وتشكل هذه البحيرات، التي تُقام عادة على المرتفعات أو التضاريس المائلة، خزانات طبيعية لتجميع مياه الأمطار والسيول الموسمية وتخزينها، لاستخدامها لاحقاً خلال فترات الجفاف، في منطقة تبعد عن البحر بأكثر من 200 كيلومتر غرباً وتتميز بمناخها الصحراوي الجاف.
ثمار مشروع استراتيجي في مواجهة الجفاف
وقد بدأت هذه السياسة تؤتي ثمارها، خاصة بعد التساقطات المطرية الأخيرة التي عرفتها المدينة وضواحيها، حيث ساهمت البحيرات في تخزين كميات مهمة من المياه، وفق ما أكده مصطفى عاطف، المدير الإقليمي للفلاحة بالسمارة، في تصريح لموقع Le360.
وأوضح عاطف أن هذه المشاريع ساعدت الإقليم، المعروف بندرة الأمطار وارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف، على تعزيز احتياطاته المائية، مؤكداً أن هذه المبادرات تنسجم مع الجهود الوطنية الرامية إلى تحقيق الأمن المائي والتنمية المحلية في المناطق الجافة.
إنعاش الأمل بعد سنوات عجاف
وخلال جولة ميدانية في الإقليم وضواحيه، عبّر عدد من الكسابة عن ارتياحهم الكبير لنتائج المشروع، معتبرين أن البحيرات التلية شكلت نقطة تحول حقيقية بعد نحو تسع سنوات عجاف.
وقال أحد المربين إن هذه المنشآت مكنتهم من الاستفادة من مياه الأمطار المخزنة في السقي والحرث والزرع، بعدما كانوا يعتمدون على الشاحنات الصهريجية أو ما يُعرف محلياً بـ« الكوبات » لتزويد ماشيتهم بالماء، وهي حلول مؤقتة لا تلبي حاجياتهم في منطقة قاحلة.
انعكاسات إيجابية على النشاط الفلاحي والرعوي
وأشار بعض الفلاحين إلى أن الموسم الحالي تميز بعودة النشاط الزراعي بفضل وفرة المياه، مؤكدين أن البحيرات الجديدة خففت العبء المادي عن المربين الذين كانوا يُضطرون إلى شراء الأعلاف.
كما نوهوا بالإجراءات المتخذة من طرف السلطات المائية، خاصة مراقبة البحيرات على مدار الساعة ومنع السباحة فيها حفاظاً على نظافتها وجودتها.
ولم تقتصر الاستفادة على الجانب الفلاحي فقط، إذ أصبحت هذه البحيرات فضاءً طبيعياً يقصده السكان للاستجمام وصنع الشاي في الهواء الطلق، خصوصاً بعد إنجاز الطريق الدولية الرابطة بين السمارة وموريتانيا، التي ساهمت في تسهيل الوصول إلى هذه الفضاءات وتحسين ربط المناطق الرعوية بالمدينة.
مكسب تنموي يعزز الاستقرار ويحد من الهجرة
ويرى متتبعون أن مشروع البحيرات التلية في السمارة يمثل مكسباً تنموياً من شأنه تحسين جودة حياة الساكنة المحلية عبر تأمين الإمدادات المائية بانتظام، مما سيساهم في الحد من الهجرة القروية الناتجة عن الجفاف وقلة الموارد.
كما يُتوقع أن يُسهم المشروع في الحفاظ على التوازن البيئي المحلي، شريطة أن تواصل السلطات المائية نهجها القائم على الإدارة الرشيدة والتوزيع العادل للمياه، بما يضمن استدامة هذه الموارد ويحول دون أي استنزاف غير منظم لها.




