وتستمر الدورة الدولية لماطا حتى مساء يوم الأحد الرابع من شهر يونيو 2023، في لقاء مع فرسان منطقة مدشر زنيد جماعة أربعاء عياشة دائرة مولاي عبد السلام ابن مشيش بإقليم العرائش، حيث سيتم تتويج الفائز بمسابقة هذه الدورة التي تنظمها الجمعية العلمية العروسية للعمل الاجتماعي والثقافي، بشراكة مع المهرجان الدولي للتنوع الثقافي لليونسكو.
وتأتي هذه الدورة الجديدة، حسب اللجنة المنظمة، لتأكيد التزام المهرجان الدولي لفروسية ماطا بمواصلة الحفاظ على هذا التراث اللامادي الأصيل، وللحفاظ على موروث الفروسية بجهة شمال المغرب وترسيخ حضوره وإشعاعه.
وتعتبر مسابقة ماطا للفروسية حجر الزاوية في أيام المهرجان، كونها تساهم في إحياء الموروث الحضاري غير المادي الأصيل والحفاظ عليه وصيانته، حيث أصبحت ماطا نقطة وفضاءً للحوار وللتواصل الثقافي والاجتماعي والاقتصادي بين القارات، كما يشكل المهرجان نقطة تقارب بين الشمال وأبناء الجنوب.
ويثمن الحدث الدولي الذي ينتظر ان تحضره العديد من الشخصيات من داخل وخارج المغرب، مكانة الفرس في جهة الشمال وقوة فرسانها، كما يعزز أيضا التنمية الاقتصادية والسياحية بالجهات الشمالية والجنوبية للمملكة من خلال تسليط الضوء على إمكانياتها العديدة والترويج للمنتجات المجالية والحرفية الغنية والمتنوعة التي أضحت تتمتع بشهرة عالمية.
وجرى وضع برنامج غني بالأنشطة المواكبة لدورة هذا العام،خلال الأيام الثلاثة للحدث، حيث سيتمكن الضيوف والزوار المغاربة والأجانب من السفر عبر التاريخ بفضل مسابقة «ماطا» واستكشاف معارض المنتجات المجالية وحرف الصناعة التقليدية المغربية، إلى جانب تنظيم ليالي المهرجان التي ستتخللها سهرات وأمسيات في فن السماع الصوفي والفلكلور الموسيقي المحلي والوطني، بالإضافة إلى فقرات تنشيطية أخرى كحملة تحسيسية بأهمية احترام البيئة.
وسيكون عدد من الأقاليم الجنوبية للمملكة الضيف الدائم للمهرجان، حيث ستعرض منتجاتها إلى جانب تعاونيات المنطقة الشمالية، وتسمح للزوار باكتشاف تنوع وثراء كنوز المغرب، وذلك تعزيزا للسياحة والديناميكيات الثقافية والاجتماعية.
«ماطا»، تراث عالمي
في جميع أنحاء جبل العلم بضواحي العرائش، يستقبل الفلاحون الربيع من خلال ممارسة لعبة فريدة تتطلب الشجاعة والدقة والمرونة والذكاء بالإضافة إلى سلاسة براعة كبيرة من ممارسيها، وهي لعبة يتوحد فيها الحصان والفارس، في تناغم تام، للاحتفاء بثقافة عريقة لمنطقة رائعة، وقد أطلق سكان جبالة على اللعبة اسم «ماطا».
وتحرص في كل سنة تقريبا، قبائل بني عروس على هذه التقاليد، كما تحرص على تطبيق قواعد اللعبة بدقة عالية، بعد غربلة حقول القمح، في قرية أزنيد أولاً، ثم في مناطق أخرى بعد ذلك، تواكب الفتيات والنساء من القبيلة هذه العملية التي كلفن بها بأغانيهن، وزغاريدهن الشهيرة، التي تمتزج بصوت الغيطة والطبول الذي تشتهر به المنطقة، وهن نفس النساء اللواتي يصنعن، بفضل القصب والأقمشة، الدمية التي سيتنافس عليها أشجع المتسابقين في منطقة جبالة، الجهة حيث فن ركوب الخيل وتربيتها وتدريبها تعتبر خصوصية ثقافية قوية.
ويتوجب على المتسابقون المشاركون في لعبة «ماطا» ركوب الخيول دون سروج، مرتدين الجلباب والعمامات، ووفقًا للتقاليد الشفوية، فإن الفائز في لعبة «ماطا» هو الشخص الذي سوف يسحب الدمية من الفرسان الآخرين ويأخذها بعيدا، باستخدام مهارته وشجاعته، ويحصل على مكافأة وهي كونه سيصبح زوج أجمل فتاة في القبيلة.
وحسب المؤرخين، فمن المحتمل أن تكون لعبة «ماطا» مستوحاة من بوزكاشي، وهي لعبة مشابهة ولكنها أكثر عنفا، تم استلهامها، حسب الأسطورة، من قبل مولاي عبد السلام بن مشيش خلال زيارته لابن بوخاري.