ففي شهر نونبر من كل سنة، يغطي اللون البنفسجي حقول الزعفران المتواجدة بهذه الجماعة الترابية، التي تشتهر بإنتاج زعفران يتسم بجودة عالية ومنافع عديدة، تضاهي جودة الزعفران الذي يتم إنتاجه بمنطقة تالوين بإقليم تارودانت.
وتسهر على عملية قطف هذه الزهرة، التي تعد من أغلى أنواع التوابل في العالم، مجموعة من النساء اللواتي اكتسبن خبرة وتجربة كبيرة في المجال، تمكنهن من حسن التعامل مع هذه النبتة باهضة الثمن والفريدة من نوعها.
وتتم عملية القطف من خلال فصل شعيرات الزعفران عن الزهرة البنفسجية وتجفيفها على درجة حرارة مرتفعة أو في الظل ليتم بعد ذلك تغليفها كي تصير جاهزة للتسويق، وعرضها للبيع بسعر يصل إلى 40 درها للغرام الواحد، أو أكثر.
وتندرج زراعة الزعفران أو « الذهب الأحمر » كما يحلو للبعض تسميته، بإقليم بولمان، في إطار تنويع الإنتاج الفلاحي ودعم وتشجيع التعاونيات، خاصة النسائية من خلال على الخصوص خلق أنشطة محلية مدر للدخل وإحداث فرص الشغل .
ومن أبرز العوامل المشجعة على زراعة هذه النبتة بالإقليم نجد الظروف المناخية الجيدة ونوعية التربة الملائمة وكذا علو المناطق التي تتم زراعة النبتة فيها الذي يصل إلى نحو 1500 متر فوق سطح البحر، مما يساهم في إعطاء غلة جيدة ونوعية متميزة من الزعفران.
ولنبتة الزعفران خصائص ومزايا عديدة من بينها، على الخصوص، استخدامه كبهارة في الطبخ وإعداد الوجبات الغذائية، ودوره في مكافحة الإجهاد التأكسدي، وتحسين الحالة المزاجية، والمساعدة في علاج أعراض الاكتئاب، ومنع بعض اضطرابات الجهاز العصبي، والتقليل من الالتهابات والأضرار التأكسدية في الدماغ.
ويضم إقليم بولمان مجموعة من التعاونيات النسوية النشيطة في إنتاج الزعفران التي تستفيد في إطار مخطط الجيل الأخضر 2030-2020 من الدعم والمواكبة التقنية لتحسين إنتاجيتها ومردودها والتغلب على مختلف الإكراهات التي تواجهها.
وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أفادت حفيظة مقادري صاحبة ضيعة لإنتاج الزعفران بمنطقة سرغينة أنها تحرص إلى جانب باقي المنتجين بالمنطقة على إنتاج زعفران طبيعي (بيو) خال من المواد الكيماوية، على مساحة إجمالية تناهز 32 هكتارا من الأراضي.
وأضافت مقادري التي حصلت على « شهادة الجودة " أن إنتاج الزعفران بمنطقة سرغينة يتسم بالجودة العالية وتضاهي قيمته الزعفران المنتج بدول أخرى، مضيفة أنه « مصنف في الدرجة الأولى وفق إحدى التصنيفات الدولية المعتمدة »، لكونه يتسم بالخفة والتجانس وعدد من الخصائص الأخرى المميزة.
ومن أجل ضمان الجودة العالية للمنتوج، تضيف السيدة مقادري، « تتم عملية التحويل انطلاقا من الجني الذي تشرف عليه عاملات مؤهلات تحرصن، بدقة متناهية، على عزل زهرة الزعفران من النبتة، وهي عملية صعبة ومعقدة تتطلب مهارات عالية واستثنائية ».
من جهتها، أكدت سلمى ضاهر، رئيسة مصلحة إنجاز مشاريع الإنتاج الفلاحي بالمديرية الإقليمية للفلاحة لبولمان، أن مشروع إنتاج الزعفران بالإقليم يندرج ضمن مخطط المغرب الأخضر المخصص للنساء، حيث تم غرس 15 هكتارا لفائدة 165 مستفيدة، في إطار خلق أنشطة إضافية مدرة للدخل لفائدة النساء في إطار مقاربة النوع.
وأضافت أن الظروف المناخية ونوعية التربة بالإقليم تعتبر من أبرز العوامل المشجعة على زراعة الزعفران، مشيرة إلى « أننا الآن بصدد جني المحصول الذي يعتبر متوسطا حتى الآن ونطمح إلى أن يرتفع معدل إنتاج هذه النبتة ».
وسجلت السيدة ضاهر، في سياق متصل، أن معدل إنتاج الزعفران يرتفع من سنة إلى أخرى، حيث يصل في السنة الرابعة إلى نحو كيلوغرامين في الهكتار الواحد، ونأمل أن يتم الوصول إلى معدل إنتاج يوازي خمسة كيلوغرامات في الهكتار الواحد من خلال عملية تجميع المنتجين.
زراعة الزعفران تكتسي إذن أهمية اجتماعية واقتصادية بالغة، نظرا لدورها في تثمين المجال بمناطق الإنتاج ومساهمتها في توفير مداخيل إضافية بالنسبة للساكنة القروية.