وتناولت يومية «الأخبار»، في عددها الصادر نهاية الأسبوع الجاري، هذه الأزمة التي طالت عناوين أساسية في مواد متعددة، ووضعت آلاف التلاميذ في وضع تعليمي غير متكافئ داخل الأقسام بين من تمكنوا من اقتناء نسخ محدودة وصلت بشكل متقطع، ومن ما يزالون ينتظرونها منذ أسابيع.
وأكدت اليومية، نقلا عن عدد من الكتبيين، أن المشهد الحالي غير مسبوق، وأن بعض التلاميذ يشرعون في الدراسة دون مقرر بينما يعتمد آخرون على نسخ مصورة أو صور يتم تداولها في مجموعات واتساب، في المقابل، يرفض مهنيو القطاع تحمل مسؤولية هذا الارتباك، محذرين مما وصفوه بالتضليل الذي يمارس على الرأي العام حين يتم تحميل المكتبات مسؤولية الخصاص.
وأوضحت الجريدة أن أصل المشكلة يكمن في فشل المنظومة الناشرة في الالتزام بوعودها، سواء على مستوى الطباعة أو التوزيع أو التواصل، مشددين على أن الناشرين تأخروا بشكل كبير في إنتاج الكتب، دون تقديم أي شرح رسمي لسبب هذا التأخر أو للخطة المعتمدة لضمان التغطية الوطنية.
ووفق ما عاينته يومية «الأخبار» في عدد من المكتبات بمدن الرباط وسلا وتمارة، فإن مقررات مدارس الريادة التي كانت تباع في فترات سابقة باسعار رمزية أو توزع مجانا، أصبحت عملة نادرة، بل إن بعض هذه الكتب بدأ يظهر في السوق السوداء بأسعار مضاعفة، تصل في بعض الحالات إلى ثلاثة أو أربعة أضعاف السعر الرسمي، في ظل غياب أي تدخل من الوزارة لضبط هذا الانفلات أو محاسبة الأطراف المفترضة في احتكار الكتب أو التحكم في قنوات التوزيع.
وأفادت اليومية بأنه، على إثر هذا الوضع، أوضحت رابطة الكتبيين بالمغرب التي سبق أن دقت ناقوس الخطر، أن المهنيين يتكبدون تبعات هذه الأزمة، سواء على المستوى الاقتصادي أو الإداري، نتيجة غياب الشفافية في تحديد الكميات الموزعة والهامش الربحي، وعدم احترام جدولة التزويد المتفق عليها ضمن دفتر التحملات، حيث طالبت الوزارة الوصية بالتدخل العاجل لإلزام الناشرين باحترام التزاماتهم وضمان توزيع عادل ومنتظم للمقررات، ومشددة على أن هذا الخصاص بات يهدد مبدأ تكافؤ الفرص بين التلاميذ عبر التراب الوطني
وتأتي هذه الانتقادات، وفق ما كشفته الجريدة، في سياق يتزايد فيه الجدل حول نجاعة مقاربة الوزارة وسياستها الرقابية، فبالرغم من تأكيد الوزير محمد سعد برادة منتصف شتنبر الماضي، أنه «لا وجود لأي احتكار، وأن عملية التوزيع تمر في ظروف سلسة»، إلا أن الواقع الميداني يعكس صورة مغايرة تماما، حيث يتسع الخصاص يوما بعد يوم، ويتحول إلى معضلة حقيقية تؤرق الأسر والمؤسسات التعليمية على حد سواء.
ويخلص متتبعون وفاعلون تربويون إلى أن أزمة كتب «الريادة» لم تعد مجرد مشكل تقني مرتبط بتوزيع المقررات، بل أصبحت مؤشرا على ارتباك أكبر يطبع تنزيل المشروع منذ بدايته، حيث غلب عليه المنطق التبريري بدل التدبيري، في ظل ندرة الكتب وتأخر التجهيزات الرقمية والدعامات البيداغوجية المفترض أن ترافق التجربة، هذا الوضع الذي تزايد معه فقدان الثقة في بلاغات الوزارة وتطميناتها، حول مشروعا كان يفترض أن يكون نموذجا للإصلاح إلى عنوان جديد لضعف التنسيق وغياب التخطيط المحكم.



