يعد يوب واحداً من النقاد الذين قدموا متناً نقدياً مختلفاً للعمل الأدبي، ذلك إنّ قيمته تبدو بارزة داخل مشهد أدبي بدأ يفقد الكثير من وهجه الثقافي، في وقت تنسحب فيه الممارسات الثقافية الجادة وتفسح المجال ممارسات ترفيهية يصعب إدراجها ضمن الرأسمال الثقافي. وفي الوقت الذي أصبحت فيه الرواية تنال حظوة رمزية كبيرة داخل الساحة الثقافية، يسافر محمد يوب صوب عوالم القصة القصيرة، مؤمناً بأفكاره ومواقفه ورؤيته لما ينبغي أنْ تكون عليه الثقافة والطريقة التي ينبغي بها التفكير في الموضوعات والقضايا والإشكالات ذات الصلة بالثقافة المغربية.
والحقيقة أنّ ذهابه صوب القصة وفي هذه المرحلة المظلمة التي يعيشها النقد الأدبي، يعطي للثقافة بصيصاً من الأمل، بغية التفكير في قضايا أدبية ظلّت في حكم اللافمكّر فيه داخل الممارسات الثقافية بالمغرب، سيما وأنّ القصة القصيرة عرفت في السنوات الأخيرة ضعفاً في الإقبال على قراءتها والتفاعل مع ما يكتبه كتّاب القصة القصيرة، رغم جودة ما يكتبه البعض فيهذا المجال التعبيري.
يقول محمد يوب «لم يعد ينظر إلى القصة القصيرة بأنها ذلك الفن الأدبي الذي يملأ الفراغ، ويطرد الملل ويقدم المتعة الفنية والجمالية فحسب. وإنما أصبحت فنا هادفاً، يفضح شرخاً في المجتمع أو انكساراً في الذات الإنسانية بطريقة متخيّلة، تبنتها الكلمات والجمل والتعابير، في حركة تواصلية دائمة بين الكاتب والمتلقي. ولا نأتي بالجديد، إذا توقفنا عند حدود البنية النصية للقصة القصيرة التي استهلكتها البنيوية أو الوقوف على حياة الكاتب وظروفه الاجتماعية التي استفاضت فيها سوسيولوجيا الأدب، وإنما سنتناول جانباً مهماً فيها، وهو النظر إليها بوصفها خطابا حجاجيا يمارس سلطة الإقناع على المتلقي».




