الإقبال على سوق الليدو للكتب المستعملة بفاس يتجدد مع الدخول المدرسي وسط مطالب بإعادة تهيئته‎

سوق الليدو للكتب المستعملة بفاس‎

في 01/09/2025 على الساعة 09:00

فيديوفي قلب مدينة فاس، يحتل سوق الليدو للكتب المستعملة مكانة بارزة كمعلمة فكرية، حيث يجمع بين أكشاكه المعدنية وأكوام الكتب المتراصة على الأرض، إرثا ثقافيا يعكس تاريخ المدينة في نشر المعرفة والثقافة. ومع اقتراب الدخول المدرسي والجامعي، يشهد السوق نشاطا متزايدا من التلاميذ والطلبة الباحثين عن المقررات الدراسية وكتب الدعم، إلى جانب الروايات والمؤلفات التي تزخر بها رفوفه التي ظلت شاهدة على هويته الثقافية منذ مطلع تسعينات القرن الماضي.

ويبرز هذا الفضاء الثقافي الفريد، القريب من المركب الجامعي ظهر المهراز، المعروف باسم «الحفرة»، كسوق نابض بالحياة للكتب القديمة والمستعملة، حيث تمتزج رائحة الأوراق العتيقة مع أصوات الزوار المتجولين بين الكتب المنتشرة على الأرض والرفوف المزدحمة بالعناوين المتنوعة في مختلف المجالات واللغات.

وإلى جانب الطلبة الباحثين عن مراجع أكاديمية بأسعار مناسبة، يجذب السوق زوارا شغوفين بالروايات والكتب النادرة التي لم تعد متوفرة في المكتبات الحديثة. آية، طالبة جامعية، أكدت لـLe360 أنها دأبت على زيارة السوق مع صديقتها للبحث عن كتب متعلقة بتخصصها، مشيرة إلى أنها تمكنت أكثر من مرة من اقتناء مؤلفات قديمة ونادرة أثارت اهتمامها أثناء تصفحها الرفوف.

أما عصام، طالب علم النفس بجامعة فاس، فأوضح أنه يجد في السوق الكتب التي يحتاجها بأسعار مناسبة مقارنة بالمكتبات، مشيدا بتعامل الباعة ومرونتهم في تبديل الكتب مقابل مبلغ مالي بسيط، وهو ما يشجع على القراءة والإقبال على السوق. وأضاف أنه رغم توفر النسخ الإلكترونية للعديد من الكتب، فإنه يفضل الاطلاع على الكتب الورقية لما تمنحه من تجربة قراءة فريدة وسحر خاص لا توفره النسخ الرقمية.

وعلى الرغم من مكانته التاريخية، يقر باعة السوق إلى أن الإقبال لم يعد كما كان عليه في الماضي. محمد، كتبي يمارس هذه الحرفة منذ أكثر من 27 سنة، أكد أن السوق يتمتع بتاريخ طويل، فقد شهد مرور أجيال من الطلبة الذين أصبح بعضهم اليوم في مواقع قيادية، ويستقطب الزوار من مختلف المناطق الباحثين عن الكتب النادرة التي يصعب العثور عليها في المكتبات الأخرى.

وأضاف أن السوق ظل شاهدا على إرث الكتاب وحافظا على قيمته الثقافية، موضحا أن تراجع الإقبال يعزى بالأساس إلى انتشار الإنترنت والهواتف الذكية، فيما تظل المقررات الدراسية وكتب الدعم الأكثر طلبا، خصوصا مع اقتراب الدخول المدرسي، وسط آمال معلقة على أن ينال حظا من إعادة التهيئة ليواصل أداء دوره في نشر ثقافة القراءة.

وبالإضافة إلى ذلك، يواجه سوق الليدو تحديات بنيوية كبيرة، إذ أن أكشاكه المبنية من القصدير تفتقر إلى أبسط شروط التنظيم، ما يؤثر على جودة الكتب وظروف عمل الباعة. فقد أكد محسن، بائع يشتغل في السوق منذ عقدين، أن هذا الفضاء الثقافي والفكري الفريد يحتاج إلى تحسين بنيته وتجهيز فضائه، ليتمكن من مواصلة دوره في تشجيع القراءة ونشر المعرفة بين مختلف الأجيال، ليس في فاس فحسب، بل على مستوى مدن المملكة.

جدير بالذكر أن مهنيي سوق الليدو أسسوا، عام 2008، جمعية «المعرفة للكتب المستعملة»، بهدف الدفاع عن مصالحهم والعمل على إعادة تأهيل هذا الفضاء الثقافي والفكري الفريد. وتركز الجمعية جهودها على الارتقاء بالسوق ليصبح جذاباً للقراء، مع الحفاظ على الكتب باعتبارها منتجات معرفية تحتاج إلى عناية خاصة، إلا أن ذلك وحده لا يكفي، إذ يبقى التدخل الفعلي للجهات المعنية ضرورياً لتحسين البنية التحتية للسوق وضمان جودة العرض، وتوفير ظروف عمل مناسبة للباعة طوال العام، بما يرسخ مكانة السوق الرمزية والتاريخية ويضمن استمراره كفضاء نابض بالمعرفة والثقافة في قلب مدينة فاس.

تحرير من طرف يسرى جوال
في 01/09/2025 على الساعة 09:00