورو وما إلى ذلك) وقد ينخفض أيضا عند صرفه بالعملة الأجنبية بسبب التضخم. ومن هنا ضرورة إعادة تقييم مبلغ مخصصات السياحة بشكل مستمر لأخذ هذين العاملين بعين الاعتبار. ولكن من المؤسف أنه في حين تعمل بعض البلدان على إعادة تقييم هذا المبلغ بشكل مستمر، فإن بلدانا أخرى تحافظ على المبلغ نفسه، الأمر الذي يؤدي إلى جعل هذا المبلغ هزيلا. وهذا هو حال الجزائر حيث لم يتغير هذا المبلغ بالدينار ولو مرة واحدة منذ شتنبر 1997.

المغرب أكثر الدول سخاء تجاه مواطنيه بمخصصات تتراوح بين 100 ألف إلى 300 ألف درهم

من حيث مخصصات السياحة، فإن المغاربة هم بالتأكيد في الريادة في القارة الإفريقية. ففي السنوات الأخيرة، ارتفع بشكل ملحوظ المبلغ المخصص سنويا للمغاربة الراغبين في السفر إلى الخارج.

في فاتح يناير 2022، تضاعفت مخصصات السياحة من 45 ألف درهم إلى 100 ألف درهم، مع رفع السقف دفعة واحدة. وبحسب مكتب الصرف، «يمكن للأشخاص الذاتيين المقيمين بالمغرب والمغاربة المقيمين بالخارج والأجانب الذين ليس لديهم دخل قابل للتحويل والذين ليس لديهم سيولة في حساباتهم بالعملة الأجنبية أو بالدرهم القابل للتحويل، الاستفادة من مخصصات السفر الشخصي، ويتكون من مبلغ أساسي قدره 100 ألف درهم يمكن زيادته بإضافة تعادل 30% من قيمة الضريبة على الدخل أو المخصومة من المنبع خلال السنة السابقة. ويجب ألا يتجاوز المبلغ الإجمالي 300 ألف درهم للشخص في السنة الواحدة».

وهذا المبلغ يجعل المغرب الدولة الأكثر سخاء من حيث مخصصات السياحة على مستوى القارة.

بالإضافة إلى ذلك، وعلى عكس تونس والجزائر، فإن المغرب لا يميز بين البالغين والأطفال في مخصصات السياحة.

الجزائر: مبلغ هزيل 111 دولار للكبار و55.5 دولار للأطفال

وهو بكل تأكيد أضعف مخصصات السياحة في العالم. هذه المخصصات تمنح للجزائري الذي يرغب في السفر إلى الخارج تبلغ 15 ألف دينار جزائري. وهذا المبلغ المحدد في شتنبر 1997، أي قبل 27 عاما، ظل ثابتا منذ ذلك الحين، رغم استمرار انخفاض قيمة الدينار الجزائري وتأثير التضخم. وبينما تم صرف الدولار الواحد مقابل 57.71 دينارا في ذلك التاريخ، يساوي اليوم في السوق الرسمية 134.74 دينارا لنفس الدولار. وبالتالي، يبلغ مبلغ مخصصات السياحة السنوية المسموح بها في الجزائر حاليا 111 دولارا للشخص البالغ و55.5 دولارا للطفل.

من الواضح أن هذا المبلغ الهزيل لا يمكنه تغطية نفقات السفر بما في ذلك تكاليف النقل من المطار إلى مكان الإقامة، وتكلفة الإقامة والطعام والتكاليف الأخرى المرتبطة بالبقاء في الخارج. بهذا المبلغ، سيكون لدى السائح الجزائري الذي يزور باريس، على سبيل المثال، ما يكفي فقط لدفع أجرة سيارات الأجرة من المطار إلى مكان إقامته وربما ليلة في فندق رخيص جدا.

وهكذا، يضطر الجزائريون إلى اللجوء إلى سوق الصرف الموازية من أجل الحصول على العملات اللازمة لتغطية تكاليف إقامتهم خارج البلاد.

ويطالب الجزائريون بإعادة تقييم هذا المبلغ الهزيل. ففي سنة 2019، وعد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، خلال حملته الانتخابية، بزيادة مخصصات السياحة إلى 1500 أورو «حفاظا على كرامة الجزائريين». وبعد ما يقرب من خمس سنوات في السلطة، لم يتم الوفاء بهذا الوعد حتى الآن. لكنه تذكر، عشية إطلاق حملته الانتخابية لإعادة انتخابه في شتنبر 2024، هذا الوعد. والسبب هو أن الشيء الوحيد الذي يهم تبون هو الحفاظ على الأصول بالعملة الأجنبية، على حساب سعادة الجزائريين الذين يحرمهم من السفر إلى الخارج والعديد من المنتجات المحظور استيرادها.

إن الفارق الصارخ بين المخصصات المقدمة للمغاربة (من 10.000 إلى 30.000 دولار) وتلك المقدمة للجزائريين البالغين (111 دولارا)، يؤدي إلى إحباط المسافرين الجزائريين الذين يعبرون عن غضبهم من هذا الواقع. وتم تقديم هذا الطلب إلى البرلمان عدة مرات، إلا أنه تم رفضه أيضا هذا العام.

ويشعر الجزائريون بالإحباط أكثر مع استمرار الرئيس في الإشادة بأداء الاقتصاد الجزائري الذي «تتزايد ثروته بشكل مذهل»، بحسب المؤشرات التي يضعها النظام القائم.

وفي انتظار تغير هذا الواقع، يلجأ الجزائريون إلى السوق الموازية للحصول على العملة الأجنبية اللازمة لسفرهم إلى الخارج. ومع ذلك، في هذا السوق، وهو المقياس الحقيقي لسعر الصرف في الجزائر، يتعين على المواطن دفع 224 دينارا مقابل دولار واحد، مما يجعل السفر إلى الخارج أكثر تكلفة. وبالتالي، يتعرض الجزائريون الذين يرغبون في البقاء في الخارج لعقوبة مزدوجة: مبلغ تافه كمخصصات سياحية وسعر صرف غير مناسب للغاية في السوق الموازية. وهو وضع يقيد سفر الجزائريين إلى الخارج ويدفعهم إلى الاتجاه إلى السوق التونسية المجاورة لتغيير الأجواء.

تونس: تناقص المخصصات بسبب انخفاض قيمة الدينار التونسي

في تونس، حددت مخصصات السياحة في 6000 دينار تونسي للكبار (3000 دينار للأطفال)، أو 1930 دولارا أو 1775 أورو. إلا أن هذا المبلغ، الذي ارتفع من 4000 إلى 6000 دينار سنة 2009، تأثر بالانخفاض الحاد في قيمة الدينار التونسي مقابل العملات الأجنبية. على سبيل المثال، في هذا التاريخ، تم استبدال أورو واحد بـ1.9 دينار تونسي. حاليا، يتعين على المواطن دفع 3.38 دينار لنفس الأورو، أي بانخفاض قدره 78% خلال هذه الفترة. ويفسر هذا الانخفاض في قيمة الدينار بالأزمة الاقتصادية والمالية التي تعيشها تونس منذ 15 عاما. ونتيجة لذلك، وعلى الرغم من المطالبات بزيادة هذه المخصصات، فإن السلطات التونسية تصم آذانها.

ونتيجة لذلك، ومع تساوي المخصصات خلال الفترتين (2009 و2024)، عرفت القدرة الشرائية للسائح التونسي انخفاضا حادا في الخارج خلال السنوات الثماني الماضية.

ونظرا لتواضع مبلغ الإقامة في الخارج، خاصة في دولة أوروبية، الوجهة الرئيسية للسياح التونسيين، يلجأ التونسيون إلى السوق الموازية للحصول على العملة الأجنبية اللازمة لسفرهم إلى الخارج.

يشار إلى أن مخصصات السياحة سنة 2023 مثلت 56% من نفقات السفر المسجلة سنة 2023، أي 1.38 مليار دينار تونسي (408 ملايين أورو).

مصر: مخصصات سنوية قدرها 10.000 دولار

خلف المغرب، مصر هي الدولة هي التي تقدم أكبر مخصصات سياحة لمواطنيها. وهكذا، طبقا لقانون الجمارك رقم 207 لسنة 2020 ونصوصه التطبيقية المنشورة بقرار وزارة المالية رقم 430 لسنة 2021، يجب ألا يتجاوز مبلغ مخصصات السياحة الممنوح للمصريين الراغبين في التوجه إلى الخارج 10.000 دولار أو ما يعادلها بأي عملة أجنبية أخرى (أورو، الجنيه الإسترليني، إلخ). كما يمكن للمصري و/أو الأجنبي المقيم أن يأخذ معه مبلغا لا يتجاوز 5000 جنيه مصري.

ليبيا: مخصصات سنوية قدرها 10000 دولار

وبحسب دورية لمصرف ليبيا المركزي المتعلقة بضوابط تنظيم دخول وخروج العملات المحلية والأجنبية إلى ليبيا اعتبارا من عام 2014، فقد تم تحديد هذه المخصصات في مبلغ 10 آلاف دولار أمريكي أو ما يعادله بالعملات الأجنبية الأخرى. ويجب الإخبار بأي زيادة من خلال التصريح الجمركي وفقا للإجراءات المتبعة.

كما نصت الدورية على أنه يمكن للمواطن أيضا إخراج مبلغ بالعملة المحلية لا يتجاوز 200 دينار ليبي.

موريتانيا: 7600 دولار كمخصصات سنوية

وفي موريتانيا، وفقا لدورية صادرة سنة 2012 عن البنك المركزي، تم رفع سقف مخصصات السفر إلى ما يعادل 3 ملايين أوقية، أي ما يعادل 7500 دولار سنويا، مقابل مليون أوقية سابقا. وقد مكنت هذه الزيادة الكبيرة من تعويض الانخفاض الحاد في قيمة الأوقية المحلية مقابل العملات الأجنبية. وهو مبلغ يسمح للموريتانيين بالبقاء في الخارج لتغطية النفقات المتعلقة بإقامتهم.

تحرير من طرف موسى ديوب
في 03/06/2024 على الساعة 11:21