خلال حوار مع Le360 خلال 2018، أعلن وزير التربية الوطنية والتعليم العالي، سعيد أمزازي، عن التزامه الراسخ بضمان خضوع كلية الطب الخاصة في مراكش، التابعة للجامعة الخاصة لمراكش (التي يملكها محمد القباج). وكان مسؤولو الكلية قد وعدوا ببناء مستشفى جديد لتلبية احتياجات الطلاب وقبل كل شيء لتلبية الشروط الواجب توفرها في هذا المجال.
واعترف الوزير الوصي بمنح الترخيص لكلية الطب الخاصة في مراكش على أساس التزام واضح ودقيق. "تعتزم الجامعة الخاصة لمراكش بناء مستشفى جامعي بسعة 250 سريرا بالنسبة لفرعها الخاص بالصحة. سيكون الشطر الأول جاهزا في بداية أكتوبر 2019. وتشمل مركز تشخيص ومركز تصوير طبي ومستشفى نهاري"، هكذا كان جواب الوزارة وكأنها كانت تحاول أن تضفي شرعية على الترخيص السريع الذي منح للكلية.
بعد ثلاث سنوات، ظلت وعود الوزارة الوصية والجامعة الخاصة لمراكش حبرا على ورق. فالمستشفى الجامعي الذي يضم 250 سريرا، والذي يعتبر بناؤه شرطا أساسيا حتى تصبح كلية الطب الخاصة متوافقة مع المتطلبات التي تفرضها التداريب، لم ير النور بعد، ولازال مجرد مشروع على الورق. ومع ذلك، تستقبل هذه الكلية الطلاب وتقدم دورات طبية، دون احترام الالتزام الرئيسي الذي بناء عليه حصلت على الترخيص.
وقد يكون لهذا الواقع عواقب وخيمة. فطلبة كلية الطب الخاصة يتعين عليهم الاكتفاء بتداريب غير مناسبة تماما. ولكن لا يبدو أن هذا يقلق كثيرا لا مالك الكلية، ولا حتى الوزارة الوصية.
يشار إلى أن المستشفى الخاص بمراكش، وهو موقع التدريب الوحيد الذي ترتكز عليه الآن كلية الطب الخاصة (تم شراؤه في 2018 من مجموعة سهام)، بالكاد يحتوي على 140 سريرا (وليس 171 كما يدعي مسؤولو الكلية، الذين يأخذون في الاعتبار حوالي ثلاثين سريرا مخصصا للعلاجات الخارجية). عندما نعلم أن المعايير الدولية تفرض طالبا واحدا لكل 10 أسرة، باستثناء رعاية المرضى الخارجيين، يجب ألا تتجاوز كلية مراكش الخاصة، نظرا للأسرة التي تتوفر عليها، 14 طالبا فقط، على الرغم من أنها أعلنت عن تسجيل 80 طالبا خلال الموسم الدراسي الأول 2018-2019. ووصل هذا العدد إلى 100 طالب خلال العام الدراسي 2019-2020.
لتبرير هذا الانتهاك الصارخ للمعايير، ترد الوزارة الوصية في كل مرة بأنها ترغب في تلبية "الحاجة الملحة للأطباء في المغرب"، متجاهلة أن هذه الحاجة يجب ألا تكون بأي حال من الأحوال على حساب الظروف التي يجب أن يتم فيها تدريب أطباء الغد في المملكة.
هروب إلى الأمام
أردنا أن نعرف المزيد عن الأسباب التي حالت دون بناء مستشفى من قبل الجامعة الخاصة في مراكش، التي وعدت بها في 2018، والتي كان من المفترض أن يكون شطرها الأول جاهزا في أكتوبر 2019. ولكن الغريب في الأمر أننا علمنا أنه قد تم تأجيل هذا الموعد إلى أكتوبر 2021.
بالرغم من عدم تمكنها من الوفاء بالتزاماتها، فإن إدارة الجامعة الخاصة في مراكش لم تشعر بالحاجة إلى تبرير التأخير في إعداد موقع التدريب في كلية الطب وفقا للمواصفات المعمول بها دولية. واكتفى مسؤولوها بتقديم الوعود تلو الآخرى، وكأن شيئا لم يحدث.
وفي ما يلي الرد الذي تمت صياغته كتابيا من طرف إدارة هذه الجامعة الخاصة، على سؤال بعث به Le360: "بالإضافة إلى المستشفى الخاص بمراكش، أطلقنا أيضا مشروعا لتوسيع مجمع المستشفى الجامعي بما في ذلك مستشفى المحاكاة، داخل حرم الجامعة الخاصة نفسها. سيتم تشغيل الشطر الأولى في بداية العام الدراسي 2021 وفقا لالتزامنا... كما أننا بصدد الحصول على وحدة استشفائية جديدة لزيادة سعة المستشفى الجامعي ليصل إلى 271 سريرا... ستمكننا المشاريع المذكورة أعلاه من زيادة سعة الأسرة لدينا إلى 271 سريرا في أكتوبر 2021، و351 سريرا في بداية العام الدراسي 2022 و500 سرير بحلول عام 2024 مع التوسيع المبرمج للمستشفى الخاص بمراكش. في بداية العام الدراسي 2021/2022، سيتم استقبال طلابنا الـ100 من طلاب السنة الثالثة والرابعة لدينا في كليتنا الاستشفائية الجامعية التي ستضم ما لا يقل عن 270 سريرا". وفي انتظار تنفيذ خطة العمل التي ستمتد على أربع سنوات 2021-2024، والتي تبدو جذابة فقط على الورق، دعنا نلقي نظرة فاحصة على الوضع الحقيقي للتعليم الطبي في كلية الطب الخاصة بمراكش.
في جميع كليات الطب، يبدأ التدريب في المستشفى ابتداء من السنة الثالثة. ويتعين على كلية الطب الخاصة بمراكش، التي بدأت هذا العام تدريب الفوج الثالث من الطلاب، توفير موقع تدريب مناسب لطلابها لفهم الواقع في المستشفى في ظروف جيدة. وقبل كل شيء لتعلم وإتقان ممارسة مهنتهم.
عند السؤال عن هذا الأمر، ترى إدارة الجامعة الخاصة بمراكش أن سعة الأسر الحالية في المستشفى الخاص بمراكش، أي 140 سريرا، كافية. وتفاخرت إدارة الجامعة الخاصة بمراكش بالقول: "بالنسبة للعام الحالي، يستقبل المستشفى الخاص بمراكش 35 طالبا في السنة الثالثة من كلية الطب الذين يؤدون تدريباتهم وفقا لدفاتر المعايير البيداغوجية. نحن نترك الأمر لكم لحساب ومقارنة نسب التأطير لدينا مع الكليات الخاصة الأخرى الموجودة".
ولكن يتجاهل مسؤولو الجامعة أن حساب معدل التأطير هذا لا يعتمد فقط على عدد طلاب السنة الثالثة، ولكن يجب أن يأخذ في الاعتبار الحد الأقصى لعدد الطلاب المسموح لهم كل عام بالتسجيل في تكوين طبي. يتعين على كليات الطب تكييف مواقع التدريب الخاصة بها مع العدد الذي تحدده الوزارة الوصية كل عام.
على سبيل المثال، بالنسبة للعام الدراسي 2020-2021، تم رفع العدد بالنسبة لكلية الطب الخاصة بمراكش إلى 110. وبالتالي، بالنسبة لدورة تكوينية كاملة، مع العلم أن اللجوء إلى التدريب يبدأ من السنة الثالثة، يمكن أن تستقبل كلية الطب الخاصة بمراكش ما يقرب من 550 طالبا بالنسبة للتكوين العام (من السنة الثالثة إلى السابعة). إذا كان يجب أن نضيف إلى هذا ما لا يقل عن 150 طالبا داخلي (الذين يختارون التخصص)، فيمكننا أن نستنتج أن كلية الطب الخاصة بمراكش مسموح لها الآن باستقبال ما مجموعه 700 طالب (السنة الثالثة وما فوق).
مع وجود 140 سريرا، يبدو من الواضح أن موقع التدريب لهذه الكلية أقل بكثير من المعايير الدولية التي تتطلب نسبة طالب واحد لكل 10 أسرة. في المغرب، يبلغ المتوسط في مراكز المستشفيات الجامعية (CHU) في القطاع العام حوالي طالب واحد لكل 5 أسرة. على سبيل المثال، يعمل في مستشفى ابن سينا الجامعي بالرباط 400 إلى 500 طالب بسعة 2000 سرير.
بالمقارنة مع الكليات المغربية الخاصة الأخرى، وبعد تجميع المعطيات المتعلقة بمواقع التدريب والعدد المحدد للعام الدراسي 2020-2021، فإن أضعف نسبة في المغرب توجد في كلية مراكش. يتساءل المرء كيف للوزارة الوصية أن تمنح هذه الكلية عددا كبيرا لا تتوافق بأي حال من الأحوال مع سعة الأسرة المتاحة.
© Copyright : DR
بالإضافة إلى أوجه القصور في موقع التدريب، فإن وضعية أعضاء هيئة التدريس في كلية الطب الخاصة بمراكش، تتكون أساسا من أساتذة زائرين يعملون في القطاع العام، على عكس الكليات الخاصة الأخرى التي تعتمد على مواردها الخاصة (كلية طب الزهراوي التي تضم لوحدها 70 أستاذا دائما).
هذا ليس كل شئ. يجب أن يكون التدريب أيضا على مستوى معقول من النشاط، وفي جميع التخصصات مجتمعة، للسماح للطلاب بالتعرف على الواقع العملي وتعلم مهنة الطب من خلال التعامل مع المرضى مباشرة. ويشرح أستاذ في الطب هذا الأمر، قائلا: "لا يكفي أن تكون لديك أسرة. بدون مرضى، لا فائدة من قاعات التدريب"، كاشفا عن معطى مهم للغاية. وأوضح بأنه داخل المستشفى الخاص بمراكش فإن الأطباء هم الذين يجلبون المرضى (كل طبيب يجلب مرضاه)، لذلك ليست شهرة المستشفى هي التي تجذبهم.
على عكس الوضعية في الدار البيضاء أو الرباط، حيث أحدثت كليات الطب الخاصة بالمستشفيات الجامعية التي تم إنشاؤها بالفعل وحظيت بسمعة كبيرة على مر السنين، فإن كلية مراكش تم إحداثها على عجل بمستشفى لا تاريخ له و راكم الخسائر عام بعد عام منذ افتتاحه في الربع الثاني من عام 2016.
ويقول مالك مصحة خاصة بالدار البيضاء: "لا يمكن اتخاذ طرق مختصرة في مجال الصحة. السمعة تكتسب مع مرور الوقت. لتحقيق هذا المستوى من الأداء، من الضروري التوفر على طاقم طبي ذو مهارات عالية. ومع ذلك، في هذا المجال على وجه التحديد، تتركز أفضل المهارات في الدار البيضاء والرباط".
عتبة الخلاف
من خلال شراء مستشفى هش للغاية بقيمة 500 مليون درهم (وهو مبلغ كشفت عنه العديد من وسائل الإعلام)، كان محمد القباج، مؤسس الجامعة الخاصة لمراكش، على يقين من ضمان عائد سريع لهذا الاستثمار بفضل الرسوم الدراسية التي سيكسبها من كلية الطب (يجب على كل طالب أن يدفع سنويا مبلغا ماليا كبيرا، في حدود 120.000 درهم).
بالإضافة إلى ذلك، أدى الإجراء الذي اتخذه أمزازي يوم الأحد 2 غشت 2020، والذي خفض الحد الأدنى للقبول في كليات الطب إلى متوسط 12 من أصل 20، إلى تحسين تجارة محمد القباج. إن الحجة، التي قدمت لتبرير هذا القرار والتي مفادها أن هذا التخفيض سيساهم في تلبية الحاجة الملحة للأطباء في المغرب، غير مقنعة على الإطلاق.
وقد احتج عميد كلية طب في القطاع العام، قائلا: "في امتحانات القبول في كليات الطب في المغرب، هناك أعداد لا حصر لها من الطلاب الذين يتقدمون بطلبات. وفي كل جامعة، توجد قوائم انتظار لا حصر لها تتجاوز ضعفين إلى ثلاثة أضعاف القدرة الاستيعابية للكلية. لذلك لا تواجه كليات الطب مشكلة في استقطاب الحاصلين على البكالوريا. إذا كنا نريد حقًا زيادة عدد الأطباء، فعلينا زيادة عدد الجامعات عالية الجودة".
من جهتها، قالت وزارة التعليم العالي إن العتبة قد تم تعديلها من أجل احترام تكافؤ الفرص. "بمجرد تحديد هذه العتبة بالنسبة للقطاع العام، كانت العتبة نفسها ملزمة في القطاع الخاص، وفقا لمبدأ أنه يجب أن يكون لدينا نفس المتطلبات لكلا القطاعين. لم تكن هناك رغبة في تحديد عتبة بالنسبة للقطاع الخاص أو حتى أقل من ذلك لصالح مؤسسة معينة "، بحسب ما صرح به محمد طاهري، مدير التعليم العالي في هذه الوزارة.
ويرى الشاب العضو في التنسيقية الوطنية لطلاب الطب أن تحديد عتبة الولوج في 12 من 20، يبدو في الظاهر عادلا ولكنه ليس كذلك. وأوضح قائلا: "بحصوله على معدل 12/20، يتوفر الشاب الحاصل على البكالوريا والمنتمي لعائلة ثرية على فرص أكبر في ولوج كلية خاصة أكثر من شاب حاصل على البكالوريا ويحمل معدل 16/20 من عائلة فقيرة في ولوج كلية عمومية".
يرى معظم الأشخاص الذين تمت مقابلتهم حول هذا الموضوع أن الجامعة الوحيدة التي واجهت صعوبة في استقطاب الطلاب هي جامعة مراكش، التي تعاني من أجل التوفر على موقع تدريب مناسب وهيئة تدريس دائمة. في نظرهم، فإن كلية الطب الخاصة هي الوحيدة التي لها مصلحة في خفض عتبة القبول في المباريات، من أجل جذب الطلاب الذين لم تكن لديهم فرصة للقبول في مكان آخر. ويعتقد العديد من المراقبين أن التخفيض في معدل القبول في كليات الطب كان مفصلا على المقاس لكي يناسب كلية الطب الخاصة. كان من المحرج حقا أن تكون كلية الطب الخاصة من بين باقي الكليات الخاصة التي تطلب مثل هذا المعدل المنخفض. لذلك سارعت الوزارة الوصية على ما يبدو حينها إلى مساعدتها من خلال تعميم الحد الأدنى الجديد للاختيار الأولي لجميع كليات الطب، العامة والخاصة.
"هذا الإجراء بحد ذاته هو دليل صارخ على المحسوبية التي تتمتع بها كلية مراكش"، هذا ما خلص إليه إطار سابق في وزارة التعليم العالي، وهو يعرف جيدا خبايا هذا الملف.
وتجدر الإشارة إلى أنه في التحقيق الذي أجريناه في غشت 2020، تحدث Le360 عن الظروف الغامضة التي رأت فيها كلية الطب الخاصة بمراكش النور في شهر شتنبر 2018. وقد بينا، استنادا على الأدلة، أن المستشفى الخاص بمراكش لا يمكن أن يشكل فضاء حقيقيا للأطباء المتدربين، نظرا لقدرته الاستيعابية المنخفضة.
وأثرنا أيضا الصفقة المبرمة بين جامعة محمد القباج من جهة، وMeden Healthcare، القطب الصحي بمجموعة سهام، المملوكة لمولاي حفيظ العلمي، من جهة أخرى، من أجل الاستحواذ على المستشفى الخاص بمراكش. ثم لاحظنا أنه بعد أقل من شهرين من افتتاح كلية الطب الخاصة بمراكش، كان هناك جزء أساسي لا يزال مفقودا من هذا الملف: المستشفى، الذي كان من المقرر أن يكون بمثابة موقع تدريب للطلاب، وفقًا لأحكام القانون المعمول به.
ثم تساءلنا عن شبه التزامن المزعج لثلاث أحداث: تم منح الرخصة من قبل الوزارة الوصية، و شراء المستشفى وفتحت الكلية لأبوابها.
بعد مرور عام، الخلاصة واضحة: الظروف الغامضة التي سادت خلال افتتاح كلية الطب في مراكش لها تأثير سلبي كبير ليس فقط على جودة التعليم الطبي في هذه المؤسسة، ولكن أيضا على مجموع كليات الطب في المغرب.