البيتكوين في المغرب: الممنوع الذي يغري

عملة البيتكوين

في 25/09/2025 على الساعة 11:05

رغم الحظر الرسمي المفروض منذ سنة 2017، لم يسبق للعملات المشفرة أن عرفت هذا القدر من الشعبية في المغرب. فالمملكة، المصنفة ضمن أكثر الدول نشاطا في العالم من حيث الاستخدام، تجسد مفارقة لافتة: فالجاذبية الشعبية للبيتكوين تغذيها في الوقت نفسه المضاربة، والتحويلات المالية غير الرسمية، وحدود العرض البنكي، وذلك مقابل تعرّض المستخدمين بشكل كبير للاحتيال وتقلبات السوق.

في عام 2017، وجّهت السلطات المغربية ضربة قوية بإعلان البيتكوين والعملات المشفرة غير قانونية. حينها، حذّر كل من بنك المغرب، والهيئة المغربية لسوق الرساميل (AMMC)، ووزارة المالية، من شدة تقلب هذه الأصول، ومخاطر الاحتيال، وغياب الحماية للمستعملين. وفي سنة 2022، أعيد التأكيد على المنع من خلال بلاغ مشترك انضم إليه مكتب الصرف، مذكرا بأن «القانون المغربي يمنع حيازة أصول غير مصرّح بها خارج التراب الوطني».

ومع ذلك، يظهر المغرب بانتظام ضمن قائمة الثلاثين الأوائل عالميا من حيث انتشار استخدام العملات المشفرة بين السكان. فكيف يمكن تفسير هذا التناقض؟

«رغم الحظر، يصنف مؤشر اعتماد العملات المشفرة العالمي (Global Crypto Adoption Index) الصادر عن شركة Chainalysis المغرب ضمن الدول الأكثر اعتمادا لها. ففي عام 2023، احتل المغرب المرتبة 20 عالميا والثانية إفريقيا بعد نيجيريا. أما في عام 2024، فقد تراجع إلى المرتبة 27 عالميا والثالثة إفريقيا»، يوضح المهدي فرّوحي، الأستاذ الجامعي والخبير في العملات المشفرة.

مؤشر Chainalysis لا يقتصر على قياس حجم الأموال المتداولة بالعملات المشفرة، إذ إن ذلك من شأنه أن يضع الدول الغنية تلقائيا في صدارة الترتيب. بل يسعى المؤشر إلى تقييم مدى تملك السكان العاديين للعملات المشفرة واستخدامها في حياتهم اليومية. ولتحقيق ذلك، يأخذ في الاعتبار قيمة المعاملات مقارنة بالدخل المتوسط، وتواتر المبادلات الصغيرة، وأهمية التحويلات من شخص إلى آخر، إضافة إلى استعمال أدوات التمويل اللامركزي.

بعبارة أخرى، ما يهم ليس الحجم الخام للسوق، وإنما كثافة الاستخدام بالنظر إلى مستوى الثروة وإمكانية الوصول إلى الإنترنت. هذه المنهجية هي التي تسمح لبلد مثل المغرب، الذي يظل أقل ثراء بكثير من القوى الاقتصادية الكبرى، بأن يجد نفسه بانتظام ضمن الدول الأوائل عالميا من حيث اعتماد البيتكوين والعملات المشفرة من قبل عامة الناس.

الإغراء المضاربي وأثر الشبكة

لماذا إذن يُعرّض المغاربة أنفسهم للمخاطر القانونية والمالية من أجل الاستثمار في أصل محظور رسميا؟ يجيب المهدي فرّوحي: «أولا، التطور المذهل في سعر البيتكوين منذ إنشائه عام 2009 يجعله فرصة استثمارية». فبين عام 2017 واليوم، ارتفع سعره من أقل من 1000 دولار إلى أكثر من 112 ألفا للوحدة الواحدة. «هذا التقلب المفرط يمثل خطرا، لكنه أيضا فرصة لتحقيق أرباح استثنائية في المدى القصير»، يضيف موضحا.

وبعيدا عن الأرباح المرجوة، تلعب شبكات التواصل الاجتماعي دورا محوريا. فواتساب وتيليغرام وفيسبوك تشكّل فضاءات لمجتمعات افتراضية يتم فيها تبادل النصائح والدروس والعروض الخاصة بالبيع والشراء. «هذه المجتمعات الافتراضية تخلق أثرا شبكيا وتغذي فكرة أن العملة المشفرة بديل عصري ومربح عن الاستثمارات التقليدية»، يشدد الخبير. ويعزز المؤثرون هذا التوجه من خلال تكثيف روايات «قصص النجاح» التي تجذب الشباب على نحو خاص.

وإن كان البعض يقدم البيتكوين كوسيلة للحماية من التضخم، فإن هذا الطرح، وإن بدا مقنعا نظريا، يفقد الكثير من وجاهته عند النظر إلى الوضع في المغرب. «كان هذا الطرح قويا عندما بلغ التضخم 10,1% في فبراير 2023»، يذكر فرّوحي. «لكن مع عودته إلى حدود 1% في 2024/2025، لم يعد للبيتكوين دور ذو مصداقية كأداة للتحوّط. في المقابل، يظل استعماله كوسيلة للالتفاف على القيود البنكية وقيود الصرف أكثر وضوحا.»

تفرض القوانين المغربية قيودا صارمة على التحويلات الدولية وتمنع حيازة أصول مالية في الخارج دون ترخيص مسبق. وفي هذا السياق، يتحول البيتكوين بالنسبة إلى بعض الأشخاص إلى وسيلة لتخزين أو نقل القيمة خارج القنوات الرسمية.

تشكل تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، والتي تمثل نحو 8 إلى 9% من الناتج الداخلي الخام، عاملا محوريا في هذا المجال. ويوضح فرّوحي قائلا: «تقليديا، تمر هذه التدفقات عبر البنوك أو عبر ويسترن يونيون، مع ما يرافقها من رسوم مرتفعة وآجال طويلة. بالنسبة لجزء من المستخدمين، تبدو العملات المشفرة بديلا أسرع وأقل كلفة». ويضيف: «رغم أن هذه الممارسات تظل غير قانونية ومحفوفة بالمخاطر، فإنها تستجيب لمنطق اقتصادي واجتماعي واضح».

الإدماج المالي على المحك

تُفسَّر شعبية البيتكوين أيضا بضعف الإدماج البنكي في المغرب. فبحسب البنك الدولي، لم يكن سوى 44% من البالغين المغاربة يتوفرون على حساب بنكي في عام 2021. ويشير الخبير إلى أن «جزءا كبيرا من السكان ما يزالون مستبعدين من النظام المالي الرسمي. العملات المشفرة، التي يمكن الوصول إليها عبر هاتف ذكي وتطبيق مراسلة، تتيح لهذه الفئات تجاوز الحواجز التقليدية أمام الولوج».

حتى الأشخاص المتوفرون على حسابات بنكية، والذين يواجهون رسوما مرتفعة أو قيودا على الصرف، يجدون في العملات المشفرة مرونة جذابة. غير أن هذا الشكل من الإدماج «من الأسفل» يصاحبه غياب تام لأي حماية: لا دور للهيئة المغربية لسوق الرساميل، ولا لبنك المغرب، ولا وجود لأي إمكانية للتقاضي في حال النزاع.

مخاطر عالية… ولكن مقبولة؟

قائمة المخاطر طويلة: تقلبات مفرطة، مخاطر قانونية، عمليات احتيال عبر شبكات التواصل الاجتماعي، نزاعات يستحيل حلها. «بين عامي 2021 و2022، هبط سعر البيتكوين من 65 ألف دولار إلى أقل من 20 ألفا»، يذكّر فرّوحي. «بالنسبة إلى صغار المستثمرين، قد تعني مثل هذه التقلبات خسائر جسيمة.»

فهل هو مخزن للقيمة أم مجرد أداة مضاربية؟ يجيب الأستاذ قائلا: «في المغرب، يُنظر إلى البيتكوين أساسا كأداة مضاربة قصيرة الأمد. فكرة اعتباره ملاذا آمنا تتناقض مع طبيعته المتقلبة. في الواقع، غالبية المستخدمين يعتمدونه في إطار تداول انتهازي تغذيه شبكات التواصل الاجتماعي وقنوات التداول بين الأفراد (P2P).»

وبينما يظل ممنوعا رسميا، ومستخدما عمليا، يزدهر البيتكوين في منطقة رمادية. لكن السلطات المغربية تعمل على إعداد مشروع تقنين. فقد أعلن بنك المغرب عام 2022 عن رغبته في اقتراح إطار قانوني لتنظيم العملات المشفرة، أسوة بعدد من الدول الإفريقية. الهدف: حماية المستثمرين وفي الوقت نفسه إدماج الابتكارات المرتبطة بتقنية البلوكشين.

إلى ذلك الحين، يستمر التناقض قائما: المغرب يمنع، لكن المغاربة يتبنون. المخاطر معروفة، غير أن الجاذبية تظل قوية. فالبيتكوين يجسد في الآن نفسه تعطشاً للمضاربة وحاجةً إلى حرية مالية.

تحرير من طرف كاميليا سراج
في 25/09/2025 على الساعة 11:05