مع اقتراب رمضان.. عودة الجدل حول جودة التمور الجزائرية

دول أوروبية وأمريكية تحظر تمور الجزائر بسبب احتوائها على مواد مسرطنة

دول أوروبية وأمريكية تحظر تمور الجزائر بسبب احتوائها على مواد مسرطنة . DR

في 23/02/2024 على الساعة 11:05

مع اقتراب شهر رمضان، يتجدد الجدل والنقاش حول جودة التمور الجزائرية ومدى مطابقتها للمعايير الصحية، في ظل ارتفاع أصوات تطالب بمقاطعتها، كون هذه التمور تشوبها اتهامات حول احتوائها على مواد سامة أو مسرطنة، حسب العديد من التقارير الصحفية الجزائرية والدولية.

لماذا هذا الجدل حول التمور الجزائرية ؟

كما يقول المثل « ليس هناك دخان بلا نار »، فالجدل القائم حول جودة ومدى صلاحية التمور الجزائرية ليس وليد اليوم أو البارحة، بل إن الاتهامات الموجهة لهذه التمور تفجرت قبل سنوات، ففي سنة 2018 منعت كل من فرنسا وكندا وروسيا وقطر دخول منتجات فلاحية جزائرية (من بينها التمور)، بسبب عدم مطابقتها للمعايير واحتوائها على مواد كيماوية، فضلا عن انتشار الدود في صناديق التمور الموجهة إلى فرنسا، الأمر الذي دفع سلطات هذه الأخيرة إلى إتلافها وحرقها.

انتشار الدود ومواد كيماوية مسرطنة

وحسب تصريحات لرئيس الجمعية الوطنية للمصدرين الجزائريين لجريدة « الشروق » الجزائرية، فإن التمور على غرار منتجات أخرى تعاني من مشكل سوء المعالجة الكيماوية، إذ أن المزارعين الجزائريين يبالغون في استعمال 5 أنواع من الأسمدة والمبيدات الحشرية الممنوعة في الأسواق الأوروبية والأمريكية وحتى العربية.

علاوة على مشكل المبيدات الكيماوية الخطيرة على صحة الإنسان، فإن أزيد من 20 في المائة من محاصيل تمور الواحات الجزائرية تعاني من انتشار الدود، وهي نسبة جد مرتفعة مقارنة مع دول مجاورة كتونس التي تتجاوز فيها الـ 5 بالمائة.

محاصيل مسقية بمياه الصرف الصحي

حسب ما جاء في مقال لصحيفة « الجزاير »، فإن 80 بالمائة من المنتوجات الفلاحية الجزائرية تسقى بالمياه العادمة، حيث أشار كاتب المقال إلى أنه « تفاقمت، في الآونة الأخيرة، ظاهرة ري المزروعات بالمياه العادمة في كافة مناطق الجزائر، وأصبحت مثار قلق بسبب تأثيرها السلبي ليس فقط على صحة الإنسان، بل أيضا على الحيوانات والكائنات الحية الأخرى ».

وأوضح المصدر أن الأجهزة الأمنية الجزائرية أوقفت العديد من المزارعين عبر ولايات البلاد، في حالة تلبس، لكن لم يتم القبض عليهم لأنهم يعملون في مزارع تابعة للجنرالات. ولهذا السبب دق متخصصو الصحة العامة ناقوس الخطر بشأن ري المزارع بمياه الصرف الصحي.

كما دق فاعلون جمعوييون وسكان الواحات ناقوس الخطر بخصوص تسرب مياه الصرف الصحي الملوثة إلى محاصيل التمور، وهو ما أكده روبوررتاج مصور لقناة « النهار » في منطقة ورقلة المعروفة بإنتاجها الكبير للتمور.

مطالب بإنقاذ التمور الجزائرية من الكساد

في خضم الاتهامات الموجهة للتمور الجزائرية طالب المنتجون والمصدرون الجزائريون من السلطات بإنقاذ تمورهم، حيث عبرت جمعية مصدري التمور عن قلقها في مقال لجريدة « الشروق » تحت عنوان « أنقذوا دقلة نور الجزائرية من الكساد! ».

وطالب المصدرون بالوقف الفوري لعلاج التمور بالمواد الكيميائية، والتي تسببت حسبها في حصار دولي على « دقلة نور » الجزائرية التي تم حظرها مؤخرا في العديد من الدول الأوروبية والأمريكية، لاحتوائها بقايا « مواد مسمومة ».

كما دعوا المصالح الفلاحية إلى ضرورة مراجعة المواد الكيميائية المستعملة في علاج التمور، والتي تصلح حسبهم للحمضيات، لكنها مضرة ومسممة للتمور، حيث تتطلب الأخيرة مواد عضوية بيولوجية مستعملة في بلدان مجاورة (المغرب وتونس) وأثبتت فعاليتها في العلاج الطبيعي للتمور.

دعوات لـ«مقاطعة» التمور الجزائرية

مع اقتراب شهر رمضان، تتعالى أصوات تطالب بوقف استيراد التمور الجزائرية والكف عن استهلاكها من طرف المواطنين المغاربة، نظرا للمخاطر المحتملة التي قد تشكلها على الصحة.

وتأتي هذه التحذيرات رغم تطمينات وزارة الفلاحة والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية « أونسا » حول جودة التمور المستوردة من الدول العربية. بيد أن الأصوات المطالبة بمقاطعة التمور الجزائرية تدعو إلى قطع الشك وتفادي الشُبه التي تشوب تمور الجزائر عبر استهلاك التمور المحلية المعروفة أو التمور المستوردة من دول الخليج؛ على غرار الإمارات والسعودية والعراق.

وضجت مواقع التواصل الاجتماعي ( إكس وفايسبوك)، في الفترة الأخيرة، بتغريدات وتدوينات تطالب التجار بوقف استيراد التمور من الجزائر مقابل ترويج واستهلاك التمور المغربية، لدعم الفلاحين المحليين الذين تضرر جزء كبير من محاصيلهم جراء الجفاف.

مطالب برلمانية لتشديد المراقبة على التمور المستوردة

الجدل حول جودة التمور الجزائرية وصل إلى قبة البرلمان، إذ وجه برلمانيون من عدة فرق نيابية أسئلة كتابية إلى حكومة عزيز أخنوش.

وفي هذا الصدد، طالب البرلماني عن الفريق النيابي لحزب التقدم والاشتراكية، عدي شجيري، وزارة الصناعة والتجارة، بمنع استيراد التمور الجزائرية ومنع بيعها في الأسواق المحلية، مبرزا أنه « مع اقتراب حلول شهر رمضان المبارك، يتجدد النقاش حول جودة المواد الأكثر استهلاكا في هذا الشهر الفضيل، وعلى رأسها التمور التي تلقى إقبالا منقطع النظير لدى الأسر المغربية ».

وأشار البرلماني إلى « وفرة المنتوج المحلي، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، مقابل المنتوج المستورد من دول الجوار الذي يغزو الأسواق الوطنية، خاصة المنتوج الجزائري المهرب عبر مالي وموريتانيا، عبر معبر الكركرات، ويفتقد لأدنى معايير شروط السلامة والصحة ».

كما قالت برلمانية حزب العدالة والتنمية، نعيمة الفتحاوي، ضمن سؤال مُوجه إلى وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور: « راجت مؤخرا أخبار عن وجود تمور جزائرية في السوق المغربية يعتقد أنها تتضمن مواد كيميائية مسرطنة وسقي نخيلها بمياه الصرف الصحي ». وساءلت الفتحاوي الوزير عن « مدى صحة هذه الأخبار.. وعن التدابير التي سيتم القيام بها لحماية السوق الوطنية من المواد المضرة بصحة المواطن ».

المغرب يفتح بابه للتجار والشركات الجزائرية

في ظل الرقابة التي تمارسها السلطات الجزائرية على المعاملات الاقتصادية والتجارية مع المغرب، تواصل بلادنا فتح بابها للشركات الجزائرية؛ وأفضل مثال على ذلك سوق التمور، حيث يتم استيراد آلاف الأطنان سنويا من التمور الجزائرية، رغم توفر المغرب على إنتاج محلي متنوع من التمور ذات الجودة العالية.

وحسب ما عاينه Le360، فإن التمور الجزائرية منتشرة في الأسواق المغربية ولا تخضع لأي نوع من التضييق أو المحاصرة، وهو ما أكده لنا عدد من التجار في سوق الجملة للتمور، حيث أن عملية استيراد هذه المادة من الجزائر تمر بشكل طبيعي وسلس.

وتنشط عدة شركات في مجال استيراد وتصدير التمور من الجزائر إلى المغرب، على رأسها شركة « ليل دو فروي » التي توفر عدة علامات تسويقية كتمور « شموخ دقلة نور » و« وازيس » و« البركة ». بالإضافة إلى شركتي « ب.م.س.هـ » و »عبد المالك جمال ».


تحرير من طرف أمين لمخيضة
في 23/02/2024 على الساعة 11:05