واستطاعت الجمعية المذكورة أن تجد حلا للتلوث البيئي الذي تتسبب فيه النفايات البلاستيكية في القطاع الفلاحي بمناطق جهة سوس ماسة مقدمة نتائج المشروع الأول من نوعه بالجهة في إطار فعاليات اليوم العالمي للبيئة من خلال تنظيم وتطوير السلسلة الجهوية لفرز وتثمين المخلفات الفلاحية البلاستيكية وتعزيز القدرات الإدارية والتقنية والإنتاجية للفاعلين المحليين ووحدات التدوير، فضلا عن دمج الفلاحين والمهنيين غير المهيكلين في القطاع مع إعداد دراسة حول السيناريوهات الممكنة لإنشاء منصة لتثمين المخلفات الفلاحية البلاستيكية بجهة سوس ماسة.
وتحدث التهامي بنحليمة، مدير جمعية « أكروتيك »، في كلمة افتتاحية في الندوة التي احتضنها نادي الفلاح بمدينة أكادير، نيابة عن عبد الله جريد، رئيس الجمعية، عن نشأة وتطور ومسار ونتائج المشروع المذكور بعد أزيد من 3 سنوات من الأنشطة المكثفة رغم تزامن إطلاقه مع جائحة كورونا التي شلت الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية على المستوى الدولي لمدة تقارب السنتين.
مشروع لتثمين المخلفات الفلاحية يرى النور بجهة سوس-ماسة. DR
وأضاف المتحدث أن مشروع تثمين المخلفات الفلاحية البلاستيكية بجهة سوس ماسة يركز على تطوير وتحسين الممارسات الجيدة لتدبير وتثمين هذه المخلفات، والتي تشكل مشكلة غالبا ما يتم التقليل من شأنها ولها تأثيرات ملحوظة على البيئة والصحة والمستقبل، مشيرا إلى أنها تعد أيضا موردا وفرصة كبيرة لتعزيز نهج الاقتصاد الدائري والاقتصاد الأخضر، كما يعد استخدام البلاستيك الفلاحي شائعا في المغرب خاصة في المناطق ذات الإنتاج الزراعي الكبير مثل سوس ماسة، الغرب- لوكوس ودكالة، يقول بنحليمة، وتقدر المخلفات الفلاحية البلاستيكية المنتجة على المستوى الوطني بحوالي 100 ألف طن سنويا، يتم إنتاج أكثر من نصفها في جهة سوس ماسة بحسب المصدر نفسه.
وأعدت جمعية « أكروتيك » سوس ماسة سنة 2014، إدراكا منها للتأثيرات السلبية لهذه المخلفات على الإنسان والبيئة، ولأهمية قطاع إعادة تدويرها اقتصاديا، دراسة تقييمية لمخزون المخلفات الفلاحية البلاستيكية المنتجة سنويا في المنطقة، كما أطلقت منذ عام 2015 نقاشا عاما معمقا حول قطاع جمع وإعادة تدوير هذه المخلفات، والذي أظهر أن معدل التحويل إلى منتجات ثانوية لا يتجاوز 4 في المائة، وأن جل هذه المخلفات ترسل إلى مناطق أخرى من المغرب لإعادة تدويرها، علما بأن القطاع غير مهيكل في مجمله، يشير المصدر ذاته.
ولمواجهة هذه التحديات، يضيف بنحليمة، فإن الجهود المبذولة بين عامي 2015 و2018، بفضل مشروع ممول من قبل مؤسسة القرض الفلاحي بالمغرب للتنمية المستدامة، تمكنت جمعية « أكروتيك » من تنظيم العديد من جلسات التوعية والتدريب للأطراف المعنية والعديد من المشاورات التي أدت إلى بداية هيكلة القطاع، تُوِّجت بتوقيع اتفاقية بين وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة والجمعية، بدعم من الولاية والمجلس الجهوي والمديرية الجهوية للفلاحة في سوس ماسة.
وأكد المصدر أن الاتفاقية تستهدف جميع الفاعلين المهيكلين وغير المهيكلين في المنطقة، كما تعد مبادرة أولى نحو دمج كامل للقطاع في اقتصاد دائري فعال، وتتوخى إعداد دراسة حول السيناريوهات المحتملة لإنشاء وحدة لتثمين المخلفات الفلاحية البلاستيكية بسوس ماسة.
بدورها قالت خديجة السامي المديرة الجهوية للبيئة بجهة سوس ماسة خلال الجلسة الافتتاحية للندوة، إن القانون الإطار 99-12 المنشئ للميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة، الذي يشكل المرجع لجميع السياسات العمومية، يعكس رغبة المغرب في وضع جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في منظور مستدام، واعتمد هذا القانون مبدأ « مسؤولية المنتج الموسعة » (المادة 8)، يعمل على توسيع التزامات المنتج إلى مرحلة دورة حياة المنتوج بعد الاستهلاك، كما أن نقل من المنبع مسؤولية الجماعات نحو المنتجين يرتبط ارتباطا وثيقا بإيجاد حوافز للمنتجين لأخذ الجوانب البيئية في الاعتبار عند تصميم المنتجات.
وأشارت السامي إلى أن المغرب، فضلا عن الترسانة التنظيمية المحددة وواسعة النطاق إلى حد ما، جعل من التحول إلى الاقتصاد الأخضر التحدي الثاني لاستراتيجيته الوطنية للتنمية المستدامة، وسيتم تنفيذ هذا التحول أساسا من خلال إدراج الصناعة المغربية في مسار الاقتصاد الأخضر وتشجيع التدبير المندمج للنفايات على أساس الاقتصاد الدائري الاجتماعي والتضامني، ومن هنا عملت الوزارة على تنفيذ استراتيجية لإنشاء قطاعات تثمين النفايات وتنفيذ البرنامج الوطني لتثمين النفايات، والذي تتمثل فلسفته في تغيير نموذج الاقتصاد الخطي، الذي يتميز باقتران استنزاف الموارد الطبيعية بزيادة كمية النفايات الموضوعة في مطرح النفايات، نحو اقتصاد دائري يحسن تدبير الموارد ويقلل من النفايات في المطارح.
وأضافت المسؤولة ذاتها أن تطوير مثل هذه القطاعات مدعوما بإنشاء آليات حوكمة وتمويل مناسبة هو بلا شك ركيزة أساسية للإدارة المتكاملة للنفايات، ويهدف البرنامج الوطني لإدارة النفايات المنزلية (PNDM) إلى تحسين الشروط النهائية للإدارة المناسبة للنفايات، من خلال تطوير قطاعات إعادة التدوير وتنظيم هذا القطاع، وتضع وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة تنظيم قطاع إدارة المخلفات الزراعية ضمن أولوياتها، كما سيعمل مختلف الشركاء على توحيد جهودهم لإنشاء نظام بيئي لتثمين النفايات الزراعية.
من جهتها شددت حنان العامري، نائبة رئيس الجهة المكلفة بالبيئة، على أهمية المشروع الذي مكن من هيكلة القطاع الفلاحي من خلال خلق تعاونيات ومواكبة 16 وحدة تدوير النفايات وخلق فيدرالية جهوية لقطاع الفرز والتثمين وخلق مجموعة ذات نفع اقتصادي، كما يهدف هذا المشروع إلى مراعاة استدامة القطاع عن طريق هيكلته، ويؤمن المردودية ويمكن من خلق فرص الشغل، وسيعمل على تحسيس وتكوين وتقوية قدرات الفاعلين في القطاع.
وأوضحت العامري أن « المخطط المديري الجهوي لتدبير النفايات الصناعية الطبية والصيدلية غير الخطرة والنفايات النهائية الفلاحية والهامدة الذي نحن بصدد إعداده والذي بلغ مرحلة البحث العمومي، يعتبر الوثيقة المرجعية التي ستمكننا من التنسيق الجيد لتدخلات مختلف الفاعلين المعنيين بالأمر، والاستعمال الجيد للوسائل التقنية والمالية على الصعيد المحلي والإقليمي، وسيساهم في خلق فرص الشغل وهيكلة القطاع »، مضيفة أن برنامج التنمية الجهوية (2022-2027) خصص دعامة خاصة بالتنمية البيئية تتكون من مشروعين ذات الصلة بتدبير النفايات، ويتعلق بإنشاء منصة لتثمين المخلفات البلاستيكية الفلاحية بكلفة إجمالية 209 مليون درهم، وكذا خلق وحدة لتسميد عبر التثمين البيولوجي النفايات الخضراء بكلفة إجمالية تبلغ 50 مليون درهم.
ممثلة وزارة الفلاحة في هذا اللقاء، وفاء باعلي، أكدت أن المديرية الجهوية للفلاحة تجمعها مع جمعية « أكروتيك » مند إنشائها عدة مشاريع وتعاون كبير في مختلف المجالات من قبيل مشكلة المخلفات الزراعية البلاستيكية، خاصة أنه تم تنفيذ العديد من التوصيات التي خرجت بها الدراسة التي أجريت عام 2008 من قبل المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي بسوس ماسة (ORMVASM) من جانب تنظيم القطاع وإنشاء منصة لإعادة التدوير.
وساهم تكثيف الإنتاج الفلاحي، خاصة بفضل « مخطط المغرب الأخضر واستراتيجية الجيل الأخضر »، في النمو الاقتصادي، لكن هذه الزيادة في الإنتاج أدت أيضا إلى زيادة إنتاج النفايات البلاستيكية في سوس ماسة بشكل خاص (67400 طن في 2022/2023)، فإن هذه العناصر تسلط الضوء على أهمية المبادرات والمشاريع الترابية لتدبير وتثمين النفايات البلاستيكية الفلاحية، منذ أكثر من عشر (10) سنوات وفي إطار اتفاقية مدعومة من ولاية سوس ماسة ومجلس جهة سوس ماسة والمديرية الجهوية للفلاحة لسوس ماسة، وتهدف إلى تنفيذ استراتيجية مندمجة لتنظيم قطاع مديرية الاقليمية للفلاحة على المستوى المؤسساتي والعملي، ويبدو الآن البحث عن تمويل للمنصة لعديد من المؤسسات لتعميم القيمة الاقتصادية وتثمينها في المنطقة كجزء من اقتصاد جهوي دائري، يقول المصدر.
وعرف الملتقى عرضا مفصلا لمراحل مشروع « تثمين المخلفات البلاستيكية الفلاحية بجهة سوس ماسة »، من حيث تصميم وتنفيذ المشروع بمقاربة تشاركية وعلمية، ألقاه مدير جمعية « أكروتيك » الدكتور التهامي بنحليمة، موضحا أن وضعية النفايات الزراعية المقلقة خلال تطور كرولونوجي على مدى سنوات وعملية التنظيم التي شهده القطاع عبر الفرز والتثمين الذي تقوم به التعاونيات بغية حماية الانسان والبيئة ودعم الاندماج الاجتماعي والاقتصادي للفاعلين المحليين على مستوى تثمين النفايات البلاستيكية الزراعية بجهة سوس ماسة ووضع قاعدة لاستدامتها.
كما تم عرض شريط مصور ثلاثي الأبعاد يجسد مختلف المراحل المزمع تنفيذها ومجسم افتراضي لمصنع تثمين المخلفات البلاستيكية الزراعية في إقليم تارودانت مع استحضار جوانب التأثير السوسيو اقتصادية والبيئي والتثمين والهيكلة والتنظيم ومكونات المنصة الصناعية أهدافها، مع شهادات لفعاليات فلاحية والمشاركين في المشروع، تشيد بالمشروع وآفاقه وإبداء الرغبة للانخراط فيه بحماس.