وفي هذا الشأن، وجهت وزارة الداخلية مراسلة في الموضوع في إطار التحكيم بين الجماعة والشركة المعنية، إلى المجلس الجماعي لفاس، في شخص عمدة المدينة، تطالبه فيها بموافاتها برأيه في أقرب الآجال، في شأن مقترح الوزارة المتعلق بتسوية النزاع بين الطرفين، وذلك من أجل تأمين استمرارية خدمات النقل الحضري في أحسن الظروف، وحتى يتسنى للوزارة المشرفة على هذه العملية اتخاذ الإجراءات المناسبة في هذا الشأن.
وبحسب نص المراسلة، فإن الشركة المعنية اقترحت في جوابها عن مقترح وزارة الداخلية في الموضوع الحفاظ على مدة العقد نفسها، ووضع 205 حافلات في الخدمة، و22 حافلة احتياطية، وتحديد المبلغ الإجمالي للاستثمار في 178 مليون درهم، وذلك مقابل استفادة الشركة من دعم الاستثمار من لدن السلطة الوصية بنسبة 50 في المائة من المبلغ الإجمالي المشار إليه في ميزانية الاستثمار.
والتزمت الشركة ذاتها، أيضا، وفق المراسلة التي حصل Le360 على نسخة منها، في جوابها عن مقترح وزارة الداخلية، باقتناء الحافلات الجديدة داخل أجل لا يتعدى 10 أشهر من التوقيع والمصادقة على الملحق، كما قررت التكفل بتدبير المرحلة الانتقالية عبر اقتناء 50 حافلة مستعملة لتعزيز الأسطول الحالي في غضون شهرين بعد التوقيع والمصادقة على ملحق الاتفاقية.
وأشار المصدر ذاته إلى أن هذا التدخل يأتي في إطار إتمام مسطرة التحكيم التي تشرف عليها وزارة الداخلية قصد إيجاد الحلول الودية للنزاعات القائمة بين جماعة فاس والشركة المذكورة، بخصوص مقتضيات عقد التدبير المفوض للنقل الحضري بواسطة الحافلات الذي يجمع الطرفين.
وعلاقة بالموضوع، رحب فريق حزب الأصالة والمعاصرة بالمجلس الجماعي لفاس بالمقترحات التي أوردتها وزارة الداخلية بخصوص مستجدات مسطرة التحكيم التي تشرف عليها بين جماعة فاس وشركة "سيتي باص"، واعتبرها "جزء من الرؤية السابقة التي طرحها فريق الأصالة والمعاصرة لحل الخلاف".
نفس الموقف عبر عنه فريق حزب الاستقلال بجماعة فاس، في مراسلة وجهها لعمدة فاس بخصوص مسطرة التحكيم التي تشرف عليها وزارة الداخلية.
ووصف فريق حزب الميزان المقترحات بـ"الجادة" و"الواقعية" التي يمكن أن تضمن استمرارية هذا المرفق في أحسن ظروف.
من جانبه، بارك فريق حزب التقدم والاشتراكية بمجلس جماعة فاس مسطرة التحكيم وتقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف، إلا أنه طالب في نفس الوقت باستحضار الوضعية المزرية والحرجة والمأساوية لأسطول حافلات النقل الذي يتخبط في مشاكل ميكانيكية عويصة.
وطالب فريق الكتاب أيضا من رئيس مجلس جماعة فاس بالتدخل من أجل وضع حد لهموم ومعاناة الساكنة مع النقل العمومي واتخاذ كافة الإجراءات الضرورية لضمان نقل عمومي ملائم يحافظ على كرامة المواطنين بمدينة فاس.
وبدوره، ثمن فريق الاتحاد الاشتراكي مسطرة التحكيم التي باشرتها وزارة الداخلية، معتبرا أن الأمر سمح لطرفي النزاع بإبداء وجهات نظريهما، وبسط مقترحاتهما، مطالبين بتسريع وتيرة التفاوض بين الطرفين أو اقتراح مخارج أخرى بديلة لإيجاد حل مستعجل لمعضلة النقل الحضري بفاس.
واعتبر مستشارو حزب الوردة أن جواب عمدة فاس باسم المجلس ومكتبه على مقترحات الشركة هو من باب "من الحزم سوء الظن"، الشيء الذي يستدعي أن تعبر هذه الشركة عن حسن نيتها وتشرع على الفور في الوفاء ببعض التزاماتها.
وأوضح أعضاء فريق الوردة أن المعاناة اليومية للساكنة مع معضلة النقل الحضري لم تعد تحتمل أي تأخير أو تعطيل، أو تمطيط لإجراءات وآجال التوقيع والتصديق والتفعيل والتنفيذ، وأن الشركة مطالبة في الشروع في تنفيذ التزاماتها الواردة في مقترحاتها، وما عدا ذلك فهو مضيعة لمزيد من الوقت وتكريسا لمعاناة الساكنة، وأن مجلس جماعة فاس وبتعاون مع سلطات الوصاية محليا ومركزيا مطالب بدوره في الشروع في البحث عن البدائل الأخرى المستعجلة والممكنة.
أما حزب التجمع الوطني الأحرار، الذي يسهر على تسيير شأن مدينة فاس في شخص عمدة المدينة، فقد ثمن مبادرة وزارة الداخلية، إلا أنه التمس من الوزارة أن توافي مدينة فاس بدعم مالي في مستوى المدن الكبرى لتحقيق التنمية المنشودة.
وطالب فريق حزب "الحمامة" بضرورة أخذ بعين الاعتبار ما جاء في تقرير المجلس الجهوي للحسابات المتعلق بمراقبة عقد التدبير المفوض لمرفق النقل الحضري بمدينة فاس، والذي سجل اختلالات كثيرة منها (النقص المهول في الحافلات واختفاء عدد من الحافلات والمبالغة في عدد المنخرطين وفي التعبئات الشهرية للطلبة للرفع من قيمة الدعم، بالإضافة إلى اختلالات أخرى لا يسع المحال لذكرها)، على حد تعبير المراسلة.
ومن أجل أخذ رأي رئيس المجلس الجماعي لمدينة فاس، عبد السلام البقالي في الموضوع، اتصل مراسل Le360 بعبد السلام البقالي، من أجل استقاء موقفه لكنه رفض إعطاء أي تصريح في الموضوع، مؤكدا أن موقف جماعة فاس سيتم الإعلان عنه في غضون الأيام القليلة المقبلة.
وفي انتظار الموقف النهائي للمجلس الجماعي مدينة فاس، يبقى الغموض سيد الموقف في انتظار ما سيسفر عنه اجتماع عمدة فاس بأعضاء مجلسه الجماعي اليوم الاثنين، في الوقت الذي تحدثت فيه مصادر داخل الجماعة لـLe360، عن وجود ما سمته "الانقسام" بين مكونات المجلس ما بين مؤيد وما بين رافض لمقترحات الشركة المفوض لها تدبير النقل بفاس.
وتجدر الإشارة إلى أن الأزمة بين جماعة فاس وشركة "سيتي باص" كانت قد تفجرت في شهر نونبر الماضي، حينما صرح عمدة مدينة فاس، عبد السلام البقالي، على هامش دورة شهر نونبر الاستثنائية، أن شركة "سيتي باص فاس" خرقت دفتر التحملات الخاص بصفقة التدبير المفوض لقطاع النقل الحضري بالمدينة، من خلال استمرار الشركة في استخدام 122 حافة منتهية الصلاحية، وعدم اقتناء 194 حافلة جديدة، قبل أن تخرج الشركة لترد على عمدة فاس، معتبرة أن هذه التصريحات تتضمن "معطيات ومعلومات غير صحيحة".