التفاوت اللافت بين نسبة البطالة المستخلصة من البحث الوطني حول التشغيل، الذي تنشره المندوبية كل ثلاثة أشهر، والنسبة التي أظهرتها نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى، الذي أُجري في شتنبر 2024، لا يزال يثير نقاشات حادة.
وفقا للأرقام الأخيرة التي نشرتها المندوبية في إطار البحث الوطني حول التشغيل، بلغت نسبة البطالة 13.6% في الربع الثالث من عام 2024. وفي المقابل، أظهرت نتائج الإحصاء أن البطالة ارتفعت بنسبة 21.3% خلال السنة نفسها. تجدر الإشارة إلى أن هذا الوضع ليس جديدا، فقد كشف الإحصاء العام لعام 2014 نسبة بطالة بلغت 16%، مقارنة بـ9% وفق البحث الوطني حول التشغيل. وللحد من التأويلات المختلفة والجدل الناتج عنها، والذي يُستغل أحيانا بطريقة مغرضة، تعمل المندوبية على إعداد مذكرة تقنية تفسيرية تعتزم نشرها خلال الأسبوع المقبل.
ولفهم هذا التفاوت، يقول جمال عزيزي، المدير العام للإحصاء بالمندوبية السامية للتخطيط، إنه يجب أولا الإشارة إلى أن البحث الوطني حول التشغيل والإحصاء العام للسكان والسكنى لهما أهداف مختلفة.
إقرأ أيضا : الإحصاء العام 2024: نتائج تفصيلية تكشف التركيبة اللغوية والديموغرافية بالمغرب
البحث الوطني مقابل الإحصاء العام
البحث الوطني هو أداة لقياس وضعية سوق الشغل، ويتناول جميع الجوانب المتعلقة بهذا السوق، مثل النشاط، التشغيل، البطالة، العمل غير المأجور، مستوى التعليم، والرضا عن العمل... يتم ذلك عبر عينة تمثيلية تشمل 90 ألف أسرة موزعة على التراب الوطني.
أما الإحصاء، فهو يستهدف أمورا أخرى، مثل تحديد مناطق توفر اليد العاملة وتحليل التحولات الديموغرافية والاجتماعية. ويتمحور حول سؤالين فقط عن الشغل: هل عمل الشخص خلال الأسبوع السابق للإحصاء؟ وما هي وضعيته الحالية؟
سوء الفهم بين المفاهيم
يُطلب من الباحث الميداني طرح سؤالين فقط حول العمل ونقل إجابة الشخص المستجوب بدقة، دون زيادة أو نقصان، وفقا لما أوضحه جمال عزيزي، الذي يوضح أنه نتيجة لذلك يقع الخلط بين أوضاع مختلفة مثل العمل غير المأجور (كمن يعمل في مزرعة أسرته) أو الشغل الناقص (العمل بساعات أقل أو في وظيفة أقل من المؤهلات)، مما يؤدي إلى اعتباره في وضعية بطالة.
على سبيل المثال، إذا تم جمع النسبتين الخاصة بالعمل غير المأجور (الذي يتراوح بين 9 إلى 10%) ونسبة البطالة الحالية (13.6%)، نصل إلى نسبة تفوق 22%، كما يوضح هذا المسؤول. ومع ذلك، يشدد على أن الشخص الذي يؤدي عملا غير مأجور يُعتبر نشطا ومشغولا، لأنه يساهم في الاقتصاد الوطني.
بالإضافة إلى ذلك، تخشى بعض الأسر التي تم استجوابها في إطار الإحصاء تأثيرا محتملا لإجاباتهم على أهليتهم للاستفادة من المساعدات الاجتماعية المباشرة التي تقدمها الدولة. ولهذا السبب، يحاولون تصوير أنفسهم في وضع هش لضمان عدم فقدان فرصتهم في الاستفادة من هذه المساعدات.
وأشار جمال عزيزي إلى عامل آخر يمكن أن يفسر نسبة البطالة المرتفعة التي ظهرت في نتائج الإحصاء. ويتعلق هذا العامل بالسياق الصعب الذي أجريت فيه هذه العملية، والذي تميز بتوالي سنوات الجفاف وارتفاع التضخم الناتج عنها، بالإضافة إلى الأزمات الدولية التي ساهمت في زيادته.
كل هذه العوامل أثرت على معنويات الأسر، مما انعكس على إجاباتهم التي عكست هذا المزاج.
وفي ظل هذه الظروف، من الطبيعي أن تكون نسبة البطالة المصرح بها، وبالتالي المتصورة، أعلى من نسبة البطالة المقاسة، كما خلص إلى ذلك جمال عزيزي.