يأتي هذا الكتاب وعياً من بلقاسم وعتيقي بالمكانة المحورية التي يُمثّلها كيليطو اليوم. ذلك أنّه راكم متوناً نقدية قويّة استطاعت على مدار سنوات اختراق واقع النقد العربي. فهي كتاباتٌ تجديدية تُعطي للشكل قيمة كبيرة. ورغم صغر حجمها فإنّ زخمها الفكريّ قوي جداً على ذائقة القارئ والباحث معاً. وتعتبر مؤلّفات صاحب « الأدب والغرابة » عبارة عن كتابات تفكيكية من ناحية تفكيرها وتتمتّع بقدرٍ كبير من الدهشة على ذاتية القارئ. بل يجد نفسه أمام كتابة مغايرة من ناحية نسق التفكير لدرجةٍ تبدو فيها الكتابة تتجاوز النقد الكلاسيكي صوب مجال الفكر. إنّ القارئ لكتابات كيليطو يجد نفسه كتابة تُحطّ كافة يقينيات المميتة حول مفهوم الأدب. فقد دأب النقاد العرب على إقامة فصل بين الفكر والأدب. في حين يعمل النقد الأدبي عند كيليطو وفق آلية فكريّة تستلهم مناهج تحليلية من العلوم الإنسانية ونظيرتها الاجتماعية.
جدير بالذكر أنّ مثل هذه الكتابات التي تأخذ من الحوار ذريعة للتفكير غير موجودة داخل الثقافة المغربية. إذْ يعتبرون الناشرون أنّ الحوارات تنتمي إلى الصحافة أكثر من كونها تنتمي إلى المجال العلمي. بل إننّا نجد في بعض الحوارات مع مفكرين وفنانين ومؤرخين ما لا نعثر عليه داخل كتبهم. وتستمدّ هذه الحوارات مكانتها وقوتها في كونها تفتح الكاتب على الجانب الحميمي للمبدع في علاقته بالكتابة والفضاء والجسد وغيرها من العناصر التي تشكل عالم الكاتب.