وسجلت محلات البخور والمواد العطرية إقبالا كثيفا من الأسر والزوار، الذين يحرصون على اقتناء هذه المنتوجات كجزء من طقوس الاحتفال الديني، وفق ما تطيب به النفس، خاصة بالقرب من ضريح مولاي إدريس، حيث ارتفع الطلب على «السرغينة» و«العود» والمعطرات بشكل واضح مقارنة بالفترات العادية، ما ساهم في تعزيز حركة المبيعات بجانب الحرم الادريسي.
كما عرفت محلات بيع الفواكه الجافة، أو ما يعرف بـ«الفاكية»، إقبالا لافتا من طرف الأسر، التي اعتادت إدراجها ضمن مستلزمات الاحتفال، حيث تزايد الطلب على اللوز والزبيب والتمر، ويؤكد تجار فاس العتيقة أن هذه المنتوجات تبقى في صدارة المبيعات خلال هذه الفترة من العام، بعدما أعادت المناسبة الدينية الدفء إلى الأسواق التقليدية التي عاشت ركوداً ملحوظاً في الأشهر الماضية.
وعكس ذلك، لم يعرف قطاع الملابس التقليدية الاندفاع التجاري نفسه، وهو ما يفسره تجار، ممن التقت بهم كاميرا Le360، بتزامن احتفالات عيد المولد مع الدخول المدرسي وانخفاض القدرة الشرائية لدى بعض الأسر، فضلا عن المنافسة المتزايدة مع المحلات الحديثة التي تعرض منتجات بأسعار أقل.
ولا تقتصر أجواء المولد النبوي بفاس العتيقة على الرواج التجاري فحسب، بل تمتد إلى فضاءات روحية مميزة داخل الزوايا والمساجد، حيث تقام حلقات الذكر والمديح النبوي التي يجتمع فيها المريدون والساكنة لإحياء هذه الذكرى المباركة بأناشيد روحية تعكس مكانة المدينة كعاصمة دينية وروحية للمغرب.
وتظل أسواق المدينة العتيقة بفاس، خلال هذه المناسبة الدينية، منصة حيوية للحفاظ على الهوية الثقافية والحرفية للمدينة، وفرصة للتجار للتفاعل مع الزوار والسياح والتعريف بالمنتوجات المحلية الأصيلة، إذ تعكس عادات وتقاليد مغربية متجذرة، ما يجعلها لحظة اقتصادية وروحية واجتماعية متميزة تؤكد على الدور الرمزي لفاس العتيقة في صون التراث الوطني والإسلامي.
