السياحة في المغرب وتونس: زيادة في عدد الوافدين والإيرادات بفضل العطلة الصيفية

السياحة في المغرب وتونس

في 20/10/2024 على الساعة 09:00, تحديث بتاريخ 20/10/2024 على الساعة 09:00

يحتل المغرب وتونس المراتب الثلاث الأولى بين الوجهات السياحية الإفريقية. منذ بداية العام، ومع استمرار الأداء الجيد للعام السابق، حقق قطاع السياحة نتائج إيجابية. خلال الفترة الصيفية، تم تسجيل أرقام قياسية في عدد الوافدين، لا سيما في المغرب، حيث كانت الإيرادات مرتفعة على عكس تونس.

أكدت انتعاشة القطاع السياحي هذا العام بعد الأرقام القياسية لعام 2023. الآن، تجاوزت الأرقام المسجلة في المغرب وتونس بنهاية شتنبر البيانات المسجلة قبل جائحة كوفيد-19 مقارنة بنفس الفترة من عام 2019، الذي يعتبر مرجعية للقطاع السياحي العالمي.

هناك شبه يقين بأن عام 2024 سيُكلل أيضًا بأرقام قياسية، بعد الأرقام القياسية في عدد الوافدين التي سُجلت في 2023، وذلك بفضل الأداء الاستثنائي للفترة الصيفية. هذه الأرقام القياسية تفسر بشكل رئيسي بعودة كبيرة لأفراد الجاليات في البلدين خلال الصيف، أكثر من جذب السياح الأجانب.

إلى جانب تنوع المنتجات السياحية التي تقدمها الدولتان - من شواطئ وثقافة وترفيه وتسوق ورياضية - ساهمت الحملات الترويجية في البلدان المُصدرة للسياح وزيادة الرحلات الجوية في زيادة عدد الزوار خلال صيف استثنائي في المغرب.

الوافدون والإيرادات في المغرب: صيف الأرقام القياسية

استقبل المغرب خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024 نحو 13.1 مليون زائر، بزيادة تزيد عن مليوني زائر مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، وذلك بفضل النتائج الجيدة خلال الفترة الصيفية. فعلى سبيل المثال، استقبل المغرب خلال أشهر يوليو وغشت وشتنبر نحو 5.5 مليون سائح (2.6 مليون في يوليو، 1.8 مليون في غشت، و1.3 مليون في شتنبر).

من الجدير بالذكر أن الإقبال على المؤسسات الفندقية المصنفة كان أقل حيوية، حيث سجلت زيادة بنسبة 7٪ فقط في عدد الليالي التي قضاها السياح في الفترة من بداية يناير وحتى نهاية غشت 2024، ليصل الإجمالي إلى 18.7 مليون ليلة. يمكن تفسير هذا النمو المتواضع بكون العديد من المغاربة المقيمين في الخارج لا يقيمون في الفنادق عندما يقضون عطلاتهم في بلدهم.

بالموازاة مع ذلك، بلغت الإيرادات السياحية المتراكمة حتى نهاية غشت 2024 حوالي 76.4 مليار درهم، بزيادة 7٪ مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.

وتجدر الإشارة إلى أنه تم تسجيل رقم قياسي جديد بقيمة 17 مليار درهم (ما يعادل 1.72 مليار دولار) في شهر غشت وحده، بزيادة 20٪ مقارنة بشهر غشت 2023.

لفهم أهمية الإيرادات المتحققة خلال شهر غشت، يكفي معرفة أنها تفوق إجمالي الإيرادات السياحية لتونس خلال الفترة الممتدة من 1 يناير حتى 10 شتنبر 2024 (5.1 مليار دينار، أي 1.65 مليار دولار). مما يعني أن نموذج السياحة الفاخرة الذي اعتمده المغرب قد أثبت نجاحه.

وعبرت فاطمة الزهراء عمور، وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، عن سعادتها بقولها: « تُثبت هذه الأرقام فعالية خارطة الطريق لدينا. نطمح إلى الحفاظ على هذه الديناميكية من خلال تنويع وإثراء تجاربنا المحلية. ستتيح لنا هذه المقاربة تمديد فترة الإقامة وزيادة قيمتها لدى زوارنا ».

هذه الإنجازات السياحية هي نتاج عدة عوامل: رؤية استراتيجية، تنوع العرض (ثقافي، شاطئي، رياضي، بحري، ترفيهي، الرمال والصحراء…) استثمارات في البنية التحتية الفندقية والمطارات، ترويج دولي لدى منظمي الرحلات وفي المعارض السياحية.

كما أن الاستقرار السياسي والاجتماعي، والأمان، والقرب الجغرافي من الأسواق الكبرى المصدرة للسياح، والاتصال الجيد لمطارات المملكة، كلها عوامل تعزز مكانة المغرب كوجهة سياحية رئيسية في إفريقيا والعالم العربي. يطمح المغرب لاستقبال 26 مليون سائح بحلول عام 2026.

مع هذه الأرقام، يقترب المغرب من تحطيم رقمه القياسي المسجل في العام الماضي، ومن المحتمل أن ينتزع المرتبة الأولى كأكبر وجهة سياحية في إفريقيا من مصر، مع إمكانية تسجيل رقم قياسي غير مسبوق في عدد السياح الذين استقبلهم بلد في القارة.

وفي هذا السياق، تعتمد الوزيرة فاطمة الزهراء عمور على استمرار هذه الديناميكية لبقية العام، وتقدر وصول ما بين 15.5 و16 مليون زائر في عام 2024، متجاوزة الهدف المبدئي البالغ 15.5 مليون زائر الذي وضعته خارطة الطريق للقطاع لهذا العام. وللتذكير، استقبل المغرب 14.5 مليون زائر في عام 2023، وهو رقم قياسي تاريخي، من بينهم 51٪ من المغاربة المقيمين في الخارج (MRE).

تونس: سياحة جماهيرية.. إيرادات ضئيلة

استقبلت تونس 6.61 مليون سائح حتى نهاية غشت 2024، مقارنة بـ 6.23 مليون سائح خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2023، محققة نموًا بنسبة 6.1٪، وفقًا لأحدث البيانات المتاحة. لا تزال الأعداد خلال الفترة الصيفية متوسطة. قد يُعزى ذلك إلى الفترة الانتخابية والتوترات الحالية في الشرق الأوسط.

تتمتع تونس بوصول سهل بفضل أسعارها الجذابة، خاصة مع برامج « شاملة كليًا » واتصالها الجيد بالسوق الأوروبية، سوقها الرئيسي. كما تستفيد تونس بشكل رئيسي من السياحة الإقليمية، إذ تعد الجزائر وليبيا المصدرين الرئيسيين للسياح. حيث استقبلت تونس ما يقرب من مليوني سائح جزائري خلال الفترة من 1 يناير حتى 20 غشت 2024، بزيادة 15.4٪. في العام الماضي، زار تونس 3.2 مليون سائح جزائري.

على عكس المغرب، يهيمن على السياحة التونسية الطابع الشاطئي، رغم الإمكانيات الهائلة في المجالات الثقافية، الصحراوية، البحرية… وقد شهدت منتجعات سوسة وحمامات إقبالًا كبيرًا، كما سجلت جزيرة جربة زيادة في عدد الوافدين من السياح الأجانب والمحليين، خصوصًا خلال العطلة الصيفية.

ولكن هذا الاختيار للسياحة الجماهيرية، على الرغم من زيادة الوافدين بفضل برنامج « شامل كليًا »، لا يحقق إيرادات كبيرة. هذه الصيغة تفيد منظمي الرحلات الجوية وشركاتهم المؤجرة وليس المشغلين السياحيين والدولة التونسية. والدليل على ذلك أنه خلال الفترة من 1 يناير حتى نهاية شتنبر 2024، حققت البلاد إيرادات سياحية بلغت 5.6 مليار دينار فقط، وفقًا لبيانات البنك المركزي التونسي.

ورغم أن هذا المبلغ سجل زيادة بنسبة 7.2٪ مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، إلا أنه يبقى ضئيلًا مقارنة بعدد السياح المستقبَلين.

إذا قارنّا الإيرادات بعدد الزوار المستقبَلين بين 1 يناير ونهاية غشت 2024، نجد أن الإيرادات لكل سائح بلغت 732 دينارا، أي ما يعادل 229 دولارا. في المقابل، بلغت نفقات السائحين الذين زاروا المغرب في نفس الفترة 6,474 درهمًا، أي ما يعادل 656 دولارا. بعبارة أخرى، ينفق السائح في المغرب في المتوسط ثلاثة أضعاف ما ينفقه في تونس.

بالنسبة لبقية العام، بعد الموسم الصيفي، تنتظر السلطات والمهنيون في القطاع عودة التونسيين المقيمين بالخارج خلال الموسم المنخفض لتعزيز عدد الوافدين قبل نهاية العام.

بعد استقبال 9.3 مليون زائر في عام 2023، يراهن المكتب الوطني التونسي للسياحة على تسجيل رقم قياسي يزيد عن 10 ملايين سائح بنهاية هذا العام (وكان الرقم القياسي السابق قد سجل في 2019 بـ9.5 مليون زائر).

لكن يتعين على السلطات التونسية أن تجد حلًا لمعادلة صعبة تجمع بين تدفق كبير من السياح وإيرادات لا تتناسب مع ذلك. الحل قد يكون في التخلي عن سياسة السياحة الجماهيرية والشاطئية، واستغلال الإمكانيات الأخرى التي تقدمها تونس مثل السياحة الثقافية والصحراوية، والتخلص تدريجيا من هيمنة منظمي الرحلات.

تحرير من طرف موسى ديوب
في 20/10/2024 على الساعة 09:00, تحديث بتاريخ 20/10/2024 على الساعة 09:00