مشروع الربط الكهربائي بالتيار المستمر عالي التوتر (HVDC) الذي يمتد على 1.400 كيلومتر بين جنوب ووسط المغرب، يخطو خطوة جديدة إلى الأمام. وسيتم إنجازه في إطار شراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP)، بموجب بروتوكول اتفاق وُقّع بين الحكومة والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب وتحالف يضم « طاقة المغرب » الإماراتية و« Nareva » وصندوق محمد السادس للاستثمار. وسيُوقع لاحقا اتفاق تطوير محدد بين المكتب الوطني والتحالف.
النموذج المعتمد ينيط بتحالف « طاقة-ناريفا-صندوق محمد السادس للاستثمار » مهمة تمويل المشروع وتتبع إنجازه، بينما سيتولى المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب تشغيل الخط المستقبلي باعتباره مشغّل شبكة الكهرباء الوطنية، وفق ما أفاد به مصدر قريب من الملف.
تمويل هذا المشروع، الذي تبلغ كلفته 3 مليارات دولار، سيتم بنظام « التمويل المرتكز على المشروع (project finance)، الذي يزاوج بين التمويل الذاتي والقروض.
وسيتم سداد القروض حصريا من خلال التدفقات النقدية (cash-flow) القادمة من المكتب الوطني، الذي سيدفع مستحقات تتيح للمطوّرين سداد القروض ورأس المال المستثمر في الوقت ذاته.
من جهة أخرى، ومن خلال عقود شراء الطاقة (PPA)، يلتزم المكتب الوطني بشراء الكهرباء المنتجة من قدرات ريحية إضافية تبلغ 1.200 ميغاواط، والتي سيتم تطويرها من قبل تحالف « طاقة-ناريفا-صندوق محمد السادس للاستثمار »، حسب المصدر نفسه.
إقرأ أيضا : بمبلغ إجمالي يناهز 130 مليار درهم.. شراكة مغربية إماراتية للتحول الطاقي والمائي
ويُعد هذا المشروع جزءا لا يتجزأ من الصفقة الكبرى المبرمة بين المكتب الوطني والتحالف المغربي-الإماراتي. وستمر الكهرباء الخضراء الناتجة عن هذه الحقول الريحية الجديدة عبر خط HVDC الجديد للاندماج ضمن الشبكة الوطنية.
يذكر أن المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب كان قد اعتمد في البداية نموذجين لإنجاز هذا المشروع. النموذج الأول هو EPC (الهندسة، التوريد، والبناء) المتعلق ببناء البنية التحتية، والنموذج الثاني هو BOOT (البناء، التملك، التشغيل، التحويل) الذي يشمل التطوير والتمويل. وفي 15 نونبر 2024، تم إدراج خمسة فاعلين دوليين في اللائحة القصيرة لبناء الخط في إطار النموذج EPC، بعد دعوة لإبداء الاهتمام. وتضم اللائحة: GE Vernova (الولايات المتحدة)، Siemens Energy (ألمانيا)، Power China SEPCO1 (الصين)، TBEA (الصين)، وLarsen & Toubro (الهند).
ثم، في 2 أبريل الماضي، وبعد عدة تأجيلات، قرر المكتب الوطني التخلي عن نموذج BOOT (التمويل)، معلنا عن إغلاق دعوة إبداء الاهتمام. المكتب، الذي يديره طارق همان، أراد تركيز اهتمامه على المنعشين المختارين في إطار مكون EPC. وقال في بيان إن « النتيجة الإيجابية لتقييم ملفات المرشحين في نموذج EPC أكدت اهتمام كبار المنعشين بإنجاز المشروع وساعدت على تحديد وضعية دقيقة للسوق ».
الاتفاق الذي تم توقيعه هذا الأسبوع مع التحالف المطور « طاقة-ناريفا-صندوق محمد السادس للاستثمار » يضع بالتالي حدا لهذا المسار الطويل من الانتقاء. وعلى الأرجح، سيتم اختيار المنفّذ من بين الخمسة المدرجين في اللائحة القصيرة لنموذج EPC.
بسعة تبلغ 3.000 ميغاواط، سيمكن الخط الكهربائي الجديد من تعزيز وتسريع تطوير قدرات الطاقة المتجددة في الأقاليم الجنوبية من خلال ربط الحقول الشمسية، وخاصة الريحية المنتشرة في الصحراء المغربية، بمراكز الاستهلاك في وسط البلاد.
حتى الآن، يتم ربط المنطقة الجنوبية بالشبكة الكهربائية الوطنية عبر خط نقل بطاقة 400 كيلوفولت، ينقل حاليا حوالي 1.500 ميغاواط. هذا الخط يؤمن بالفعل نقل الكهرباء المنتجة من الحقول الريحية في طرفاية (300 ميغاواط)، بوجدور (400 ميغاواط)، فم الواد (50,6 ميغاواط)، أفتيسات (400 ميغاواط)، أخفنير (200 ميغاواط)، بالإضافة إلى الحقول الشمسية في بوجدور (20 ميغاواط) والعيون (85 ميغاواط). هذا الخط بلغ حاليا أقصى طاقته، مما دفع المكتب الوطني إلى إطلاق مشروع توسعة هو قيد الإنجاز حاليا. هذه التوسعة الجديدة ستتيح إدخال قدرة إضافية ضمن الشبكة الوطنية، في انتظار دخول الطريق السيار الكهربائي HVDC الخدمة قبل عام 2030.
