وشهد هذا القطاع على مستوى الجهة، خلال السنوات الأخيرة، تطورا ملحوظا، بفضل الجهود المبذولة من قبل كافة المتدخلين لتعزيز واستقطاب استثمارات مهمة في هذا المجال الذي يتميز بالتنافسية.
وفي هذا الإطار، تزخر جهة الشرق بمؤهلات بشرية ذات كفاءة، والتي تكونت في مختلف المؤسسات العمومية والخصوصية، لاسيما في الكليات والمدارس المختلفة التابعة لجامعة محمد الأول بوجدة، بالإضافة إلى شبكة تضم 36 مؤسسة تكوينية تابعة لمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل والكفاءات، والتي تخصص 8 في المائة من عروضها التكوينية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وكذا الأفشورينغ، وفق أرقام صادرة عن المركز الجهوي للاستثمار لجهة الشرق.
كما أن توفر الجهة على بنيات استقبال مهمة، تشمل أكثر من 10 آلاف متر مربع عبارة عن مكاتب تمت تهيئتها لهذا الغرض وبأسعار جد معقولة، كما هو الشأن بالنسبة لسعر الإيجار، وتكلفة اليد العاملة التي تظل تنافسية، يعزز هذا الرهان ويوفر ميزة تنافسية من شأنها المساهمة في تنمية القطاع.
وأكد مدير قطب التحفيز بالمركز الجهوي للاستثمار بجهة الشرق، رشيد رامي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن قطاع الرقمنة وترحيل الخدمات عرف تطورا ملحوظا بجهة الشرق خلال السنوات الخمس الأخيرة، نتيجة دمقرطة وسائل الاتصال والمواصلات بالمغرب، وكذا امتلاك مدينة وجدة لبعض المميزات التي جعلت هذا القطاع يعرف نجاحا لافتا بالجهة.
ويتعلق الأمر، أساسا، بتوفير البنية التحتية لاستقبال هذا القطاع، حيث تتوفر المدينة على محطة (وجدة شور) لترحيل الخدمات المندمجة « الأوفشورينغ »، والتي تعد أحد المشاريع الكبرى المنجزة على الصعيد الوطني بنفس المعايير الدولية المتوفرة بمدن الدار البيضاء، والرباط، وفاس، وذلك بفضل المبادرة الملكية لتنمية جهة الشرق.
وأوضح أن هذه المحطة، التي تم إحداثها على بعد 6 كيلومترات شمال مدينة وجدة، ضمن القطب التكنولوجي لوجدة، تقدم عرض مكاتب للخدمات على أعلى مستوى، وأخرى جاهزة للاستعمال والتي تتوفر على شبكة الربط وجميع المواصفات والمعايير المعمول بها دوليا في هذا القطاع وفق أحدث التصاميم؛ مما أدى إلى جذب استثمارات مهمة في هذا القطاع، مشيرا إلى أن مدينة وجدة تتميز بالعرض التنافسي الذي يوفر كلفة استغلال تنافسية جدا مقارنة مع مدن أخرى.
وأشار إلى أن الكفاءات البشرية التي تزخر بها مدينة وجدة، والتي تعد ملمة بالقطاع بجميع مكوناته؛ كمراكز نداء، ومؤسسات تعمل في صناعة البرمجة، أو التشفير، أو الأمن السيبيراني، هي نتيجة لمنظومة تعليمية مهمة جدا ومتكاملة بالجهة.
وتحتضن مدينة وجدة، في هذا الصدد، مركبا جامعيا مهما يعمل على تكوين كفاءات واعدة في هذا المجال، كما أن مختلف المعاهد والمدارس المتواجدة بها تمكنت من تطوير ومواكبة القطاعات الجديدة على المستوى الدولي كالذكاء الاصطناعي.
وفي السياق ذاته، أكد رامي أن الميثاق الوطني للاستثمار يقدم اليوم تحفيزات مهمة جدا لميدان ترحيل الخدمات، خصوصا القطاعات الجديدة كالذكاء الاصطناعي، والأمن السيبيراني، مشيرا إلى أن جهة الشرق تحظى بامتيازات ترابية لتحفيز المستثمرين، إضافة إلى انفتاحها على باقي مناطق المغرب وعلى العالم عبر شبكة مواصلات مهمة جدا كالمطارين الدوليين وجدة - أنجاد، والناظور- العروي، وشبكة الطريق السيار، والسكك الحديدية؛ ما ساهم في تطوير هذا القطاع الذي يفتح آفاقا واعدة، والذي يعول عليه لتطوير الاستثمار في جهة الشرق.
ومن جهة أخرى، وفي قطاع التكنولوجيات الحديثة والبرمجة، فإن مدينة بركان تعد نموذجية في رقمنة التراب، والمدينة، والإقليم، خاصة في مجال تحديث المعطيات، ومواكبة تطور الإقليم، والمساعدة على اتخاذ القرارات بناء على معطيات ميدانية؛ ما جعل منها مدينة ذكية بامتياز، وذلك بفضل مجموعة من المشاريع التي تشهدها.
وعلاقة بالقطاع ذاته، ومن أجل الاستجابة للطلب المتزايد في مجال (الترميز/التشفير)، تم إنجاز العديد من المبادرات على مستوى الجهة، بما في ذلك مشروع « Zone 01 « ، الذي سيمكن من توفير التدريب بمستوى عال في البرمجة، من خلال فضاء مجهز بأحدث التطورات التكنولوجية والأدوات المتطورة اللازمة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، و »Blockchain »، والبيانات الضخمة وغيرها، لـ 500 متعلم في كل دفعة في أفق تكوين ودمج 4000 شابة وشاب في مهن البرمجة والرقميات في جهة الشرق.
وأبرز المسؤول عن مركز التميز في تطوير المهارات الرقمية « Zone 01 Oujda »، جواد بن عدي، أن « Zone01″، هي شركة عالمية تبحث عن المواهب الشابة التي تملك إمكانيات في مجال البرمجة وتعمل على دعمهم وتكوينهم وتشغيلهم، مشيرا إلى أنها فتحت أول مركز لها بالمغرب بمدينة وجدة، وذلك بشراكة مع وزارة التعليم العالي، وجامعة محمد الأول، وولاية جهة الشرق، والمركز الجهوي للاستثمار، ووكالة تنمية جهة الشرق.
وأكد أنه، وبالنظر إلى كون المستقبل أصبح مرتبطا بالرقمنة، والتكنولوجيا، والذكاء الاصطناعي، فإن هذا المركز المتواجد بمركب المعرفة بوجدة، تم إحداثه للبحث عن المواهب المهتمة بهذا المجال من أجل تكوينها بمقاييس وجودة عالمية، حيث يتخرج منه « مبرمجون حاسوبيون » محترفون.
وأشار إلى أن المركز يوفر لهؤلاء الشباب فضاء مجهزا، وكذا منصة مفتوحة بشكل دائم، خلال فترة تدريب لمدة 18 شهرا، مع ضمان حصولهم على فرص الشغل على المستوى الدولي عبر الاشتغال عن بعد وفي ظروف جيدة.
هذا، ومن المنتظر أن تطلق شركة أخرى عملاقة في مجال خدمات معالجة الأعمال، مشروعا في مجال ترحيل الخدمات (الأوفشورينغ) والتحول الرقمي بمدينة وجدة، على مساحة تبلغ 2200 متر مربع في القطب الحضري الجديد، حيث يتوقع أن يوفر حوالي 400 فرصة عمل، مما سيساهم بشكل كبير في دفع عجلة التنمية في المنطقة.
وتواصل الجهة جذب اهتمام المزيد من المستثمرين الباحثين عن بيئة استثمارية ملائمة تتيح لهم تطوير مشاريعهم الاستثمارية والرفع من رقم معاملاتهم، ومن هؤلاء على سبيل المثال مجموعة فرنسية دشنت مؤخرا بوجدة مركز نداء تابع لها، مكن من خلق 100 منصب شغل.