تحت شمس ساطعة، تسير مجموعات من السياح الصينيين على طول الطريق المؤدي إلى قصر آيت بن حدو، الواقع على بعد حوالي ثلاثين كيلومترا من ورزازات. عند مدخل الموقع، يتوقفون لتخليد زيارتهم قرب لافتة مكتوب عليها باللغة العربية: «قصر آيت بن حدو يرحب بكم». يستعدون، حاملين كاميراتهم، لاستكشاف هذه القرية المحصنة الشهيرة، رمز الجنوب المغربي.
يجذب هذا الموقع، المعروف بمنازله المبنية من الطين على سفح التل، زبائن راغبين في الانغماس في تراث معماري وثقافي فريد. بالنسبة للكثيرين، يقدم المغرب تنوعا نادرا: «إنه خليط من التأثيرات العربية والبربرية والإفريقية والأوروبية. هذا الثراء الثقافي هو ما جذبني إلى هنا»، كما يؤكد شيهاو شين (Xihao Chen)، سائح من شنغهاي.
برفقة مرشدين مغاربة مثل كمال، أو حتى مرشدين متخصصين من الصين مثل وو شياو (Wu Xiao)، يتجول السياح في أزقة القصر الضيقة، مستكشفين محلات الحرف التقليدية المحلية. تعرض في واجهات هذه المحلات سلال منسوجة وحقائب جلدية وسجاد بربري وقطع نحاسية، وهي منتجات تشهد على خبرة الصناع التقليديين المحليين ومهارتهم. تجذب هذه المنتجات الزوار الصينيين، الذين يعشقون التذكارات التقليدية، على وجه الخصوص.
ويتجلى شغفهم بالمغرب أحيانا من خلال السينما. تقول شيو منغ تشي (Xiu Meng Qi)، التي جاءت مع زوجها من مقاطعة شاندونغ: «شاهدت فيلما من شمال إفريقيا جعلني أرغب في اكتشاف الدار البيضاء والعادات المغربية». وشدد آخرون، مثل وو شياو، على سحر الصحراء، الذي اكتسب شهرة في الصين بفضل قصص الكاتب التايواني سانماو (Sanmao)، أوالمدينة العتيقة في فاس ومدينة شفشاون الزرقاء.
نمو معزز بالإجراءات السياسية
هذا الإقبال ليس صدفة. فمنذ إلغاء تأشيرات الدخول للمواطنين الصينيين عام 2016، شهد عدد الزوار الصينيين زيادة كبيرة. وأوضح الباحث في السياحة والمقيم في وارزازات، الزبير بوحوت، قائلا: «قبل هذا القرار الملكي، كان عدد السياح الصينيين أقل من 10.000 سائح سنويا. في عام 2019، تجاوز العدد 140.000 سائح».
بعد فترة من التراجع بسبب الجائحة، بدأت الأعداد ترتفع مجددا. وتوقع قائلا: «مع افتتاح خطوط جوية مباشرة بين الشركات المغربية والصينية، يمكننا الوصول إلى ما بين 250.000 و300.000 سائح هذا العام». وقد جمعت وكالة أسوشيتد برس هذه التصريحات خلال استطلاع أجرته في ورزازات وآيت بن حدو أواخر شهر يونيو 2025.
تجربة الطهي
تستغل السلطات السياحية المغربية أيضا العديد من الوسائل لجذب هذه الفئة من الزبناء: المشاركة في المعارض الدولية، وحملات التواصل الاجتماعي باللغة الصينية، والتعاون مع وكالات السفر، وحتى تكوين المرشدين المحليين على اللغة والثقافة الصينية.
بعد زيارة القصر، يتوجه السياح إلى المطاعم المحلية، حيث تشكل تجربة الطهي جزءً لا يتجزأ من الزيارة. في مطعم «واحة الذهب»، يسعى عبد الإله كرومي، مدير المطعم، جاهدا لتكييف الخدمة مع توقعات هؤلاء الزوار: «السياح الصينيون مختلفون تماما. إنهم يحبون الأطباق المغربية، وخاصة الطاجين والكسكس، لكن ما يطلبونه غالبا هو الماء الساخن».
وبيديها طبق من اليقطين (القرعة) والخبز المحلي، تستمتع جودي سو (Judy Su) بأول وجبة مغربية لها: «الخبز قاس من الخارج ولكنه طري جدا من الداخل، أعشقه! وحساء اليقطين حلو جدا، لذيذ جدا».
بين الجاذبية الثقافية، والاستراتيجيات المستهدفة، يبدو أن السياحة الصينية في المغرب مهيأة لمستقبل مشرق. في آيت بن حدو، يعد وصول عشرات الزوار الآسيويين يوميا دليلا ملموسا على ذلك. وخلف كل صورة تذكارية يتم التقاطها على خلفية من المباني الطينية، تظهر صورة للمغرب أكثر انفتاحا، وأكثر ارتباطا، وأكثر نشاطا اقتصاديا بفضل هذه الموجة الجديدة من الزوار.



