التمور الجزائرية تغزو أسواق وجدة وسط تساؤلات حول جودتها وصحتها

تمور جزائرية تغزو أسواق جهة الشرق

في 26/02/2024 على الساعة 17:00, تحديث بتاريخ 26/02/2024 على الساعة 17:00

مع اقتراب كل شهر رمضان، تغزو التمور المستوردة من الجارة الشرقية الجزائر أسواق مدينة وجدة وضواحيها، ليتجدد معها السؤال ككل سنة، هل تحتوي هذه السلع على مواد مسرطنة كما يتم تداول ذلك عبر مواقع التواصل الاجتماعي؟ وهل تخضع للمراقبة الصحية من طرف السلطات المعنية؟ ولماذا يقبل المستهلك المغربي على التمور الجزائرية؟

وقال تجار من مدينة وجدة ومنطقة بني ادرار، (20 كيلومتر شمال وجدة)، في تصريحات لـLe360، إن التمور لا تصل إليهم عن طريق التهريب كما جرت العادة قبل سنوات، بل يتم استيرادها بشكل قانوني عن طريق ميناء بني انصار بإقليم الناظور، وتخضع للتعريفة الجمركية، والمراقبة الصحية من طرف مصالح المكتب الوطني للسلامة الصحية، مشيرين إلى أن ثمنها هذه التمور في هذه السنة يتراوح ما بين 33 و65 درهما للكيلوغرام، بالبيع بالجملة.

وأبرز تاجر آخر بمنطقة بني ادرار، يدعى رشيد، أن التجار يتوفرون على شهادة من المكتب الوطني للسلامة الصحية، تثبت خلو هذه التمور من أي مواد قد تشكل خطرا على صحة المستهلكين، مبرزا أنه يشتغل بهذه القطاع منذ أزيد من 14 سنة، ولم يسبق لأي زبون أن اشتكى من نقص في سلامة وجودة التمور، مشددا على أن مصالح وزارة الفلاحة والصحة تراقب باستمرار سلعهم، خاصة مع اقتراب شهر رمضان المعظم.

في المقابل، أبرز مصدر مسؤول بالمكتب الوطني للسلامة الصحية، في اتصال مع le360، أن مصالح المكتب معبأة بشكل تام لمراقبة كل ما يتم استيراده من تمور، سواء القادمة من الجزائر أو تونس أو حتى الإمارات العربية المتحدة.

وأكد المتحدث على أن جميع المنتجات المستوردة تُخضع للمراقبة الدقيقة والمتفحّصة والصارمة، ومشيرا إلى أنه لم يتم تسجيل أي حالة بخصوص احتواء هذه التمور على مواد مسرطنة، معتبرا هذه الإشاعات بمثابة « بوليميك » يتجدد كل سنة مع اقتراب الشهر الفضيل، الذي يعرف إقبالا على اقتناء واستهلاك التمور من طرف المواطنين.

وأضاف المصدر ذاته أن نقطة الاستيراد الوحيدة هذه السنة هي ميناء طنجة الدولي، مشددا على ان كل الواردات تمر عبر اختبارات دقيقة من طرف مصالح « أونسا »، حيث لا يقتصر الأمر على مراقبة التمور، بل كل المواد الغذائية، كالعصائر والأجبان، ومبينا أن المكتب الوطني للسلامة الصحية يكثف من حملاته التوعوية للمواطنين، عبر مختلف وسائل التواصل، ومنها الفايسبوك، والتي ترمي لتوضيح معايير التمور الجيدة وذات الجودة الصحية، من قبيل التأكد من تقديم وعنونة التمور وصنفها، وفئتها، وحجمها اعتبارا للنسب المسموح بها، وشرووط الحفظ، واسم وعنوان المنتج أو المستورد، ورقم الترخيص الصحي، ومدة الصلاحية الدنيا، حيث يجب أن يكون مسبوقا بالعبارة التالية: «يستحسن استهلاكه قبل ...»، مع ضرورة عرض التمور، قصد بيعها للمستهلك النهائي، ملففة في حاويات لا تتجاوز خمس (5) كيلوغرامات.

ومن النصائح التي يقدمها المكتب الوطني للسلامة الصحية للمواطنين، حسب المصدر ذاته، هو طريقة التعرف على جودة التمور، بحيث يجب أن تكون في مرحلة النضج المناسب، وأن تكون من نفس الصنف، وتتطابق مع ما هو مصرح به ببطاقة العنونة، وأن تكون خالية من أي طعم أو رائحة غريبة، وأن تكون خالية من الحشرات والطفيليات الحية وبويضاتها ويرقاتها ومخلفاتها، وأن تكون خالية من الآثار المرئية لأضرار الحشرات أو غيرها من الطفيليات الحية ومخلفاتها أو فضالاتها، وألا تظهر عليها آثار التخمر أو الرطوبة الخارجية غير المعتادة.

عند شراء التمور تأكدوا من البيانات الإلزامية التالية👇👇 #ONSSA #MAROC #Conseils #Dattes

Publiée par ‎المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية Onssa‎ sur Mercredi 29 mars 2023

وفي سياق آخر، وجوابا عن سؤال: هل استيراد التمور الجزائرية بالرغم من الموقف الرسمي للجزائر تجاه المغرب يعتبر أمرا عاديا، أبرز خالد شيات، أستاذ العلاقات الدولية بكلية الحقوق بجامعة محمد الأول بوجدة، أن مسألة المقاطعة فيها شقين، الرسمي أو الحكومي، والشق الشعبي.

وأوضح هذا الخبير في العلاقات الدولية، في تصريح لـle360، أن الدولة عندما لا تريد أن تدخل منتجاته عن طريق من الاتفاقيات الخارجية وعن طريق القانوني، وليس هناك أدوات أخرى لدخول السلع إلى المغرب، وبالتالي فنحن نتحدث عن منتج هو يدخل بطرق غير قانونية أو غير شرعية أحيانا، وأحيانا أخرى يدخل بطرق قانونية، معتبرا أنه يجب الانتباه إلى أن كل شيء غير قانوني لن يكون فيه قدر كافي، من المراقبة الصحية خاصة، ومجموعة من المعايير بحماية صحة المستهلك على وجه الخصوص.

وأضاف شيات، أنه وبغض النظر عن هذا الأمر، فدخول التمور الجزائرية بطرق قانونية، فهذا يعني أن رغبة عدم استعمال أدوات قانونية ضد دخولها من طرف الدولة المغربية، معتبرا أن الأمر يدخل من الناحية العامة في إطار اليد الممدودة للمغرب التي عبر عنها جلالة الملك مرارا وتكرارا إلى الجزائر، ومن ناحية أنه لا يجب التعامل مع السلع الجزائرية عموما باعتبارها سلع دولة معادية.

وأشار المتحدث ذاته، إلى أنه ولاعتبارات كثيرة أولها لأن السلام يأتي عن طريق التواصل بين الشعوب على المستوى الثقافي والاقتصادي أيضا والتجاري والمالي وغيره، فكلما كانت هناك علاقات متينة على المستوى التجاري، كلما هدأت وهدنت المساعي الانفعالية، والأمر بين المغرب والجزائر لا يخرج عن هذا النطاق، وهو يأتي لتعزيز الموقع أو الرؤية الملكية في مد اليد للجزائر، لذا من المفترض أن تكون هناك مبادلات تجارية متنوعة في منتجات كثيرة.

من ناحية أخرى، يرى شيات أنه من الناحية الشخصية أو الأخلاقية، فالمنتوج الجزائري ليس منتوج دولة معادية، وإن كانت دولة طبعا لديها مواقف على مستوى القضية الوطنية، « ولكن نتحدث هنا عن الاستمرارية في النهج الذي نتحدث عنه، باعتبارنا أن هذا المنتج هو لفلاحين جزائريين مواطنين عاديين يريدون تصديره وببيعه إلى الخارج ».

واستطرد مضيفا أن هذا يدخل في إطار العلاقات الحضارية التي جمعت بين المغاربة والجزائريين، بغض النظر عن المواقف السياسية للنظام الجزائري، مختتما تصريحه بالتأكيد على أنه لا يمكن أن نخندق المنتج الجزائري في خندق الدولة الجزائرية، ذات الطبيعة العسكرية والمعادية للمغرب، معتبرا أن هذا التفريق هو ضروري، لأنه سيبقي على هذه اللحمة الموحدة بين الشعبين.

تحرير من طرف محمد شلاي
في 26/02/2024 على الساعة 17:00, تحديث بتاريخ 26/02/2024 على الساعة 17:00