واعتبر التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات أن الإطار القانوني الحالي غير كاف لتأطير مجال الأسواق الأسبوعية ويتوجب تحيينه، مشيرا إلى أن « إذا كان القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات، قد تناول بعض الجوانب التسييرية والمالية المتعلقة بالأسواق الأسبوعية، من خلال إدراج إحداث أو حذف أو ترحيل السوق الأسبوعي ضمن الاختصاصات الذاتية للجماعة والإشارة إلى بعض طرق التدبير والمداخيل المستحقة، فضلا عن تحديد صلاحيات الشرطة الإدارية في ميادين الوقاية الصحية والنظافة والسكينة العمومية وسلامة المرور ومحاربة الغش، فإن بعض الجوانب الأخرى الأساسية، من قبيل القواعد والمساطر الواجب التقييد بها في مجالات إحداث أو حذف أو إجراء تعديلات على مكان أو مواقيت انعقاد الأسواق الأسبوعية، غير مؤطرة بأي نص قانوني ».
وكشف التقرير أن «مرفق السوق الأسبوعي لا يخضع لأي نص تشريعي أو تنظيمي خاص يتم من خلاله تحديد الإطار المفاهيمي المرتبط به، والجوانب التقنية المتعلقة بالتنظيم الداخلي لفضاءاته وطبيعة الأنشطة المرخص ممارستها على نطاقه والأنظمة المهنية للتجار والحرفيين النشيطين به، فضلا عن اقتراح آليات للتنسيق وللتتبع بخصوص وضع وتطبيق السياسات والبرامج والمشاريع العمومية لهيكلة وتطوير هذا المرفق على الصعيد الوطني ».
ودعا المجلس إلى « وجوب اعتماد أنظمة مشتركة لتدبير مرفق السوق الأسبوعي »، موضحا أنه « لم يتم إصدار أنظمة مشتركة لتدبير مرفق السوق الأسبوعي في شكل دفاتر تحملات تفصل في أنماط تنظيمه واستغلاله وكذا في التزامات الجماعة والمستغل، وذلك رغم الحاجة الملحة لهيكلة طرق تدبير هذا المرفق. وعلى سبيل المقارنة، فقد سبق أن وضعت وزارة الداخلية أنظمة مشتركة لتدبير بعض المرافق العمومية الجماعية، على غرار مرافق توزيع الماء الصالح للشرب والكهرباء والتطهير السائل، وذلك في شكل دفاتر تحملات بموجب قرار وزير الداخلية رقم 387.21 الصادر في 10 ذي القعدة 1442 (21) يونيو 2021. ويأتي كل هذا في سياق تعتمد فيه الجماعات المعنية على دفاتر تحملات غير منسجمة مع المقتضيات المنصوص عليها في القانون رقم 54.05 المتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العامة. ويتجلى ذلك في استمرار الجماعات في الدعوة إلى المنافسة لأجل إيجار مرفق السوق الأسبوعي اعتمادا على مسطرة طلب العروض المنصوص عليها في مرسوم الصفقات العمومية.
وكنتيجة لذلك، ينبه تقرير قضاة العدوي، إلى أن المردودية المالية للأسواق الأسبوعية تأثرت نسبيا، إذ انخفضت مداخيلها بنسبة 16%، متراجعة بذلك من 412 مليون درهم خلال سنة 2017، لما يقارب 348 مليون درهم خلال سنة 2022. كما تم تسجيل أدنى مبلغ للمداخيل المستخلصة خلال سنة 2020، حيث بلغ ما مجموعه 290 مليون درهم، ويعزى ذلك بالأساس لتداعيات جائحة كوفيد 19 وما نجم عنها من تقلص للنشاط التجاري للأسواق.
أدوار الأسواق الأسبوعية
كشف تقرير المجلس الأعلى للحسابات أن عدد الأسواق الأسبوعية يبلغ 1028 على الصعيد الوطني، حسب الإحصائيات المتوصل بها من طرف مصالح الإدارات الترابية على مستوى مختلف العمالات والأقاليم، مضيفا أنها تضطلع بدور بارز في الإسهام في تحقيق التنمية القروية من خلال إحداث مجموعة من الأنشطة المعيشية المدرة للدخل لاسيما لفائدة النساء والشباب، كما توفر موعدا أساسيا لتصريف مختلف السلع والبضائع القادمة من مختلف سلاسل الإنتاج سواء المحلية منها أو الخارجية.
وأضاف التقرير أن السوق الأسبوعي يعتبر بمثابة خزان غني للهوية والذاكرة التراثية والإنسانية المشتركة للساكنة، باعتباره مكانا يختزل المراحل التاريخية للعيش المشترك ويحتفظ بعلامات تطوّر مظاهر استقرار الأفراد ونشاطهم وتلاقحهم بالمناطق المعنية.
ونظرا لهذا الدور الحيوي، يردف التقرير، اتخذت السلطات الحكومية المعنية عدة إجراءات وتدابير من أجل تأهيل وتحديث الأسواق الأسبوعية، موضحا أنه « في خضم تنزيل الركيزة الثانية لمخطط الجيل الأخضر 2020-2030، تم وضع هدف استراتيجي يتمثل في العمل على هيكلة وتحديث قنوات التوزيع قصد تحسين القيمة المضافة للمنتوجات وجودتها عند المستهلك، وذلك من خلال عصرنة 12 سوق جملة وتأهيل 100 سوق أسبوعي، فضلا عن بلوغ عتبة 120 مجزرة مرخصة على صعيد التراب الوطني ».
وبحسب التقرير فقد سبق أن أصدرت وزارة الداخلية سنة 2013 دليلا لمساعدة الجماعات على تحسين حكامة ومهنية تدبير الأسواق الأسبوعية. بالإضافة إلى تقديم الدعم للجماعات على مدار العقد الأخير، لأجل تجهيز وإعادة هيكلة بعض الأسواق الأسبوعية، من خلال عقد اتفاقيات شراكة وإصدار رخص البرامج بمبلغ إجمالي قدره 61,21 مليون درهم ما بين سنتي 2021 و2022″.
وكشف قضاء العدوي أن إجمالي الموارد المتأتية من تدبير الأسواق الأسبوعية بلغ خلال السنة المالية 2022 حوالي 348,5 مليون درهم، أي بمعدل 340.000 درهم لكل سوق أسبوعي، وتصدر سوق ثلاثاء سيدي بنور عائدات تدبير الأسواق الأسبوعية خلال سنة 2022 بمبلغ 17.1 مليون درهم.