الدين السيادي في إفريقيا: الدول الصامدة والدول الغارقة تحت وطأة العملات الأجنبية

عملات أجنبية

في 16/10/2025 على الساعة 15:06

صندوق النقد الدولي يرصد بوضوح التباين في إفريقيا أمام الدين السيادي، حيث تتقابل دول صامدة تعتمد على إصدار ديونها بالعملة المحلية مع دول أخرى أسيرة للعملات الأجنبية، ما ينعكس على استقرارها ونموها. إلى جانب هذه الدول، تظهر الجزائر وأوغندا كحالتين تواجهان مخاطر جيوسياسية لا يُقدَّر حجمها بالشكل الكافي.

الأسواق العالمية تبدو هادئة، لكن مؤشرات الضعف تتصاعد، والأسواق المالية عالية المخاطر تشهد ارتفاعات، والروابط بين البنوك والمؤسسات غير البنكية تتعمق. هذه المؤشرات قد تتفاقم في حال حدوث صدمة عالمية، وهو ما يجعل تقرير صندوق النقد الدولي حول الاستقرار المالي العالمي لشهر أكتوبر 2025 مهمًا لفهم ديناميكيات الاقتصاد الإفريقي.

بينما تنجح دول ذات ركائز اقتصادية قوية مثل جنوب إفريقيا في إصدار ديونها بالعملة المحلية وجذب مستثمرين محليين، تظل دول إفريقية أخرى مثل غانا وتونس وزامبيا مقيدة بتمويل بالعملات الأجنبية ومصادر رؤوس أموال متقلبة، ما يجعلها أكثر هشاشة أمام الصدمات.

جنوب إفريقيا: نموذج للمرونة

جنوب إفريقيا تُعتبر نموذجا للمرونة، حيث تعتمد بشكل رئيسي على ديونها بالعملة المحلية، وتستند إلى قاعدة مستثمرين محليين متنوعة تقلل من مخاطر هروب رؤوس الأموال. كما أن متوسط آجال الدين الطويلة يوفر حماية أفضل مقارنة بالأسواق الحدودية. لكن التحدي الهيكلي يبقى مرتبطا بتكلفة الدين وتأثيره على القدرة على تمويل السياسات التحفيزية في أوقات الأزمات.

الدول عالية المخاطر: غانا وتونس وزامبيا

هذه الدول تعتمد بدرجة كبيرة على التمويل الأجنبي وتعاني من اعتماد مفرط على البنوك المحلية وسندات قصيرة الأجل، ما يزيد من الترابط بين الدولة والنظام المالي ويزيد من هشاشة الاقتصاد. بعض هذه الدول شهدت مؤخرا عمليات إعادة هيكلة أثرت على البنوك المحلية ووضعت الاستقرار المالي الوطني تحت الضغط.

مجموعة الأسواق الحدودية: نيجيريا وكينيا ومصر

هذه الدول حققت تقدما في رفع نسبة إصدارات الدين بالعملة المحلية، لكنها ما تزال تواجه صعوبات في تمديد آجال الدين وارتفاع تكلفة التمويل، مع سيطرة البنوك على حيازة الدين السيادي، ما يزيد من تقلبات السوق عند أي اضطراب عالمي.

أين موقع المغرب؟

المغرب، من جهته، لم يذكر صراحة ضمن الدراسة بسبب المعايير التي اعتمدها الصندوق، لكنه يظهر وضعا أقل تعرضا لبعض المخاطر مقارنة بالدول الأخرى، ما يعكس مرونة نسبية في ديناميكية الدين العمومي.

أي استراتيجية يجب اتباعها؟

الواقع يفرض على الدول اتباع استراتيجيات مخصصة: الدول القوية عليها استثمار وصولها إلى الأسواق المحلية لإصدار سندات طويلة الأجل بالعملة الوطنية، بينما الدول الأضعف تحتاج إلى تعزيز مصداقية سياساتها المالية والنقدية لجذب مستثمرين ثابتين وتقليل اعتمادها على التمويلات الأجنبية.

المستثمرون المحليون يجدون أنفسهم أمام واقع مزدوج: في الدول القوية توفر السندات الطويلة استقرارا، أما في الدول الضعيفة فتفرض المخاطر ضرورة التنويع بعيدًا عن الدين الحكومي. المستثمرون الأجانب يركزون على الدول الأكثر استقرارًا وموثوقية.

الدروس الرئيسية والآفاق المستقبلية

التقرير يسلط الضوء على ثلاثة دروس أساسية: عمق الأسواق وثقة المستثمرين المحليين، الحد من الترابط المفرط بين الدولة والبنوك، وأهمية الشفافية في البيانات لتقييم المخاطر بشكل دقيق.

الجزائر وأوغندا تواجهان مخاطر جيوسياسية غير مقدرة بسبب قلة الشفافية في بيانات ديونهما، مما يجعل تقييم المخاطر أكثر صعوبة ويستدعي إصلاحات استباقية لتجنب صدمات مستقبلية.

توضح إفريقيا اليوم تباين المسارات بين الدول التي استطاعت حماية نفسها عبر أسواق السندات المحلية، وتلك التي ما تزال تعتمد على التمويل الأجنبي، ما يجعل الاستقرار المالي طويل المدى رهينًا بالسياسات الاقتصادية المرنة.

يخلص صندوق النقد الدولي إلى أن اعتماد الدين بالعملة المحلية وتنويع قاعدة المستثمرين المحليين يظلان الركيزتين الأساسيتين للاستقرار المالي في إفريقيا، ويميزان بين الدول المرنة وتلك التي تواجه هشاشة مستمرة.

تحرير من طرف موديست كوامي
في 16/10/2025 على الساعة 15:06