مرت أكثر من 5 أشهر ومشاروات تشكيل الحكومة تعيش حالة من "البلوكاج"، الذي لا محالة له تأثيرات سلبية على الاقتصاد المغربي. فلا أحد يمكنه تجاهل دور الدولة في عدة قطاعات من خلال الأوراش الكبرى الخاصة بالبنية التحتية والمشاريع الكبرى الاستثمارية. ولكن الوضع الحالي يشير إلى أن جميع المصالح لا يمكنها الانخراط في أي مشاريع كبرى مادام أن الحكومة لم ترى النور بعد.
الوزراء المتواجدون حاليا، لديهم مهمة واحدة هي تصريف الأعمال والحفاظ على صيرورة عمل المصالح العمومية. حالة "البلوكاج" تقزم من مجال تدخلات وزراء تصريف الأعمال، وكذلك تعثر عملية التأشير على المشاريع الاستثمارية، التي تطلقها الدولة، والتي تحفز عادة نشاطات المقاولات.
من أهم تجليات تأثير حالة "البلوكاج" على الاقتصاد المغربي، تراجع استثمارات الميزانية العامة بنسبة 1 في المائة. هذا رقم بسيط ولكن يصبح هذا المعطى أساسيا ومهما عندما نعلم أن قانون المالية لسنة 2017 يتوقع رفع استثمارات الميزانية العامة بـ3.5 في المائة.
مشاريع عمومية موقوفة التنفيذ
صحيح أن الإطلاع على موقع الصفقات العمومية، يظهر وجود صفقات جديدة ما يعد يعتبر مبشرا بالنسبة للمقاولات التي تنشط في مجال الخدمات العمومية وتعتمد أساسا على طلبات العروض العمومية. لكن ما يجب أن نستوعبه هو أن هذه الصفقات كانت مدرجة سابقا وتم التأشير عليها وحصلت على تراخيص السلطات المعنية، أو أنها لا تعني بالضرورة الحكومة.
بعبارة أخرى، هذه الصفقات تم إدراجها لتاريخ لما قبل 10 أكتوبر 2016. ويوما بعد يوم، لائحة هذه المشاريع ستتقلص وقريبا لن يتم إطلاق أي صفقة عمومية، على الأقل في الوضع الحالي، الذي تتشكل معه الحكومة بعد، ولم يتسلم الوزراء الجدد مهامهم.
هذه الوضعية ستتسبب في مشاكل للقطاع الاقتصادي كاملا، وهذا ما يقع حاليا ويدخل الاقتصاد في نوع من الضبابية، تؤثر على المقاولات الخاصة التي تنشط في مجال الصفقات العمومية وتجد صعوبة في عمليات الدفع أمام نقص الموارد أو انعدامها، مما يؤخر عمليات الدفع في الاقتصاد كاملا.
محنة المستثمرين الأجانب والشركات العمومية
حالة الضبابية التي أفرزها "البلوكاج" الحكومي، أضرت بنقاط استراتيجية تدعم السياسة الاقتصادية بالمغرب، وهي الاستثمارات الأجنبية، فقد كشفت مصادر، اليوم، أنه لوحظ نوع من التردد لدى بعض المستثمرين، الذين كانوا يطمحون إلى الدخول باستثماراتهم إلى المغرب، إلا أنهم تراجعوا أو أبانوا عن شعور بالتردد بسبب غياب محاورين من الحكومة. فمن الصعب تخيل لقاء أي مستثمر مع مسؤول حكومي ومناقشته حول المشاريع المقترحة، هو يعلم أن الوزير المذكور قد لن يكون في الحكومة المقبلة.
من ناحية أخرى، سنة 2017 من المقرر أن تعرف إطلاق عدد من الأوراش القانونية، التي ستساهم في دعم الاقتصاد المغربي، كما هو الشأن بالإجراءات الجديدة التي تخص نظام الصرف وهو الإجراء، الذي سيعوض قانون 2003. إلا أننا هذه الإجراءات الجديدة ستتأخر هي كذلك إلى أجل غير محدد.
وتطلبت الإجراءات نظام الصرف عملا كبيرا، قصد تسهيل العمل بالنسبة للمقاولات التي تستثمر بالخارج وكذا الموريدين والمصدرين، وذلك في سبيل خلق نوع من التنافسية.
شركات ضحايا "البلوكاج"
حالة "البلوكاج" الحكومي لم تؤثر سلبا فقط على الشركات في القطاع الخاص والمستثمرين الأجانب، بل كذلك الشركات العمومية التي تنتظر ردا تشكيل الحكومة لمباشرة المشاريع المدرجة.
أكثر 10 شركات مؤسسات عمومية، تنتظر توقيع عقد برنامج مع الدولة، من بينها شركة الطرق السيارة بالمغرب، والتي لن تتمكن سوى من إنجاز المشاريع المؤشر عليها في الحكومة المنتهية ولايتها، وهي المشاريع التي تخص صيانة شبكة الطرق الحالية.
وأمام غياب الحكومة ومعه عقد البرنامج، لا يمكن الشروع في إنجاز طريق سيار جديد. فالحكومة مهمتها تحديد الأهداف الخاصة بتحسين شبكة الطرق السيارة.