أسعار مرتفعة وأرباح محدودة.. ما أسباب المعاناة الحالية لمنتجي الذهب بإفريقيا؟

إنتاج الذهب (صورة تعبيرية)

في 18/08/2025 على الساعة 18:45

تساهم البلدان الإفريقية بما يقارب ربع الإنتاج العالمي من الذهب، حيث يستحوذ أكبر عشرة منتجين على أكثر من 80% من إنتاج القارة. غير أن استغلال هذا المورد يظل ضعيفا، ما يجعل القارة تستفيد بشكل محدود من الارتفاع التاريخي في أسعار المعدن الأصفر على السوق العالمية. ومع ذلك، قد تسهم السياسات الجديدة التي تبنتها بعض الدول في تغيير هذا الواقع خلال الأعوام المقبلة.

ووفقاً لمجلس الذهب العالمي، بلغ الإنتاج العالمي للذهب عام 2024 حوالي 3.700 طن، وهو مستوى قياسي تجاوز ما تم تسجيله في 2019 وقبل جائحة كوفيد. ويأتي هذا الارتفاع مدعوما بقفزة كبيرة في الأسعار، إذ ارتفع سعر الأونصة من 2.625 دولاراً إلى 3.336 دولاراً منذ بداية 2024، أي بزيادة 27%.

ومن بين 45 دولة منتجة حول العالم، ساهمت 15 دولة إفريقية بأكثر من 900 طن، أي ربع الإنتاج العالمي. لكن الأرقام الرسمية تقلل من الحجم الحقيقي بسبب انتشار التنقيب غير المهيكل، خصوصاً في غرب إفريقيا، حيث يشكل الذهب مصدراً أساسياً. وتبقى الحصيلة النهائية غير دقيقة بسبب ضعف الإحصائيات وتهريب كميات هامة عبر شبكات الفساد.

تحديات سياسية وأمنية

تعاني صناعة الذهب في القارة من هشاشة سياسية وأمنية، خصوصاً في مالي، بوركينا فاسو، السودان والكونغو الديمقراطية، ما يعرقل الاستغلال الكامل للموارد.

غانا في الصدارة

تتصدر غانا الدول الإفريقية بإنتاج 140,6 طن سنة 2024. واعتمدت سياسة جديدة تمنع الأجانب من السيطرة على السوق، كما أنشأت «الهيئة الوطنية للذهب» وافتتحت أول مصفاة وطنية قادرة على معالجة 120 طن سنوياً، وهو ما يمثل 85% من إنتاج البلاد. بفضل هذه التدابير، قفزت صادرات الذهب بـ53% لتصل إلى 11,6 مليار دولار.

مالي في المرتبة الثانية

رغم تراجع إنتاجها بنسبة 23% إلى 100 طن، تحتفظ مالي بمركزها الثاني. ويعود ذلك أساساً للتوترات مع الشركات الأجنبية بعد اعتماد قانون معدني جديد يمنح الدولة حصة أكبر في المشاريع ويشترط إيداع أرباح الشركات في البنوك المحلية. هذه الإجراءات رفعت الإيرادات الجبائية بـ52% لتصل إلى 835 مليار فرنك إفريقي.

تراجع جنوب إفريقيا وصعود دول جديدة

جنوب إفريقيا، التي كانت يوماً الأولى قارياً، تراجعت إلى المركز الثالث بإنتاج 99 طناً فقط. وتليها كل من بوركينا فاسو (94,4 طن)، السودان (74 طن)، غينيا (68 طن)، كوت ديفوار (58 طن)، تنزانيا (52 طن)، زيمبابوي (51 طن) والكونغو الديمقراطية (42,3 طن).

المستفيد الأكبر: الشركات متعددة الجنسيات

رغم الطفرة في الأسعار، يبقى المستفيد الأول شركات التعدين الأجنبية، بينما لا تحصد الحكومات سوى نسب محدودة. معظم الذهب يُصدر خاماً، مما يحرم القارة من القيمة المضافة. على سبيل المثال، حققت شركة «أنغلو غولد أشانتي» 5,8 مليارات دولار من الإيرادات و1 مليار دولار من الأرباح الصافية عام 2024، 60% منها من إفريقيا.

آفاق مستقبلية

مع ذلك، بدأت بعض الدول مثل غانا ومالي تتبنى استراتيجيات تعزز سيطرتها على الثروات الوطنية عبر مصافٍ محلية وتشريعات جديدة. وإذا استمرت هذه الدينامية، فقد يشهد قطاع الذهب الإفريقي تحولاً يسمح له بالاستفادة أكثر من طفرة الأسعار العالمية.

تحرير من طرف موسى ديوب
في 18/08/2025 على الساعة 18:45