حلول سحرية، ووعود وردية بالقضاء على شتى أنواع الأمراض. بكبسة زر، ستقدّم طلبك للتوصل بعد أيام فقط بمنتوج شبه طبي إلى باب منزلك، دون الحاجة إلى اللجوء إلى طبيب للكشف.
ولاحظ متابعون زيادة مطردة في الآونة الأخيرة للبيع الإلكتروني للأدوية، خصوصا أثناء الحجر الصحي، بما يخالف قانون الصيدلة المغربي الذي يحصر بيع الدواء على الصيدليات المرخصة من طرف وزارة الصحة، والتي يشرف عليها صيدلي حائز على رخصة مزاولة المهنة.
خطورة على الصحة العامة
في تصريح لسكاي نيوز عربية، قال الدكتور حمزة كديرة، رئيس المجلس الوطني لهيئة صيادلة المغرب: "إن القانون 17.04 يمنع بيع الأدوية بطريقة غير مرخصة، ويوضح مسالك بيع الدواء، أي المُصنّع ثم الموزع ثم الصيدلي. ما نلاحظه الآن من بيع للأدوية عبر الأنترنت قد تكون له عواقب وخيمة على صحة المستهلك. إذن فالمسألة محسومة بالنسبة للأدوية."
واستطرد المتحدث قائلا: "أما فيما يخص المكملات الغذائية، فقد اشتغلنا منذ سنتين مع الوزارة الوصية حول إعداد قانون يؤطر تداولها، لكن ذلك توقف بسبب الجائحة التي استأثرت بكل الجهود."
وأوضح، رئيس المجلس الوطني لهيئة صيادلة المغرب، أن هذه الأدوية أو المكملات الغذائية غالبا ما تكون مجهولة المصدر، وليست مخزنة بطرق سليمة، وهذا ما قد يحولها إلى سموم تشكل خطورة على صحة المواطنين.
وخلُص حمزة كديرة، إلى أن التسويق العشوائي للأدوية كما هو جار عبر الإنترنت وخاصة منصات التواصل الاجتماعي، يطرح العديد من الإشكالات؛ أولها غياب الوضوح وانعدام تتبع مسار الأدوية، وبالتالي في حال تعرض مستهلك الأدوية المقتناة عبر هذا المسار العشوائي لمضاعفات، فإن تحديد المسؤولية يبقى مبهما. في حين، تكون المسؤولية محددة بشكل دقيق في حالة حدوث مكروه لشخص اقتنى الدواء من القنوات المرخص لها من صيدليات أو مصحات أو غيرها من المؤسسات الصحية المرخص لها والتي تشتغل تحت تأطير ومراقبة وزارة الصحة.
النيابة العامة تدخل على الخط
أمام هذا الوضع، تستعد النيابة العامة المغربية لحظر تسويق الأدوية عبر الإنترنت، حيث تم إعداد مذكرة بهذا الخصوص وأصبحت جاهزة.
وسيضع هذا القرار حدا لتسويق الأدوية المهربة أو المزورة، وكذا إيقاف لتسويق الأدوية عبر الإنترنت بطريقة عشوائية، لما يشكله ذلك من خطورة على الصحة العامة.
قال محمد لحبابي، رئيس كونفدرالية نقابات صيادلة المغرب، إن هذا القرار يأتي بعدما تقدمت الكونفدرالية التي يشرف عليها، بعدة شكايات للنيابة العامة، تحذر من خلالها، من تفشي ظاهرة بيع الأدوية في السوق السوداء عموما، وعبر الأنترنت على وجه الخصوص.
وأضاف المتحدث، في تصريح لوسائل إعلام محلية، أن هذا القرار المرتقب سيضع حدا لتسويق الأدوية عبر الإنترنت بطريقة عشوائية.
وتقدمت الكونفدرالية، في يناير الماضي، بشكوى قانونية أسفرت عن الإطاحة بشبكة إجرامية تنشط في مجال التسويق الرقمي للأدوية، وتمكّنت فرقة مكافحة الجريمة الإلكترونية من حجز كميات كبيرة من الأدوية، بلغت 20 ألف علبة، من بينها أدوية مجهولة المصدر.
وتُؤكد المعطيات أن المواد المحجوزة تم إدخالها من خلال المعبر الحدودي الذي يربط شمال المملكة بمدينة سبتة، قبل أن يتم الترويج لها وبيعها عبر شبكة الإنترنت، خارج المقتضيات الجاري بها العمل في هذا النوع من المعاملات التجارية.
مطالب متكررة بتدخل السلطات
حذر الدكتور فؤاد بنصغير، أستاذ جامعي وخبير في القانون الإلكتروني، في مقال له بعنوان "بيع الأدوية في الأنترنت: نشاط تجاري خارج القانون؟"، من بيع الأدوية عبر الأنترنت.
وحسب الخبير فإن: العديد من الصيدليات التي تبيع اليوم الأدوية عبر الأنترنت هي صيدليات قد تكون مرخصة في بلدان أجنبية، لكن يوجد الكثير منها غير مرخص لها بمزاولة هذا النشاط، بل أن منها من ليست صيدليات على الإطلاق، يشرف عليها أشخاص لا علاقة لهم بمهنة الصيدلة، تبيع بعض الأدوية التي لم تعتمدها الجهات الصحية المختصة أو قد تبيع حتى الأدوية غير المشروعة."
ونبه الباحث إلى أن "هذا الأمر يعتبر بطبيعة الحال مخالفا للقانون تماما، لأن المكان المسموح به في القانون المغربي لبيع الدواء هو الصيدلية المرخصة من قِبل وزارة الصحة."
واستدرك الدكتور بنصغير قائلا: "ومع ذلك نقول إننا لسنا ضد الترخيص ببيع الأدوية عبر الأنترنت، لكن قبل ذلك يجب وضع الشروط التقنية والقانونية الخاصة والصارمة، والتي يتوفر المغرب على بعض منها. ولكن مازال أمامه الكثير من أجل تشجيع هذا النوع من النشاط من جهة وحماية المستهلك والصحة العامة من جهة أخرى." منبها إلى "ضرورة التمييز هنا بين النظام القانوني الخاص بنشاط التجارة الإلكترونية للأدوية والنظام القانوني العام الذي يطبق على هذا النشاط".
من جانبها، قالت جمعية عالم الصيادلة المغاربة "فارما"، أن وزارة الصحة تغض طرفها عن فوضى بيع الأدوية والمكمّلات الغذائية بشكل غير قانوني، لا سيما عبر الإنترنت.
وأكدت الجمعية في ندوة صحفية عن بُعد، صباح السبت 9 يناير الماضي، أن تجارة الأدوية عبر الإنترنت تشكل خطرا وتهديدا حقيقيا على صحة المواطنين.
وفي هذا الصدد سجل رئيس الجمعية، محمد سلمي، غياب المراقبة من لدن وزارة الصحة، أو نص قانوني يؤطر هذا النوع من التجارة الإلكترونية، في الوقت الذي يتم تداول كميات أكبر من الأدوية والمكمّلات الغذائية والمواد المعقّمة مجهولة المصدر والمحتوى، ما يضع صحة المغاربة في خطر.
كما يشتكي مهنيون من الإعلانات التي تُروج لأدوية مجهولة المصدر، خاصة بعض المواد الحيوية التي تعرف "شُحا" أو انقطاعاً مؤقتاً في السوق الوطنية عبر الصيدليات، أو تلك التي يكثر الإقبال عليها في ظل أزمة كورونا الصحية، على غرار فيتامين "س" والزنك.