لم تخف يومية الأخبار، التي لا تتواني في توجيه انتقادات إلى وزراء بنكيران، في الحديث عن المأزق الاقتصادي للمغرب، فقالت في عدد يوم غد (الثلاثاء)، إن اعتراف رئيس الحكومة بعمق الأزمة الإقتصادية "دليل إضافي على أن أقصى ما أنجزته حكومته هو تشخيص الوضعية، فقد أصبحت عبارة عن مكتب دراسات لا تزيد مهمته عن رسم معالم الأزمة، أما سبل الخروج منها فقد تركتها لوصفات صندوق النقد الدولي وإجراءات التقويم والهيكلة”.
وأوضحت الجريدة أنه من "الحيف أن تنسب الأزمة إلى حكومة بالكاد تجاوزت العام ونصف العام في تحمل المسؤولية، لكن من الحيف أيضا أن تكتفي بالرد على انتظارات الشارع بالتلويح بإصلاحات لم تدخل حيز التنفيذ. ومن غير المتوقع أن يقدم رئيس الحكومة على الوفاء بتعهداته الانتخابية”.
واعتبرت الجريدة نفسها أن بنكيران يوجد بين نارين من جهة يدعو المواطنين إلى التقشف وشد الأحزمة وانتظار سنوات عجاف، ومن جهة أخرى يدغدغ عواطف صندوق النقد الدولي الذي لا قلب له. وبين الحالتين أفلحت الحكومة في تسويق الكلام.
ولا تختلف جريدة أخبار اليوم، التي اعتادت تسويق وجهة نظر الحكومة، عن رأي يومية الأخبار، فذكرت "أن الأسوأ لم يأت بعد"، مشيرة إلى أنه في الوقت الذي تنشغل الطبقة السياسية حول اقتسام السلطة في رئاسة الحكومة ومقاعد الوزارة، تستمر الأزمة الاقتصادية في التمدد مثل بقعة زيت، موضحة أن "العجز في الميزانية سيصل هذه السنة إلى أكثر من 6 في المائة، ورغم أنه رقم أقل من السنة الماضية حيث سجل 7.1 في المائة، فإن هذا غير كاف لإبعاد شبح تدخل البنك الدولي في القرار الاقتصادي، وفرض تقويم هيكلي جديد على البلاد”.
أما يومية المساء، فأوضحت في عدد يوم غد (الثلاثاء)، "أن إقرار بنكيران خلال لقاء حزبي بأن صندوق النقد الدولي منح حكومته نقطة سيئة، ووصف إصلاحات التي تقوم بها بالمرتكبة، وبأنه يتعين الإسراع بإخراج الإصلاحات الكبرى في أقرب وقت ممكن"، تصريح في غاية الخطورة.
وأوضحت الجريدة أن بنكيران يجد نفسه أمام خيارين أحلاهما مر، "إما الشروع في إصلاح صندوق المقاصة وصندوق التقاعد مع ما يمكن أن يترتب عن ذلك من غليان اجتماعي، وإما الاستمرار في تأجيل الإصلاحات أمام مراقبة صندوق النقد الدولي”.
جريدة الإتحاد الاشتراكي لا ترى في الأزمة إلا مناسبة لممارسة معارضتها، فنقلت عن بنكيران قوله: “لن نواجه الوضعية الاقتصادية بالابتسامة والزيادة في المعاشات والتعويضات والأجور ، مشيرة إلى أن رئيس الحكومة يتوعد المغاربة بقرارات مؤلمة".
تقرير البنك الدولي
هناك إجماع حول استفحال الأزمة الاقتصادية في المغرب، فالمواطنون ينتظرون إجراءات ملموسة أهمها الحد من موجة الغلاء، والتخفيف من حدة الفوارق الاجتماعية، بدل شعارات التماسيح والعفاريت المسؤولة عن كل أزماتنا.
وفي الجهة الأخرى، نجد أن الإصلاح يفرض شجاعة سياسية، لم تتجاوز إلى حدود الآن تصريحات لرئيس الحكومة ووزرائه، فمصاريف صندوق المقاصة في ازدياد، ووصلت الآن إلى 56 مليار درهم، وكتلة الأجور أصبحت تمثل أكثر من 12 في المائة من الناتج الداخلي الخام.
وطبعا لن يتوانى صندوق النقد الدولي في حالة مماطلة الحكومة في مباشرة بالإصلاحات في إشهار الورقة الحمراء ووقف الخط الائتماني الذي استفاد منه المغرب سابقا، والذي يشكل، حسب كل الخبراء، ضمانة ووقاية للاقتصاد الوطني في السوق الدولية.
إن التقرير المقبل لصندوق النقد الدولي حول الوضعية الاقتصادية والمالية للمغرب مفصلي، ويبدو أن بنكيران تكهن بنتائجه من خلال حديثه الأخير عن قلقه من الوضع المرتبك للمغرب، بخصوص تأخر الإصلاحات، لكنه لم يقدم ولو إجراءا واحد بخصوص حل الأزمة حتى يتجنب المغرب السقوط.