قائمة أكثر 10 موانئ أداء في إفريقيا خلال 2024

ميناء بور سعيد بمصر. QMahmoud Gamal

في 24/09/2025 على الساعة 11:00

نشرت كل من البنك الدولي وS&P Global Market Intelligence مؤشر أداء الموانئ الخاصة بالحاويات. تقرير هذه السنة تميز بتحسن أداء عدد من الموانئ الإفريقية، فيما حمل التصنيف القاري مفاجآت عديدة.

يحمل التقرير عنوان: «مؤشر أداء الموانئ الخاصة بالحاويات 2020-2024: توجهات ودروس مستخلصة»، وهو الإصدار الخامس لمؤشر أداء الموانئ الخاصة بالحاويات (IPPC) لسنة 2025، الذي أعده البنك الدولي بالشراكة مع S&P Global Market Intelligence.

وبالإضافة إلى بيانات سنة 2024، يقدم التقرير تحليلا للتوجهات التي سجلت خلال السنوات الخمس الماضية (2020-2024).

ويصدر هذا التقرير في وقت تتزايد فيه أهمية الأداء المينائي بالنسبة لسلاسل الإمداد العالمية، حيث يؤمن النقل البحري أكثر من 80% من التجارة الدولية، وتشكل الموانئ الخاصة بالحاويات عمودها الفقري. وبالتالي، فإن أداء هذه الموانئ قادر على التأثير في تكاليف التبادل التجاري، وموثوقيته، وقدرته على الصمود أمام الأزمات.

كما أن أداء الموانئ يُعد من مؤشرات الجاذبية بالنسبة لشركات الملاحة والتجار، إذ يؤثر بشكل مباشر على مستوى الربط البحري للدول، وعلى تكاليف النقل، ومن ثم على التنافسية التجارية والتنمية الاقتصادية للدولة.

طريقة احتساب المؤشر

في هذا الإصدار لسنة 2025، اعتمدت بيانات مؤشر IPPC على تحليل مقارن شمل 403 موانئ للحاويات عبر العالم، وما يفوق 175 ألف توقف للسفن و247 مليون حركة للحاويات.

ويعتمد المؤشر على المدة الإجمالية التي تقضيها سفن الحاويات داخل الميناء، انطلاقا من وصولها إلى منطقة الرسو إلى غاية مغادرتها الرصيف، مع التركيز على كفاءة العمليات. ولتحقيق ذلك، استند المؤشر إلى بيانات مفصلة خاصة بكل توقف للسفن، مأخوذة من إشارات نظام AIS، ومطابقة مع معطيات منظمة حول السفن وتوقفاتها.

كل توقف يتضمن توثيقا زمنيا لستة أحداث رئيسية:

  • الوصول إلى منطقة الرسو أو محطة الإرشاد،
  • انتقال السفينة إلى موقع الرسو،
  • بداية عمليات الشحن،
  • نهاية عمليات الشحن،
  • مغادرة الرصيف،
  • والخروج من حدود الميناء.

كما يتضمن كل توقف معطيات عن خصائص السفينة (سعة الحاويات بالـ EVP) والبيانات المتعلقة بحجم التوقف وعدد الرافعات المستخدمة…

يجمع المؤشر بين بيانات مدة توقف السفينة في الميناء، وبين المعطيات المرتبطة بعدد الحاويات المشحونة والمفرغة. ولضمان إمكانية المقارنة بين الموانئ على اختلاف أحجامها، «يقوم المؤشر بتجميع توقفات السفن حسب حجم السفينة وحجم التوقف (عدد الحاويات المشحونة والمفرغة في كل توقف). كل توقف لا تتم مقارنته إلا مع تلك التي تتشابه في حجم السفينة وعدد الحاويات المشحونة والمفرغة»، بحسب ما ورد في التقرير.

ولا يأخذ المؤشر في الحسبان سوى الموانئ المخصصة للحاويات، مستبعدا المحطات المتخصصة في البضائع السائبة، أو المحروقات، أو نقل الركاب، بالنظر إلى اختلاف منطق اشتغالها ومؤشرات أدائها.

التأثيرات العالمية على أداء الموانئ

إذا كانت هناك عدة عوامل تؤثر في المؤشر، فإن عامي 2023 و2024 شهدا تأثيرا كبيرا لأزمة البحر الأحمر، التي أدت إلى إعادة توجيه واسعة للتبادلات التجارية بين آسيا وأوروبا عبر رأس الرجاء الصالح، وهو ما أطال مدة العبور وأربك دورات توقف السفن بالموانئ.

وبفعل تقليص الحركة في بعض الموانئ، ساهمت الأزمة في تحسين مؤشرات أدائها. وينطبق ذلك على الموانئ المصرية التي سجلت عددا أقل من التوقفات وحركة الحاويات.

وعلى العكس من ذلك، فإن الموانئ التي شهدت زيادة كبيرة في أعداد السفن الوافدة إليها، في حين أنها لم تكن أصلا ذات أداء جيد، مثل الموانئ الجنوب إفريقية، تراجعت مؤشرات أدائها بشكل ملحوظ.

الموانئ الصينية في الصدارة

بصفة عامة، يبرز التقرير التباين الواضح في أداء الموانئ عبر العالم. ومع ذلك، يُلاحظ تفوق الموانئ الصينية؛ حيث تضم قائمة أفضل عشرة موانئ في العالم سبعة موانئ صينية.

أما إفريقيا، فقد سجلت حضور ميناءين في قائمة الخمسة الأوائل عالميا: ميناء بورسعيد (المرتبة الثالثة) وميناء طنجة المتوسط (المرتبة الخامسة)، فيما احتلت المراتب الأولى والثانية والرابعة موانئ صينية. وهي نتائج استثنائية تؤكد مكانة هذين الميناءين باعتبارهما الوحيدين في العالم القادرين على منافسة الموانئ الصينية. هذان الميناءان الإفريقيان يشكلان اليوم عقدا محورية لا غنى عنها على طرق الملاحة البحرية بين آسيا وأوروبا.

وبات الآن ميناء بورسعيد المصري هو الميناء الأكثر كفاءة في إفريقيا. فقد حقق 137,4 نقطة، بزيادة 19 نقطة مقارنة بسنة 2023، محتلا بذلك المرتبة الثالثة عالميا، خلف ميناءي يانغشان وفوتشو الصينيين اللذين سجلا على التوالي 146,3 و139,2، متجاوزين بذلك ميناء طنجة المتوسط المغربي الذي تراجع إلى المرتبة الخامسة عالميا والثانية إفريقيا.

العوامل وراء تحسن بورسعيد

يُعد ميناء بورسعيد من بين الموانئ الخاصة بالحاويات التي سجلت أقوى تحسن خلال الفترة 2000-2024. ويعود أداؤه المتميز إلى عدة عوامل. أولا، تأثير تحسن المنظومة اللوجستية التجارية الشاملة لمصر، حيث احتلت البلاد المرتبة 57 عالميا من أصل 139 وفق مؤشر الأداء اللوجستي لعام 2023 الصادر عن البنك الدولي.

ثانيا، مساهمة الاستثمارات في الأنظمة الرقمية لتدبير العمليات المينائية، والتي ساعدت على تحسين برمجة السفن وتقليص مدد التوقف.

وأخيرا، فإن الانخفاض الكبير في عدد التوقفات خلال سنتي 2023 و2024 بسبب الأزمة في الشرق الأوسط، خفف الضغط على ميناء بورسعيد الذي سجل حركة أقل للحاويات، ما مكنه من تحسين أدائه عبر إدارة عدد أقل من السفن.

وبحسب بيانات Lloyd’s List، فقد سجل الميناء تراجعا طفيفا في حركة الحاويات، حيث بلغ 3,941 مليون حاوية (EVP) مقابل 4,038 مليون سنة 2023.

ويخوض ميناء بورسعيد حاليا عملية توسيع طاقته الاستيعابية بإضافة 2,1 مليون حاوية EVP، لترتفع طاقته الإجمالية إلى 6,6 ملايين حاوية EVP. وتهدف هذه التوسعة إلى تمكين الميناء من الاستفادة أكثر من الميزة الاستراتيجية الكبرى التي يوفرها له قناة السويس، باعتبارها أحد المحاور الرئيسية للملاحة البحرية العالمية.

يأتي بعد ميناء بورسعيد، ميناء طنجة المتوسط برصيد 136 نقطة، متراجعا بثلاث نقاط مقارنة بعام 2023، وهو ما وضعه في المرتبة الخامسة عالميا والثانية إفريقيا.

ويعزى ترتيب الميناء المغربي إلى ارتفاع إنتاجية محطاته المخصصة للحاويات، ومعالجته لسفن الميغا شيب العملاقة، فضلا عن توفره على تجهيزات عالية الكفاءة، من بينها أكبر الرافعات شبه الآلية في العالم.

ويحتل ميناء طنجة المتوسط موقعا متقدما بكثير على كبريات موانئ حوض المتوسط مثل بيريه في اليونان وفالنسيا والجزيرة الخضراء في إسبانيا.

أما فيما يتعلق بتراجعه، فيُعزى أيضا إلى الزيادة الكبيرة في حركة الملاحة ومعالجة الحاويات داخل المنصة المينائية طنجة المتوسط خلال سنة 2024. فلأول مرة، تجاوز الميناء عتبة 10 ملايين حاوية تمت معالجتها، ليصل العدد إلى 10,241 ملايين حاوية، مما مكنه من احتلال المرتبة 17 عالميا. غير أن هذه الزيادة الكبيرة في الحركة كان لها أثر على سلاسة معالجة السفن.

باستثناء هذين الميناءين في شمال إفريقيا، لا يوجد أي ميناء آخر بالقارة مدرج ضمن قائمة أفضل 100 ميناء في العالم.

ضعف أداء الموانئ الجنوب إفريقية

في إفريقيا جنوب الصحراء، ما تزال الموانئ تواجه تحديات هيكلية مستمرة، من أبرزها محدودية الأتمتة وضعف الربط مع المناطق الداخلية. ومع ذلك، فقد تمكنت العديد من الموانئ الإفريقية من تحسين أدائها في مؤشر IPPC، وسجل بعضها تحسينات ملحوظة.

ووفق التقرير، فإن هذه التحسينات تعود لعدة عوامل: الالتزام السياسي، وثمار الشراكات المبرمة مع مشغلي المحطات العالميين، وتبسيط الإجراءات التجارية، إلى جانب الاستثمارات في البنيات التحتية…

وينطبق ذلك على ميناء دكار الذي احتل المرتبة الأولى بين الموانئ الأكثر كفاءة في إفريقيا جنوب الصحراء. فقد ارتفع مؤشر أدائه من -82 في 2023 إلى 22,8 في 2024، أي بزيادة قدرها 104,8 نقطة، ليحتل حاليا المرتبة الثالثة بين أكثر الموانئ أداءً على مستوى القارة.

البنية التحتية التي تديرها شركة موانئ دبي العالمية (DP World) منذ 2008 استفادت من استثمارات مهمة من شريكها، شملت تركيب رافعات جديدة، وتوسيع قدراتها، وتطوير نظام شبكة مينائية، وتحسين الربط مع المناطق الداخلية، واعتماد الشباك الموحد الذي يقلص زمن الانتظار… وهي كلها عوامل ساهمت في تعزيز ربط الخطوط البحرية القادمة من آسيا.

موانئ الصومال تخلق المفاجأة

يأتي بعد هذا الثلاثي كل من موانئ: مقديشو (الصومال)، تواماسينا (مدغشقر)، الدخيلة (مصر)، السخنة (مصر)، فريتاون (سيراليون)، كوناكري (غينيا)، وبربرة (الصومال).

المفاجأة تكمن في وجود ميناءين صوماليين ضمن أفضل عشرة موانئ للحاويات أداءً في إفريقيا. إذ يحتل ميناء مقديشو، الذي تديره مجموعة Albayrak التركية، المرتبة الرابعة في القارة و163 عالميا، بينما يقع ميناء بربرة في الصومال الشمالي (سوماليلاند)، الذي تديره شركة DP World الإماراتية، في المرتبة 243 عالميا.

ويُعزى تصنيف الموانئ الصومالية بشكل رئيسي إلى انخفاض حركة الملاحة وعدد السفن الوافدة إليها، وهو وضع يترجم إلى سلاسة أكبر في عمليات معالجة السفن أثناء توقفها. فعلى سبيل المثال، يسجل ميناء بربرة، برصيد -3 نقاط، أي أقل من المتوسط العالمي، المرتبة 243 عالميا و10 إفريقيا، مع توقف يقارب مرة واحدة أسبوعيا، ما يسمح بمعالجة السفن بسرعة.

ويجدر بالذكر أيضا أن ميناء بربرة في الصومال الشمالي يُدار من قبل العملاق الإماراتي DP World، ويستفيد من استثمارات كبيرة من الإماراتيين الذين يسعون إلى تحويله إلى محور إقليمي حقيقي، بعد فقدانهم إدارة ميناء جيبوتي.

وأخيرا، يجب التأكيد على أن الموانئ الجنوب إفريقية جاءت في ترتيب متدني من حيث الأداء. فهذه الموانئ، التي كانت متأثرة أصلا بالمشكلات الهيكلية للبلاد، شهدت انخفاض أداء بعض الموانئ خلال سنتي 2023 و2024، خصوصا بسبب أزمة البحر الأحمر التي دفعت العديد من السفن لتجنب قناة السويس. وقد أدى ذلك إلى زيادة توقف السفن في الموانئ الجنوب إفريقية، مما أثر سلبا على أداء موانئ مثل ديربان وإليزابيث، التي كانت تعاني أصلا من صعوبات، وزاد من مدة الانتظار في منطقة الرسو.

يأتي ميناء ديربان، برصيد -721 نقطة، في المرتبة 403 والأخيرة عالميا بين الموانئ الأكثر أداءً في العالم. أما ميناء إليزابيث، فقد تراجع مؤشره من -128 إلى -169، أي فقد 41 نقطة، ليحتل بذلك المرتبة 395 عالميا.

ورغم هذه المشاكل، سجلت بعض الموانئ في البلاد تحسينات ملحوظة من خلال تطبيق تدابير مبتكرة، مثل وحدات الشد الهيدروليكية على الأرصفة، ونموذج تنبؤي بالرياح تم تطويره بالتعاون مع المجلس للبحث العلمي والصناعي لتخفيف الاضطرابات الناتجة عن الأحوال الجوية. كما تم إطلاق خدمة إرشاد بالسفن عن طريق الهليكوبتر لتحسين وصول السفن خلال فترات الأمواج العالية. ومع ذلك، سجل ميناء كيب تاون مؤشر -281 نقطة، مما وضعه في المرتبة 400 عالميا.

ويشير التقرير إلى أن: «البيانات الأولية المتاحة لعام 2025 تؤكد أن الاستثمارات والتحسينات أثرت بالفعل بشكل إيجابي وقابل للقياس على الأداء. ووفقا لآخر البيانات المقدمة من Transnet، بين منتصف 2024 وأغسطس 2025، انخفضت مدة رسو السفن في الموانئ الجنوب إفريقية بحوالي 75%، وزاد العدد الإجمالي لحركات الرافعات في الساعة بنسبة 13%، كما ارتفع عدد حركات السفن المشغلة بنسبة 25%».

وهكذا، تمكن ميناء كيب تاون من تحسين مؤشر IPPC بنحو 240 نقطة بين 2023 و2024، مسجلا أحد أكبر التحسينات على مستوى العالم.

تحرير من طرف موسى ديوب
في 24/09/2025 على الساعة 11:00