ووفق ما عاينته كاميرا Le360 في سوق الجملة للحبوب والقطاني بمدينة الدار البيضاء، فرغم وفرة المنتوجات، عرفت أسعار هذه المواد زيادات مهمة، أرجعها التجار إلى عاملين أساسيين، هما،ارتفاع أسعارها في السوق الدولية بالنسبة إلى المنتوجات المستوردة، ثم نقص التساقطات المطرية والجفاف بالنسبة إلى المنتوجات المحلية.
وحسب تصريحات تجار الحبوب والقطاني لـLe360، وصل ثمن القمح المحلي إلى 550 درهما للقنطار، بعدما كان ثمنه يتراوح بين 380 درهم و400 للقنطار، أما ثمن القمح المستورد فارتفع من 400 درهم للقنطار إلى 750 بثمن الجملة.
وانعكست الزيادات في أسعار القمح، على كل المواد الغذائية التي يدخل في مكوناتها، كالمعجنات التي عرفت زيادات تراوحت بين 2,50 دراهم، و3 في الكيلوغرام الواحد بأسواق الجملة.
أما القطاني فعرفت بدورها زيادات في بعض أنواعها كالحمص والعدس، تراوحت بين درهمين و 4 دراهم في الكيلوغرام الواحد.
زيادات في السوق العالمية
قال جمال المحمدي، رئيس الفيدرالية البيمهنية لأنشطة الحبوب والفدرالية الوطنية لتجار الحبوب والقطاني، إن أسعار القمح وصلت إلى مستويات غير مسبوقة في السوق العالمية، إذ ارتفعت أسعار القمح اللين من 240 دولارا أمريكيا للطن في يناير 2020 إلى 270 دولارا للطن في يناير 2021، ثم إلى 350 دولارا في يناير 2022، أي بزيادة تراكمية قدرها 46 ٪ على الرغم من مستويات الإنتاج العالمي المسجلة خلال الموسمين الأخيرين.
وأوضح المحمدي في حوار سابق مع Le360، أن الارتفاع الكبير سجل في أسعار القمح الصلب، حيث تضاعف في غضون ستة أشهر، من 300 دولار للطن في يونيو 2021 إلى أكثر من 720 دولارا للطن حاليا.
أسباب ارتفاع الأسعار
أرجع التجار أسباب الزيادات في الأسعار إلى ارتفاعها في السوق العالمية، وكذا إلى التغيرات المناخية والجفاف.
ومن جهته أشار رئيس الفيدرالية البيمهنية لأنشطة الحبوب والفدرالية الوطنية لتجار الحبوب والقطاني، إلى أن أسباب الزيادات متعددة، أولها تراجع الانتاج الكندي من القمح الصلب بما يقرب 50 ٪، الارتفاع المفاجئ في أسعار الشحن البحري التي تضاعفت أكثر من خمس مرات في غضون عام، إلى جانب الزيادة في الاستهلاك العالمي التي تفوق الإنتاج للعام الثاني على التوالي، وانخفاض المخزونات العالمية، وكذا آثار جائحة كوفيد-19 على التجارة العالمية، وعودة السياسات الحمائية لبعض البلدان المصدرة والمستوردة.
والتوترات في البحر الأسود وأوكرانيا وروسيا، ارتفاع أسعار النفط، سلوك الفاعلين الماليين في البورصات الدولية وأسواق العقود الآجلة الذين يتهافتون على أسواق المواد الغذائية، بما في ذلك الحبوب، وهو ما يؤدي إلى مزيد من التقلبات وارتفاع الأسعار داخل هذه الأسواق.
انعكاس ارتفاع أسعار القمح على باقي المواد الغذائية
انعكس ارتفاع أسعار القمح الصلب بشكل مباشر على السوق المغربي من خلال ارتفاع أسعار السميد والمعكرونة والكسكس، على عكس منتجات القمح اللين، التي تستفيد من دعم الدولة، فلم تتأثر بأي شكل من الأشكال بالارتفاع الملحوظ في الأسواق العالمية. وتستورد بلادنا في المتوسط، كل سنة، بين 3 ملاين طن من القمح اللين و4 ملايين، وكذا بين 800 ألف طن من القمح الصلب و900 ألف طن، وتتنوع مصادر استيراد المملكة للقمح اللين، إلا أن 80 % من واردات القمح الصلب تأتي من كندا.
إجراءات حكومية قالت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح علوي، إن الحكومة اتخذت مجموعة من التدابير للحد من وقع تقلبات الأسعار الدولية والمضاربات بالسوق الداخلية، أولها تعليق الرسوم الجمركية بالنسبة للقمح الصلب والطري منذ نونبر 2021، إضافة إلى تخصيص تعويض إضافي للموردين من أجل ضمان الحفاظ على الأسعار. وأوضحت أن " الحكومة قامت بتأمين مخزون كاف من الحبوب والدقيق عبر التزود من السوقين الوطني والدولي، حيث بلغ منتصف دجنبر الماضي 19 مليون قنطار، منها 12 مليون قنطار من القمح اللين و3 ملايير قنطار من القمح الصلب".