أشار التقرير الصادر عن مجلة CEOWORLD حول المشهد الرقمي العالمي لسنة 2025، إلى أن التجارة الإلكترونية لم تعد مجرد خيار ثانوي، بل أصبحت نمطا استهلاكيا متناميا على المستوى العالمي والعربي على حد سواء.
ووفقا للتقرير، فقد تصدرت الإمارات قائمة الدول العربية الأكثر إقبالا على الشراء عبر الإنترنت بنسبة 45.86%، تلتها السعودية بـ 43.9%، فيما جاء المغرب متقدما على كل من سلطنة عمان ولبنان والأردن والعراق.
غير أن السؤال المطروح، ما الذي يدفع المستهلك المغربي إلى اعتماد التجارة الإلكترونية بشكل متزايد؟
وفي تصريح لـLe360 قال المحلل الاقتصادي يوسف كراوي الفيلالي، رئيس المركز المغربي للحكامة والتسيير، ردا على هذا السؤال: « إن الثقافة الرقمية في المغرب شهدت تحولات جذرية خلال السنوات الأخيرة، بفعل انتشار الإنترنت بشكل واسع، إلى جانب اعتماد المنصات الإلكترونية في الخدمات العمومية والإدارية، مما فرض على المواطنين التعامل مع التطبيقات والمنصات الرقمية بشكل يومي ».
وأَضاف الخبير أن « هذا التحول انعكس بشكل مباشر على السلوك الاستهلاكي، حيث باتت فئات واسعة من الطبقة المتوسطة والطبقات الشغيلة تعتمد على البطاقات البنكية والتطبيقات المصرفية في عملياتها الشرائية، رغم أن التعامل النقدي لا يزال مرتفعا ويشكل نحو 30% من الناتج الداخلي الخام، وهو رقم يعكس حجم الاقتصاد غير المهيكل ».
ويرى الفيلالي أن جائحة كورونا مثلت منعطفا أساسيا في مسار التجارة الإلكترونية بالمغرب، إذ « أجبرت الأسر على التعامل عن بعد مع المؤسسات البنكية والخدماتية، وأحدثت ثورة رقمية حقيقية، خاصة مع التخوف من انتقال الفيروس عبر النقود ».
وتابع: « وبرغم عودة جزء من المستهلكين إلى الدفع النقدي بعد رفع القيود الصحية، إلا أن فئات واسعة واصلت الاعتماد على الأداء الإلكتروني، خصوصا في الطبقات الوسطى ».
لكن هذا النمو، حسب الخبير ذاته، يصطدم بعدة تحديات، أبرزها ضعف البنية التحتية في المناطق القروية والنائية، حيث يغيب الصبيب العالي للإنترنت وأجهزة الأداء الإلكتروني (TPE)، ما يجعل التجارة الرقمية حكرا على المدن الكبرى والأسواق الممتازة.
وبشأن القطاعات الأكثر استعدادا للاستفادة من هذا التحول، يؤكد الخبير أن المواد الغذائية والمنتجات المنزلية مرشحة لتسجيل أكبر نمو في المبيعات الإلكترونية خلال السنوات المقبلة، خاصة مع دخول شركات ناشئة وشباب مغاربة لهذا المجال، معتمدين على البيع من المنزل أو عبر وساطات رقمية بتكلفة أقل.
ويخلص رئيس المركز المغربي للحكامة والتسيير إلى أن المغرب يمكنه الاستفادة من تجارب دول رائدة مثل الولايات المتحدة والصين، اللتين نجحتا في تعميم الأداء البنكي وفرض وسائل الدفع الإلكترونية في مختلف المعاملات التجارية.
وأضاف: « لكن بلوغ هذا المستوى يستلزم تسريع تعميم البنية التحتية الرقمية، وتبسيط المساطر الإدارية، وتقليص حجم الاقتصاد غير المهيكل ».




