هل ساهم استيراد الأغنام في استقرار أسعار الأضاحي بالمغرب؟

في 25/06/2023 على الساعة 08:30, تحديث بتاريخ 25/06/2023 على الساعة 08:30

رغم الزيادات التي عرفتها أسعار الأضاحي هذه السنة، والتي قدرت بحوالي 700 إلى 1000 درهم، إلا أن السوق تعتبر «مستقرة»، حسب المهنيين، بحيث كان متوقعا أن ترتفع الأسعار لمستويات قياسية، فهل حقق استيراد الأغنام الهدف المنشود؟

في وقت كان فيه مربو الأغنام يتوقعون ارتفاعا مهولا في أسعار الأضاحي هذه السنة، عرفت الأسواق نوعا من الاستقرار رغم الزيادات التي اعتبرها الكسابة «طبيعية مقارنة مع وضعية القطاع الفلاحي الذي يعاني من الجفاف لمدة تزيد عن 4 سنوات، وذلك نظرا وفرة القطيع».

الحكومة تحبط مخططات «الشناقة»

بعد اشتعال أسواق الأضاحي، قررت الحكومة اتخاذ عدد من التدابير لضمان استقرار أسعار الأغنام ولمرور عيد الأضحى في ظروف جيدة، بداية بتشجيع المستوردين على استيراد الأغنام من الخارج لتعزيز العرض بالسوق الوطنية التي كانت تعاني خصاصا ملحوظا، ثم إعفائهم من رسوم الاستيراد والضريبة على القيمة المضافة، إضافة إلى تخصيص دعم مالي يقدر بـ500 درهم عن كل رأس ماشية مستوردة.

وبهذه التدابير، أحبطت الحكومة مخططات عدد من المضاربين «الشناقة»، الذين حاولوا احتكار سوق الأغنام لإشعال أسعارها مع اقتراب عيد الأضحى، مستغلين تراجع القطيع الوطني، إلى جانب ارتفاع الأسعار على المستوى الدولي وتوالي سنوات الجفاف.

وقبل أشهر من عيد الأضحى، انتشر سيل من الأخبار والإشاعات حول إمكانية «إلغاء العيد هذه السنة نظرا للظرفية الاقتصادية التي تتسم بارتفاع الأسعار ومعدلات التضخم». هذه الإشاعات دفعت عددا من الكسابة إلى التخلص من مواشيهم بأسعار بخسة كي لا تتضاعف خسارته في حال إلغاء العيد خصوصا وأن تكاليف العلف باتت تثقل كاهلهم.

وكان المستفيدون الوحيدون هم «الشناقة»، أو كما يسميهم الكسابة «أصحاب الشكارة»، حيث استغلوا خوف الكسابة من الجفاف واستمرار ارتفاع أسعار العلف لاقتناء عدد كبير من الأضاحي من مختلف مناطق المملكة، بهدف إعادة بيعها عند اقتراب العيد بأسعار مضاعفة. لكن الحكومة أحبطت خطتهم وقطعت طريقهم.

السقوط في فخ «الشناقة»

يقول عبد الغني، وهو كساب من ضواحي مدينة برشيد، إنه وبعد انتشار أخبار تفيد بـ«إلغاء عيد الأضحى هذه السنة، سقط في الفخ وقام ببيع كل قطيعه الذي كان موجها للبيع خلال هذه الفترة بأسعار منخفضة، لتفادي تضاعف الخسارة».

وأضاف المتحدث، في تصريح لـLe360، أن «هذه السنة كانت استثنائية بكل المقاييس، سواء من خلال ارتفاع أسعار المواد الغذائية والفلاحية والعلف، أو تراجع الموارد المائية بالمنطقة، حيث أصبحنا نعاني للحصول على قطرة ماء، وكما تعلمون تربية المواشي جد مكلفة، وبعدما سمعنا أن أسعار اللحوم ارتفعت كثيرا بسبب النقص الكبير في القطيع وأن هناك احتمال كبير لإلغاء العيد، لم أكن مستعدا لتكبد خسارة أخرى ولو أمام احتمال بسيط».

وتابع المتحدث: «يتصل بي يوميا عدد من الزبناء الذين اعتادوا على اقتناء كبش العيد من ضيعتي لكن للأسف أخبرهم أني لا أملك أضاحي هذه السنة»، مشيرا إلى أن «كل الأزمات التي تعاني منها الأسواق سواء تلك المخصصة لبيع الأغنام أو الخصر و الفواكه و اللحوم يكون سببها الاحتكار والمضاربة».

ومن جانبه، قال فتاح، وهو كساب من منطقة الفقيه بن صالح، إنه «قبل حوالي 5 أشهر من الآن انتشرت داخل الدوار وعبر فيسبوك أخبار بخصوص إلغاء العيد هذه السنة، وفي نفس الفترة جاء شخص ميسور يشتري الأغنام فقمت ببيعها لع، وبالرغم من أني بعتها بخسارة إلا أنها كانت أفضل من أن تكون الخسارة أكبر».

الأغنام المستوردة تحافظ على استقرار السوق

أكد عدد من مربي الأغنام و الفاعلين في قطاع تربية المواشي أن استيراد الأضاحي من الخارج جنب السوق الوطنية أزمة كبيرة بحيث كانت الأسعار ستتضاعف على ما هي عليه اليوم، وسط ضعف العرض.

وبهذا الخصوص، قال محمد جبلي، رئيس الفيدرالية المغربية للفاعلين بقطاع المواشي، إن السوق مستقر حاليا وهناك عرض وفير يفوق الطلب بكثير، مشيرا إلى أن هناك ركود بعض الشيء.

وأضاف المتحدث: «الأجواء داخل الأسواق طبيعية ليس هناك احتقان، هناك سلالات متنوعة منها المحلية ومنها المستوردة، تبدأ أسعارها من 1500 درهم، وكل مواطن يختار ما يناسبه حسب قدرته الشرائية».

وتابع جبلي: «لو لم تدخل الأغنام المستوردة كان السعر سيرتفع كثيرا، ولولا دعم الحكومة لهذه الأغنام كانت أسعارها ستبدأ من 2500 درهم لكن اليوم نرى أن أسعارها مناسبة وتبدأ من 1500 درهم»، مشيرا إلى أن «تسهيل عملية الاستيراد جاء بهدف الحفاظ على استقرار الأسعار ومواجهة المضاربين».

يقول عبد الصمد، وهو كساب من ضواحي الدار البيضاء، إن استيراد الأغنام ساهم بشكل كبير في استقرار الأسعار، رغم أن هناك زيادات مقارنة مع السنة الماضية بسبب غلاء الأعلاف والجفاف ولكن لو لم تسهل الحكومة عملية الاستيراد لكان الوضع سيزداد سوءً».

مراد، كساب آخر من ضواحي الجديدة، قال، في تصريح لـLe360، «بصراحة لأول مرة الحكومة تعرف كيف تتصدى للمضاربين. كيف لا ويقف على رأسها رجلان، ترأس الأول وزارة الفلاحة لسنوات عدة (عزيز أخنوش، رئيس الحكومة حاليا ووزير الفلاحة لعدة ولايات حكومية) ،وكان الثاني كاتبا لها (الصديقي وزير الفلاحة الحالي والكاتب العام للوزارة في عهدة أخنوش) أي أنهما يعرفان جيدا كل خبايا القطاع.

و أضاف: «قبل عدة أشهر من الآن، توقعت الحكومة أن «الشناقة» سيستغلون الوضعية الراهنة لإشعال السوق لكنها عرفت كيف تتصدى لهم، ففي وقت كان يرتقب فيه تسجيل نقص كبير في عدد رؤوس الأغنام الموجهة للعيد، منحت الحكومة تسهيلات للمستوردين لتعزيز العرض بالتالي الحفاظ على الأسعار».

وتابع المتحدث: «حسب ما عايناه بعدد من الأسواق الأسبوعية التي نذهب إليها يوميا لعرض أضاحينا، كانت الأسعار مرتفعة قبل أسابيع من الآن وحتى بعد وصول الدفعات الأولى من الأغنام المستوردة، لكنها اليوم تراجعت كثيرا لأن التجار باتوا متخوفين أمام الإقبال الكبير الذي تحظى به الخرفان المستوردة».

ومن جانبه، أكد رضوان، وهو كساب من منطقة مديونة، أن أسعار الأضاحي عرفت تراجعا خلال الأسبوعين الماضيين بحوالي 500 أو 800 درهم، وذلك بعد الركود الذي عانى منه عدد من التجار.

تحرير من طرف فاطمة الزهراء العوني
في 25/06/2023 على الساعة 08:30, تحديث بتاريخ 25/06/2023 على الساعة 08:30