وتروم هذه الندوة مقاربة الرواية باعتبارها فضاءً خصبًا لتفاعل الفكر الإنساني، حيث تنفتح على الفلسفة والعلوم الإنسانية في علاقة تفاعلية مثمرة. فالرواية لا تكتفي بسرد الأحداث أو تصوير الشخصيات، بل تسعى إلى مساءلة العالم والوجود، وهو ما يجعلها تقترب من الفلسفة التي تُعنى بتفكيك تعقيدات الحياة والبحث عن المعنى. من جهتها، تغني العلوم الإنسانية الرواية بأدوات تحليلية تفسر السلوك الفردي والجماعي، وتكشف عن البُنى النفسية والاجتماعية والثقافية التي تشكل الكائن الإنساني. وهكذا، تستفيد الرواية من الفلسفة والعلوم الإنسانية، كما تمنحها، في المقابل، مادة حية وتجريبية لصياغة الأسئلة الكبرى حول الإنسان والعالم.
يشارك في هذه الندوة كل من حسن المودن ومحمد أيت حنا وعبد الرزاق مصباحي والمهدي مستقيم وسعاد مسكين وادريس الخضراوي وسعيد الفلاق وسعيد أعبو وأسماء عريش وإبراهيم أولحيان وأسامة الصغير وزهور العزوزي ورشيد الخدري وحسن الادريسي ونزار قريش وعبد الجليل الشافعي وحسن الناجي.
تأتي قيمة هذه الندوة في كونها تُعيد نسيج العلاقة بين الأدب والفلسفة أمام موروث فكري قطع فيه الفكر الغربي أشواطاً طويلة. ذلك إنّ العلاقة بين الفلسفة والرواية كبيرة، بحيث نعثر داخل عدد من الروايات على أفكار فلسفية، بما يعني أنّ الأدب عموماً قادر على احتواء هذا النمط من التفكير المجرّد، بل أحياناً يجد بعض الباحثين في الرواية متنفساً جمالياً وأفقاً فكرياً لمناقشة قضايا وإشكالات يصعب طرحها داخل المتن الفلسفي بسبب صرامته المنهجية وعدّته المفاهيمية النظرية.
